الدرس الثالث والثلاثون – وجوب أداء الأمانة والحكم بالعدل وطاعة الله ورسوله وأولي الأمر – سورة النساء الآيات [58-59]

في الدرس الثالث والثلاثون من آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – وجوب أداء الأمانة والحكم بالعدل وطاعة الله ورسوله وأولي الأمر – وقد ورد ذكرها في سورة النساء الآيات [58-59]، قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء:58-59].
الحكم الأول- أداء الأمانة
س/ ما حكم أداء الأمانات إلى أهلها؟
جـ/ أداء الأمانة إلى أهلها واجبة.
- فأداء الأمانة في حقوق الله: بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، واستعمال مشاعره وأعضائه فيما يقربه من ربه.
- رعاية الأمانة في حق النفس: ألا يفعل الإنسان إلا ما ينفعه في الدنيا والأخرة ولا يقدم على عمل يضره في دنياه وآخرته، قال سلمان الفارسي [إن لربك عليك حق وإن لنفسك عليك حق وإن لأهلك عليك حق فأعط كل ذي حقٍ حقه]
- رعاية الأمانة في حقوق الآخرين: أداء لكل ذي حق حقه من الحقوق المادية والمعنوية للأفراد، وأداء حقوق المجتمع: أداء العمل بإتقان (الوظيفة)، والمشاركة في بنائه، والدفاع عنه، والحفاظ على أمنه واستقراره، ودعم من يستحق لإدارة شؤونه قال تعالى: [إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ…] [الأحزاب:72]
الحكم الثاني- العدل
وجوب العدل ابتداء من ذات الإنسان وانتهاء إلى الدولة، والعدل هو إيصال الحق إلى صاحبه من أقرب طريق قال تعالى: [إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ] [النحل:90]، وقال تعالى: [وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ…] [النساء:58] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما وُلّوا] رواه مسلم.
الحكم الثالث- حكم الطاعة، ولمن، وكيف
وجوب طاعة الله وطاعة رسوله وأولي الأمر من المؤمنين العادلين.
فأما طاعة الله وطاعة رسوله: بتلقي التشريع من القرآن والسنة، وأما طاعة أولى الأمر: في تنفيذ حكم الله ورسوله.
واستنبط العلماء من هذه الآية أن مصادر التشريع الأصلية أربعة وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس؛ لأن الأحكام:
- إما منصوصة من الكتاب والسنة وذلك قوله تعالى: [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ] [النساء:59].
- والسنة ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.
- وإما مجمع عليه من أهل العقد والحل من الأمة بعد استنادهم إلى دليل شرعي اعتمدوا عليه وذلك قوله تعالى: [وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ].
- وإما غير منصوص ولا مجمع عليه وهذه سبيلها الإجتهاد والقياس وهو عرض المسائل المتنازع فيها على القواعد العامة في الكتاب والسنة وذلك قوله تعالى: [فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ].
وأما المصادر التبعية الأخرى كالاستحسان: يقول به الحنفية والمصالح المرسلة التي يقول بها المالكية والاستصحاب الذي يقول به الشافعية فهي في الحقيقة راجعة إلى المصادر الأربعة.
أسس الحكم الإسلامي ثلاثة:
- طاعة الله بتنفيذ أحكامه
- وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم المبين حكم ربه
- وطاعة ولاة الأمر المنفذين لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛
ولكن من هم أولي الأمر؟
- ذهب بعض المفسرين إلى أنهم الحكام
- وذهب آخرون إلى أنهم العلماء الذين يبينون للناس الأحكام الشرعية،
- وذهب الشيعة والإمامية إلى أنهم الأئمة المعصومون.
- والظاهر والمرجح كما قال ابن العربي أن الطاعة تجب للحكام والولاة، فطاعة الحكام في إدارة شئون البلاد، وتجب طاعة العلماء في بيان أحكام الشرع وتعليم الناس أحكام دينهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- وأضاف الفخر الرازي أهل العقد والحل الذين لديهم الرقابة على الحكام والتشريع في غير الأحكام المعتمدة على نصوص القرآن والسنة قطعية الثبوت وقطعية الدلالة.