2025-07-12 10:48 ص
إدارة الموقع
2025-07-12 10:48 ص
ليتفقهوا

دورس من الهجرة

للهجرة النبوية أبعاد عظيمة ودروس خالدة، لم تقتصر على الرجال فقط، بل برز فيها دور المرأة بأشكاله المتعددة، لتثبت أن للنساء مكانة رفيعة في نصرة الدعوة وتاريخ الإسلام. ومن خلال وقائع الهجرة، تتجلى لنا مواقف مشرفة للصحابيات، كأسماء وعائشة رضي الله عنهما، إلى جانب دروس في الأمانة، والتخطيط، وسنة التدرج في بناء الأمة. في هذه المقالة نسلّط الضوء على هذه الجوانب المضيئة، لنستلهم منها الوعي والثبات في طريق الدعوة والعمل الصالح.

دور المرأة في الهجرة وأثرها العظيم في نصرة الدعوة

لمعت في سماء الهجرة أسماء كثيرة، كان لها فضل كبير ونصيب وافر من الجهاد، منها:

عائشة بنت أبي بكر الصديق التي حفظت لنا القصة ووعتها، وبلغتها للأمة.

أسماء ذات النطاقين، التي أسهمت في تموين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار، بالماء والغذاء، وكيف تحملت الأذى في سبيل الله، فقد حدثتنا عن ذلك فقالت: “لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟ .. قلت: لا أدري والله أين أبي، فرفع أبو جهل يده ـ وكان فاحشاً خبيثاً ـ فلطم خدي لطمة طرح منها قُرطي، قالت: ثم انصرفوا.”

هذا درس من أسماء رضي الله عنها، تعلمه لنساء المسلمين جيلاً بعد جيل، كيف تخفي أسرار المسلمين عن الأعداء وكيف تقف صامدة شامخة أمام قوى البغي والظلم.

  • قوة المرأة وثباتها في المحن

وأما درسها الثاني البليغ فعندما دخل عليها جدُّها أبو قحافة، وقد ذهب بصره، فقال:“والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه.”

قالت: “كلا يا أبت، ضع يدك على هذا المال.” فَوَضَعَ يده عليه، فقال: “لا بأس إذا كان ترك لكم هذا، فقد أحسن.”

وفي هذا بلاغ لكم، قالت: “ولا والله ما ترك لنا شيئاً ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك.”(7)

أمانات المشركين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

في إيداع المشركين ودائعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع محاربتهم له، وتصميمهم على قتله دليل باهر على تناقضهم العجيب، الذي كانوا واقعين فيه؛ ففي الوقت الذي كانوا يكذبونه ويزعمون أنه ساحر، أو مجنون أو كذاب، لم يكونوا يجدون فيمن حولهم من هو خير منه أمانة وصدقاً.

فكانوا لا يضعون حوائجهم ولا أموالهم التي يخافون عليها إلا عنده، وهذا يدل على أن كفرانهم لم يكن بسبب الشك لديهم في صدقه، وإنما بسبب تكبرهم واستعلائهم على الحق الذي جاء به وخوفاً على زعامتهم وطغيانهم(8).

وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً رضي الله عنه، بتأدية هذه الأمانات لأصحابها في مكة، برغم هذه الظروف الشديدة التي كان المفترض أن يكتنفها الاضطراب بحيث لا يتجه التفكير إلا إلى إنجاح خطة هجرته فقط.

وبرغم ذلك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان لينسى، أو ينشغل عن رد الأمانات إلى أهلها، حتى ولو كان في أصعب الظروف التي تُنسي الإنسان نفسه، فضلاً عن غيره.

التدرج في الدعوة ودروس من الهجرة

وضوح سنة التدرج في بيعة الأنصار.. نلاحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تقابل مع طلائع الأنصار في لقائه الأول، لم يفعل سوى ترغيبهم في الإسلام، وتلاوة القرآن عليهم.

في العام التالي: بايعوه بيعة النساء على العبادات والأخلاق والفضائل.

ثم في العام الذي يليه: كانت بيعة العقبة الثانية على الجهاد والنصر والإيواء.

أهمية التدرج في بناء المجتمع الإسلامي

وجدير الملاحظة أن بيعة الحرب لم تتم إلا بعد عامين كاملين، أي تأهيل وإعداد استمر عامين كاملين، وهكذا تم الأمر على تدرج ينسجم مع المنهج التربوي الذي نهجت عليه الدعوة من أول يوم.

إنه المنهج الذي هدى الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى التزامه، ففي البيعة الأولى، بايعه هؤلاء الأنصار الجدد على الإسلام عقيدة ومنهاجاً وتربية، وفي البيعة الثانية، بايعه الأنصار على حماية الدعوة، واحتضان المجتمع الإسلامي الذي نضجت ثماره، واشتدت قواعده قوة وصلابة

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى