[15] طلب العلم في مكة المكرمة

طلب العلم في مكة المكرمة
مدة الدراسة 4 سنوات التاريخ (1392-1396 هجرية) الموافق (1972-1976م)
رحلة السفر
بدأ سفرنا من القرية إلى تعز أواخر شهر رجب (1392هـ) لاستخراج جوازات سفر، وساعدنا على ذلك الأستاذ عبد العزيز محمد نعمان والاخ العميد أحمد علوان رحمهما الله، والأخ محمد غالب سلام عافاه الله وبعد حصولنا على الجوازات تحركنا من تعز بعد عصر يوم الخميس بداية شهر شعبان على شاحنة لنقل البضائع (مرسديس) مكشوف مكون من طابقين وكانت الطريق ترابي، (في ذلك الوقت)، وكان وصولنا إلى مدينة الطائف يوم الخميس التالي ظهراً وبقينا في القهوة لنرتاح قليلاً ولكن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جاءوا يطالبونا بالذهاب إلى المسجد لصلاة الظهر، وقلنا لهم نحن مسافرون، ولكنهم أصروا علينا بالذهاب الى المسجد وكرروا كلمة (صلاة صلاة) والعصيان بأيدهم فقال عبده سلام: يابن علي إسماعيل أهذا هو الدين!! فذهبنا إلى المسجد وصلينا الظهر جماعة مع الإمام (وكان في هذا خير لنا) ثم صلينا العصر جمعاً وقصراً، (كوننا على سفر)، ثم تناولنا طعام الغداء، ثم واصلنا السفر إلى مكة المكرمة ووصلناها مغرب يوم الخميس، وذهبنا إلى المسجد الحرام ونحن لا نعرف أحداً ولا يعرفنا أحد فبقينا في المسجد الحرام حيث كانوا يسمحون أن ينام الناس في تلك الفترة، وبقينا نبحث عن مكان ندرس فيه.
كان العام الدراسي قد بدأ وطلبنا نلتحق بالدراسة في معهد الحرم ولكنهم أفادونا بأن فترة التسجيل قد انتهت ولا يوجد فرصة للتسجيل، فاضطررنا نبحث عن مكان آخر، وفي أثناء البحث وجدنا الدكتور علي عبدالله الصبري وهو طالب في دار الحديث المكية وتعارفنا فذهب بنا إلى دار الحديث المكية أنا والأخ عبده سلام، وقابلنا مدير المعهد (في ذلك الوقت) الأستاذ الفاضل محمد عبدالهادي، ونائبه الأستاذ الفاضل علي عامر الأسدي، وقدمنا طلب الالتحاق للدراسة في المعهد فرد علينا المدير قائلاً: “التسجيل قد انتهى” ولاحظ نائب المدير أننا غرباء على مكة فقال: ماذا تريدون؟ قلنا: نريد ندرس في مدرسة دار الحديث، ونحن واصلين من اليمن ولا نستطيع الانتظار إلى العام القادم دون دارسة!
فقال: أعطوني الجوازات، فسلمنا له الجوازات.. فقال: اذهبوا سجلوا إقامة ثم عودوا لنسجلكم.
فذهبنا إلى جوازات مكة والزحام شديد، لكننا زاحمنا حتى وصلنا إلى الموظف الخاص بالإقامة فسجل على جوازاتنا التاريخ الذي نعود إليه لترتيب إجراءات الإقامة، ثم عدنا إلى الأستاذ علي عامر الاسدي وقلنا له قد سجلنا التاريخ الذي سيمنحنا الإقامة فسجلنا في دار الحديث ودخلنا ندرس في الصف الثاني تمهيدي ما يعادل (سادس في اليمن) بناء على شهادة الصف السادس التي مُنحنا إياها من اليمن، ثم انتظرنا إلى اليوم الذي حددوه لمنحنا تأشيرة الإقامة فأشروا لنا الإقامة لمدة أربعة سنوات، وبعد استقرارنا في الدراسة والسكن في رباط اليمنيين قررنا أن نذهب إلى جدة لزيارة العمال اليمنين هناك، واستقبلنا الأخ عبدالرحمن الرمادي الذي سافرنا نحن وإياه من تعز لأنه كان قد سافر إلى جدة قبل هذه الفترة التي سافرنا معه، حيث استقبلنا استقبالاً جيداً، وبقينا يومين ثم عدنا إلى مكة.
وكنا كلما وجدنا فرصة نذهب إلى بيت محمد سفيان في جدة، حيث كان المتنفس الوحيد لنا.
بدأنا الدراسة
في مدرسة دار الحديث في مكة، ولحق بنا في العام التالي (عام 1972 م ) الأخ عبدالله منصور محمد غالب ودرسنا سوياً في مدرسة دار الحديث المذكورة لمدة ثلاث سنوات، وتم منحنا الشهادة الإعدادية منها في عام 1395هـ الموافق 1973م، ثم انتقلنا إلى المدينة المنورة لاستكمال الدراسة الثانوية فدرسنا صف أول ثانوي في المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في عام 75-1976م ولم نستطع اكمال الدراسة هناك نظرا لانتهاء اقامتنا المحددة مسبقا بمدة 4 سنوات
كما لم نستطع تجديدها كانت عودتنا من المملكة العربية السعودية في عام 1976م إلى القرية أنا والأخ عبده سلام حزام والأخ عبدالله منصور محمد غالب..
المنهاج الذي درسناه في مكة المكرمة والمدينة المنورة
- القرآن الكريم “الحفظ والتلاوة والتجويد والتفسير واصول التفسير”.
- الحديث وأصول الحديث (مصطلح الحديث).
- الفقه واصول الفقه + الفرائض (المواريث).
- اللغة العربي: النحو (قواعد) الصرف والبلاغة والأدب والشعر.
- اللغة الانجليزية.
- الحساب.
- التاريخ.
وكان من أبرز زملائنا في مكة المكرمة والمدينة المنورة الأخ علي سلطان الحبشي ومحمد ناجي الصهباني، رحمهما الله والأخ محمد حسان الحبشي والأخ أحمد فائد من مقبنة وكثير من الزملاء، وكنا جميعاً نسكن في رباط اليمنيين في حارة الباب(تبعد من المسجد الحرام سبعمائة متر تقريباً).
وأما دراستنا فقد كنا ندرس في مدرسة دار الحديث في أجياد (تبعد عن رباط اليمنيين ما يقارب ثلاثة كيلو متر) وكنا نمشي على الأقدام كل يوم من المسكن إلى المدرسة ذهاباً في الصباح وإيابا في الظهر.
عندما سجلنا في مدرسة دار الحديث التابع للجامعة الإسلامية في الصف الثاني تمهيدي الذي يساوي سادس إبتدائي في اليمن رغم أننا كنا نحمل الشهادة الابتدائية لكن بعدما اختبرنا في نهاية العام الدراسي 92-1393هـ ونجحنا كان متاحاً لنا ندرس أول متوسط في الإجازة الصيفية وقد درسنا في الإجازة الصيفية لنفس العام أول متوسط واختبرنا في أول العام الدراسي 93-1394هـ ونجحنا وسجلنا بنفس العام ثاني متوسط واختبرنا في نهاية العام الدراسي المذكور ونجحنا.
دخلنا في العام الدراسي 94-1395هـ الصف الثالث متوسط وكان هذا الصف يُعتبر نهاية المرحلة المتوسطة وقد نجحنا أيضاً، ولم يوجد في مدرسة دار الحديث الصف الأول الثانوي وكان لابد من ذهابنا إلى المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
أما الأخ عبدالله منصور فقد تأخر عنا ولحق بنا بعد حج عام 1393هـ، وقد كان يدرس العام الدراسي لعامين، فلقد كان يدرس خلال أيام الدراسة وفي الإجازة، حيث لحق بنا أنا والأخ عبده سلام في ثالث متوسط.
أما المذاكرة.. فكنا نذهب إلى المسجد الحرام قبل صلاة العصر فنصلي العصر فيه ونبقى نذاكر دروسنا حتى صلاة المغرب، بعدها إما نعود للمذاكرة من جديد أو نذهب نطوف بالبيت أو نحضر حلقات العلوم الشرعية عند المشايخ ونعود للمذاكرة إلى صلاة العشاء فنصلى وبعد صلاة العشاء إما نطوف أو ننصرف إلى الرباط الذي نسكن فيه.
وفي الطابق الأرضي للحرم كانت توجد غرف صغيرة وكانت بعضها مخازن وبعضها موزعة على بعض المشايخ ليرتاحوا فيها، ومن ضمن الغرف الموزعة على المشايخ كانت غرفة خاصة بالشيخ علي عامر الأسدي وكيل مدرسة دار الحديث التي كنا ندرس فيها فسمح لنا بالبقاء في الغرفة للمذاكرة أنا وبعض زملائي فكنا نذاكر في الغرفة بعض الأوقات وكانت فيها الأدوات الخاصة بالشاي، فكنا نُعد الشاي ونتناوله ليساعدنا على المذاكرة.
أما استقرارنا فكان في الرباط اليمنين في حارة الباب، وكنا نطبخ في الغرفة التي نسكنها، نتناوب الطباخة كل يوم على واحد منا وكان المسؤول المالي الأستاذ عبدالله منصور.
وأما الموارد المالية فكانوا يدفعوا لكل طالبفي مدرسة دار الحديث مكافأة شهرية مقدارها ثلاثين ريال سعودي.
بالنسبة لتنظيف الثياب كان كل شخص منا يقوم بغسيل ملابسه بنفسه.
وأما الرباط فقد كان يتكون من ستة أدوار كل دور فيه أحد عشر غرفة مع الحمامات وفي الدور السادس كانت توجد غرفة كبيرة تسمى الندوة كنا نعقد ندوات فيها اسبوعياً وكنا نتدرب فيها على إلقاء الخطب، وهكذا استمرينا على هذا الحال مدة بقاءنا في مكة المكرمة، وفي أثناء دراستنا في دار الحديث شاركنا في الرحلة العلمية والثقافية التي أقامها الدار للطلاب إلى منطقة (سالة) والتي استمرت يوماً واحداً على طريق الطائف.
بعد إكمالنا المرحلة المتوسطة تم إرسال ملفاتنا إلى المدينة المنورة.
الإجازة
كنا نحصل بعد نهاية كل عام دراسي على اجازة سنوية مدتها شهر في إجازة السنة الثانية سافرنا إلى أبها، وبقينا فيها لمدة شهر تقريباً عند أصحابنا العمال اليمنين من أهل المنطقة الذين كانوا يعملون فيها، ومن الأحداث التي حصلت في تلك الأيام الإنقلاب الذي قام به الرئيس إبراهيم الحمدي على الرئيس عبدالرحمن الأرياني في 12/6/1975م.
وفي إجازة عام 95-1396هـ جاء الشيخ عبدالمجيد عزيز الزنداني (عندما كان رئيس مكتب التوجيه والإرشاد في صنعاء) إلى مدرسة دار الحديث بمكة المكرمة يطلب دعاة من الطلاب إلى القبائل الشمالية في اليمن فجمعت له إدارة مدرسة دار الحديث الطلاب اليمنيين فكنت أحدهم، وقدم لنا محاضرة وطلب ممن يرغب بالخروج إلى القبائل الشمالية يسجل اسمه، فسجلت اسمي ممن يرغب في ذلك فذهبنا إلى صعدة انا وبعض الزملاء “وسيتم تفصيل ذلك في القسم الخاص بذكريات العمل الدعوي”.