2025-07-16 5:29 م
إدارة الموقع
2025-07-16 5:29 م
نوافذ الفكر والدعوةالفكر والدعوة

الزهد الإيجابي والورع

إن المسلم الذي لديه الزهد هو الذي يقنع بما آتاه الله ولا يأسى على ما فاته من الدنيا ولا يعلق قلبه بغير ربه تعالى ويكون بما في يد الله أوثق مما في يده، ويعرض عن كل ما يشغله عن ربه وعبادته، فالزاهد الحق هو من سلك مسلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

أولا: تعريف الزهد

الزهد في الدين ضد الرغبة والحرص على الدنيا ومادتها اللغوية، زهد يزهد زهدا فهو زاهد من الزهادة وقد ترد بمعنى الرخيص والقليل والحقير وما الى ذلك.

ثانيا: الزهد في الاسلام  

  • وهو القيام بالعبادة الشاملة للعبادات الشعائرية قال تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ }[البقرة:83] وقال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}[البقرة:183]، وقال تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين}[آل عمران:97].
  • والعبادات الوظيفية، قال تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيب}[هود:61].
  • والتمتع بمتع الحياة بنية انها معينات لنا على أداء دورنا في الحياة قال تعالى {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ   تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين}[القصص:77] قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون}[البقرة:172] وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم}[المؤمنون:51]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا إسراف فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)

فالإسلام لا يرغب عن الدنيا بل يرغب عن حرامها، ولا يرغب فيها بل يرغب في العمل الصالح، الإسلام لايزهد الناس في الدنيا ليتركوها بالكلية فقط، ولا يرغبهم في الآخرة ليقبلوا عليها بالكلية وتركوا الدنيا، بل يتخذوا بين ذلك سبيلا وهو الجمع بين خيري الدنيا والآخرة.

أما زهد النساك الذين انقطعوا عن الدنيا بالكلية ورغبوا في الآخرة، فهذه نافلة فرضوها على أنفسهم ولم يفرضها الله عليهم قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون}[الحديد:27]

فالزهد الحقيقي هو الكف عن المعصية والإنفاق على الذات، والأسرة، والإنفاق في وجوه الخير، ولبناء المستقبل للفرد والاسرة والمجتمع، ليكون له الأثر الإيجابي في البناء الحضاري، قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُون}[البقرة:219] فهذا زهد مطلوب حث عليه الإسلام قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون}[الحشر:9] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له بعد موته ) رواه مسلم.

حضارة الإسلام لم تقم بترك الدنيا والانقطاع للآخرة؛ بل مزجت الدنيا بالآخرة فأتت أكلها طيبة

ثالثا: مراتب الـزهد ثلاث مراتب

  1. المرتبة الاولى: زهد الفرض وهو الامتناع عما حرم الله وقد حرما الله اكل المال بالباطل قال تعالى {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون}[البقرة:188] وقال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء:29] واكل المال بالباطل هو اخذه دون وجه حق الامثلة : الرشوة  السرقة   الربا النصب والاحتيال   بيع الوظائف لأشخاص لا يستحقونها وحرمان من يستحقها او التمسك بالوظيفة رغم وجود من هو احق بها منه قال الرسول صلى الله عليه وسلم (اذا وسد الامر الى غير اهله فانتظر الساعة )رواه البخاري.
  2. المرتبة الثانية: زهد السلامة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (: إنَّ الحلال بيِّنٌ، وإنَّ الحرام بيِّنٌ، وبينهما أمور مُشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمَن اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومَن وقع في الشُّبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يُوشك أن يرتع فيه، ألا وإنَّ لكل ملكٍ حمى، ألا وإنَّ حمى الله محارمه، ألا وإنَّ في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله، ألا وهي القلب. رواه البخاري ومسلم،الأمثلة على الشبهات مصافحة الرجل المرأة الأجنبية، أو الخلوة بها، أو الإكثار بالتواصل التلفوني أو الكلام المباشر بين الذكر والأنثى دون حاجة لذلك، أو أخذ المال مقابل تحقيق أشياء غير مشروعة مثل مقابل الغش، أو رفع درجات الطالب وهو لا يستحق، أو الوساطة بشراء وظائف للغير وإحرام مستحقها، أو مقابل ترقيم في الجيش والأمن لشخص لا يستحق.
  3. المرتبة الثالثة: زهد الفضل وهو ترك الحلال إذا كان سيعيق عن أداء مهمة مطلوبة منه في ذلك الوقت.

رابعا: الورع

  • الورع في اللغة: هو الابتعاد عن الشبهات أو الكف عن المحارم والتحرر منهما.
  • الورع في الاصطلاح الشرعي: هو تجنب كل ما يعد من الشبهات خشية الوقوع في الحرام أو ترك مالا بأس به حذر مما به بأس، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يبلغُ العبدُ أن يَكونَ منَ المتَّقينَ حتَّى يدعَ ما لا بأسَ بِهِ حذرًا ممَّا بِهِ بأسٌ) رواه الترمذي، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (دع ما يريبك إلى مالا يريبك) رواه الترمذي والنسائي.
  • الورع الكاذب: وهو التظاهر بالورع قال تعالى {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}[الكهف:103]{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}[الكهف:104]{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}[الكهف:105]{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا}[الكهف:106] وذلك بالتحري في الأمور الجزئية ولا يبالي بأهم الأمور الأمثلة الرجل العراقي الذي سأل ابن عباس عن دم البرغوث، الذي يهتم بالجزئيات التافهة في المسجد ويأكل اوقاف المسجد الذي يهتم بالنوافل ويحرم الورثة من الميراث.

خامسا: الفرق بين الزهد والورع

  1. الزهد ترك ما لاينفع في الدنيا والآخرة.
  2. الورع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة.

الابتلاء بالشر والخير

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى