2025-06-09 6:44 م
إدارة الموقع
2025-06-09 6:44 م
سيرة ومسيرة

[7] الكفالة والمعاناة والإيجابية

المرحلة الثانية .. الكفالة والمعاناة والإيجابية:

تبدأ بموت الوالد علي إسماعيل رحمه الله في عام (1380هـ) وبعده توفي جدي الحاج أحمد علي والد أمي (1381هـ) وانتهت بموت جدي إسماعيل أحمد عبيد رحمه الله عام (1387هـ)، فقد قام بكفالتي أنا و إخواني (مطهر وعبدالغني ورقية) جدي إسماعيل أحمد عبيد وأمي نعمة أحمد علي الشعبي وعمي عبدالله إسماعيل أحمد رحمهم الله جميعاً، وتمثلت كفالتهم لنا بالآتي:

أولاً الجانب المعنوي (الرعاية المعنوية ) ونلخصها بالتالي:

  • الجانب التعليمي.. والثقافي فقد كانوا يدفعوننا للتعلم وسيأتي تفصيل ذلك في رحلتي  التعلمية.
  • الجانب التربوي.. فقد أحسنوا تربيتنا بتعميق حب الفضيلة وتمثل ذلك بربطنا بالله إيمانياً بتوحيده وحبه والثقة به والتوكل عليه والخوف منه ورجاء فضله ورحمته، وعبادياً بالمحافظة على الشعائر التعبدية وملازمة المسجد، وبرسله بحبنا لهم و واتباع منهجهم ، و بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتدبر وعملاً، وبحب الأخلاق الفاضلة والتخلق بها والاستقامة عليها مثل الصدق و الأمانة …وبحسن تعاملنا مع أفراد الأسرة والأقارب و الجيران وملازمة الصحبة الصالحة ، وترسيخ كره الرذيلة والمتمثلة بالخرافات والشعوذات والسرقة والزنا والغيبة والنميمة وقول الزور وسوء التعامل مع الناس، وتحقيق العدل في سلوكنا الفردي الجماعي.

ثانياً:- الجانب المادي (الكفالة أو الرعاية المادية ) ويمثل ذلك:-

  • بحسن التغذية والملابس و الصحة الوقائية والصحة العلاجية وتوفير وسائل الراحة بحسب المناخ .
  • وتوظيف طاقتنا توظيفاً مناسباً بما ينفعنا في الدنيا والآخرة.
  • استمرت حياتنا على هذا المنوال حتى توفى عمي عبدالله اسماعيل رحمه الله في عام (1382هـ)
  • وبعدما توفى عمي عبدالله اسماعيل استمر جدي وأمي رحمهما الله تعالى في رعايتنا بحسب ما ذكر سابقاً حتى عام (1384هـ)  ثم قام جدي وأمي وعمي أحمد اسماعيل أحمد  بتزويجي بزوجتي هذه الوحيدة ملك عبدالله نعمان والتي لازلت أعيش معها حتى الان، وكان عمري في تلك الفترة سبعة عشرة عاماً وكان عمرها عند الزواج تسع سنوات، وقد قمت بمشاركة جدي وأمي بتحمل أعباء الأسرة حتى توفى جدي اسماعيل أحمد  عام (1387هـ) رحمه الله.

موقف طريف

في يوم الزفاف ذهب جمع من الأقارب والأصدقاء لإحضار العروسة من عزلة الأعلوم بعد الظهر مشياً على الأقدام لعدم وجود سيارات في تلك الفترة، وأركبوا العروسة على الحمار وعند العودة من الأعلوم داهمهم الظلام وهم في سائلة خُنازر (مجرى السيل ) فانقسموا فريقين فريق ضل الطريق وصعد طريق وعر في الجبل ولم يكن معهم ضوء، فكان يقول أحدهم “يا بن علوان أنقذنا” فرد عليه آخر: قل يا الله!! فرد عليه (الولي بجنب الله)!!

ووصلوا رأس نقيل فضاحة في وقت متأخر، أما الفريق الثاني ذهبوا في الطريق المعتاد مع العروسة ووصلوا قبل الفريق الأول.

قبل الذهاب إلى عزلة الأعلوم قال لي عمي محذراً: ” انتبه نعود من الأعلوم وأنت نائم” لأنه متوقع أنهم سيتأخرون بسبب بُعد المسافة .

ومن مواقفي الإيجابية نحو الأسرة :

في آخر حياة جدي كان قد أصيب بالوهن لكبر سنه، فكنت أقوم بشؤونه وذلك بتقديم كل ما يلزم له من التغذية والملابس وغير ذلك حتى أني كنت أحلق له وأغسله وآتي له بإناء يتبول فيه، وكنت أعتني بصحته حتى توفاه الله.. أسأل الله أن يرحمه ويكتب لي الأجر والثواب.

مواقف إيجابية من جدي وأمي نحونا أنا وإخواني:

  • فقد كانا جدي وأمي ورغم أنهما أميان لا يَقْرَأَانِ ولا يكتبان إلا أنهما كانا حريصين على تعليمنا وتربيتنا، وكانا يتابعوننا بكل جدية ولا يكلان ولا يملان في ذلك، فكانا يتابعننا لمواصلة التعلم في الكتاتيب وأرسلاني إلى مدينة جبلة للتعلم وكذلك دفعاني للتعلم في قريتي الدوم وحجرة بني يوسف، وأيضاً كانا حريصين على  قوة علاقتنا مع الله ثم مع الناس، وكانا حريصين على استقامة أخلاقنا.
  • وأيضاً كانا يحافظان على كتب الوالد لكي نستفيد منها أنا واخواني، وأقمنا جدي مقام أبينا في الإرث من بعده ونذر لنا بالسدس الذي ورثه من بعد والدي، وحافظا على البصائر المتعلقة بنا هم وعمي عبدالله إسماعيل أحمد،
  • إلا أنهما من شدة حرصهما عليّ قاما بمنعي من التعلم في مدرسة الإشعاع التي أنشئت بعد الثورة في المنطقة، لأن تصور الناس في تلك الفترة أن تعلم المواد الدراسية غير العلوم الشرعية ضررها أكثر من نفعها وكان تصوري كذلك أيضاً.
  • ومن المواقف الإيجابية لجدي إسماعيل أنه كان يكفل عبده سلام علي نعمان ابن ابنته “نور اسماعيل” بعدما مات أبوه وأمه، وبقي عندنا في البيت إلى سن الشباب وبعدما توفى جدي ذهب عبده سلام علي نعمان إلى منزل عمه طاهر علي نعمان رحمه الله، وقد كان جدي يعطف عليه كثيراً فقام مقام أبيه وأمه وكان المرجع الوحيد له، كما اهتم بتعليمه وتثقيفه وتربيته على الأخلاق الفاضلة وإبعاده عن الرذيلة.

ما تعلمته منهما ( جدي وأمي)

حسن العلاقة مع الله تمثل ذلك :-

  • من أداء الشعائر التعبدية وحسن التعامل مع القرآن الكريم والأذكار والدعاء .
  • حسن العلاقة مع ذاتي من تنمية نفسي علمياً وثقافياً وتربوياً.
  • حسن العلاقة مع الأسرة بالمشاركة الفاعلة بأداء وظائفها .
  •  حسن العلاقة مع المجتمع بالمشاركة الفاعلة بأداء وظائف المجتمع.

مواقف إيجابية للوالدة:

ومن المواقف الإيجابية التي كانت أمي تعملها معنا كثيرة أذكر بعضاً منها:

  • صبرها على تحمل المشاق التي كانت تتعرض لها وإيثارها أن تبقى معنا تربينا ولم تتزوج بعد موت الوالد رغم أن سنها كان لا يتجاوز الأربعينات.
  • وكانت تتابعنا بالتعلم وتهتم بنا في ذلك ومثال على ذلك: في يوم من الأيام قررنا أنا والاستاذ عبده عبدالله إسماعيل رحمه الله أن نعود من الطريق ولم نذهب إلى قرية حُجرة كالمعتاد للتعلم، فصاح  عبده عبدالله بأن محمد علي مريض!! وعدنا إلى البيت فقابلتنا أمي وتبين لها بأن العذر غير حقيقي فقررت في تلك اليوم أن نذهب لنحرث الأرض بدلاً من أن نرتاح عقوبةً لنا.

معاناة الوالدة رحمها الله

  • ومما تعرضت له الوالدة من مواقف فيها أحزان أنها عندما كانت عند أبيها “جدي الحاج أحمد علي” في قرية عقف بعد زواجها الوالد لصغر سنها لم تستقر في بيت الوالد، فقد ماتت أمها وجدتها أم أبيها، ثم عادت إلى منزل الوالد وماتت عمتها  أخت أبيها والتي هي أم الوالد علي اسماعيل وابنتها نور اسماعيل أحمد أم عبده سلام علي  نعمان.
  • وأيضاً عندما سافر الوالد علي إسماعيل أحمد إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج عن الغير توفت أختي الصغيرة زعفران في يوم عيد الأضحى وكان عمرها خمس سنوات ثم عاد الوالد من الحج وتوفى بعد موت أختي بثلاثة أسابيع، وبعد موت الوالد بثلاثة أيام سقط أخي مطهر من أعلى بيت الدرج إلى السطح ولحقه حجر وقع على يده وكسرها وخرج العظم بعد كسره إلى الخارج فكانت أحزان متتالية عليها، واستمر علاج أخي مطهر فترة ليست بالقصيرة .
  • ومع صبرها على الأحزان فقد كانت تصبر أيضاً على رعايتنا وتربيتنا، ومن تربيتها لنا أنها كانت تعلمنا الصلاة وتلزمنا بأدائها جماعة معها في البيت.
  • مرضي فقد أصبت بمرض “الجدري” وشمل كل جسمي ولم يترك موضعاً فيه، وبقيت طريح الفراش فترة من الزمن لم أذكرها وعانت الوالدة معاناة شديدة في مرضي من جملة المعاناة التي تعرضت لها.

[8] بداية الكفاح

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى