2025-07-16 5:57 م
إدارة الموقع
2025-07-16 5:57 م
فقه الدولة

العدل أساس التمكين

إن العدل هو جوهر القيم الإسلامية والمنبع الذي يتفرع منه ما سواه من القيم والمبادئ وتعتبر النصوص الإسلامية هذا المبدأ ( القيام بالقسط ) ( والقيام بالحق ) هي دليل على العدل ليس فكرة مجردة بل المقصود بالجهد البشري الإيجابي لتحقيق هذه الفكرة على الأرض وقد جعل الله القيام بالقسط غاية كل الرسل والرسالات قال تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز}[الحديد:25]

وألزم المؤمنين بالقيام بالحق قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[النساء:135وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالقيام بالحق به عن عبادة ابن الصامت قال ( ….وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) صحيح مسلم

* العدل في الإسلام مبدأ مطلق شامل للعدو والصديق قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}[المائدة:8]

العدل أساس التمكين

تعريف العدل في الإسلام هو إعطاء الحق لأهله وافياً غير منقوص في قليل أو كثير وعدم نقصانه أو زيادته على حساب الغير، وهو أيضا تحقيق التوازن بين طرفين أو أكثر، وقيل هو استعمال الأمور في مواضعها وأوقاتها ووجوهها ومقاديرها من غير إسراف ولا تقصير ولا تقديم ولا تأخير

ثانياً: أهمية العدل 

  1. فهو اسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته أمر الله بإقامة العدل وحث عليه ومدح من قام به وذلك في الآيات التالية :
    • قال تعالى{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون}[النحل:90]وقد مدح الله من يقوم بالعدل قال تعالى {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُون}[الأعراف:181]
    • وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ….) رواه البخاري
  2. يكسب العباد محبة الله قال تعالى ( ….وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) (42) المائدة
  3. أن يأخذ كل ذي حق حقه دون نقص وإن كان ضعيفا قال تعالى {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}[النساء:2]
  4. أن يأمن العادل على نفسه وماله وعرضه قال رسول كسرى الذي جاء إلى المدينة لمقابلة خليفة المسلمين عمر بن الخطاب ( ض )
    • فسأل عن قصره المنيف أو حصنه المنيع فدلوه على بيته فرأى ما هو أدنى من بيوت الفقراء ووجده نائما في ملابس بسيطة تحت ظل شجره قريبة فقال مقولته المشهورة ( حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر)
  5. أن ينشر الامن والإستقرار في وسط المجتمع قال تعالى{الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْف}[قريش:4]
  6. انتشار الثقة بالدولة في أواسط المواطنين فيشعرون بأنها الحامي لحقوقهم والمدافعة عنهم
    • وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه ولليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) رواه البخاري والترمذي

ثالثاً: أركان العدل ثلاثة أركان

  1. الركن الأول العدل في المشاعر حيال من يتولى أمرهم أو بين المتخاصمين فإن الشخص عندما يكون مسئولا عن ناس ينتظرون منه العطف والرحمة وأن يساوي بين الجميع وأيضا يساوي بين المتخاصمين في مشاعره نحوهم قبل أن يتبين الحق من الباطل
  2. الركن الثاني العدل بالقول قال تعالى (……وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون}[الأنعام:152]+ (135) النساء
  3. الركن الثالث العدل في العمل قال تعالى (  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا…) ( ٥٨) النساء

رابعا: الفرق بين العدل والقسط

القسط هو جزء من العدل فهو يكون في الماديات التي يتضح فيها صورة القسط، الأمثلة: الكيل والميزان وأما العدل فقد يشمل الماديات وغير الماديات .

الفرق بين المقسط والقاسط

  • المقسط هو الذي يأخذ حقه فقط ولا يتعداه إلى غيره.
  • أما القاسط هو الذي يأخذ حقه وحق غيره .

الفرق بين العدل والانصاف

  • الإنصاف إعطاء النصف وهو الحق .
  • وأما العدل فهو أشمل من النصف ويعتبر القسمة بالتساوي فهو صورة من صور العدل .

الفرق بين العدل والمساواة

  • المساواة هي المماثلة في كل شيء
  • المساواة العادلة تجمع بين المتساويين وتفرق بين المتفرقين الأمثلة:
  • المساواة بين الرجل والمرأة في الخصائص الإنسانية والتكاليف الشرعية والثواب والعقاب والتفريق بينهما في الخصائص الجسدية والنفسية والعقلية
  • المساواة تأتي بمعنى التسوية فقط بينما العدل يشمل التسوية والتفريق معا

خامسا: أنواعه

العدل في التقاضي قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) ( 58 )النساء، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما أنا بشر وأنكم تختصمون إليَّ ولعل بعضكم الحن بحجته من بعض فأقضي له ما اسمع فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار) متفق عليه

العدل السياسي، وهو ما يعبر عنه في النصوص الإسلامية (العدل في الحكم والقسم قال تعالى{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب}[ص:26]، وقال سعد بن تميم يا رسول الله مال ما للخليفة بعدك من الطاعة فقال مثل الذي لي إذا عدل في الحكم وقسط في القسط ورحم ذا الرحم فمن فعل غير ذلك فليس مني ولست منه) رواه البخاري و قال رسول صلى الله عليه وسلم(إن المقسطين عند الله على منابر من نورعن يمين الرحمن عز وجل ـ وكلتا يديه يمين ـ الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )، وقال الرسول صلى عليه وسلم( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .. إمام عادل …. ) رواه البخاري

العدل في الأسرة، قال تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا}[النساء:3]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) رواه الشيخان

العدل بين أفراد المجتمع، إن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى معاذ عندما أرسله الى اليمن بقوله (واتقي دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) رواه البخاري و قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة) رواه أبو داود، وقال أبو سعيد الخدري بينما نحن عند الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم وقال يا رسول الله إعدل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل فقد خبت وخسرت إذا لم أعدل) رواه مسلم

سادساً: التحذير من الظلم

  • قال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار}[إبراهيم:42] وقال تعالى (فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم (65) الزخرف
  • قال تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِين}[هود:18]
  • وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) رواه مسلم و قال الرسول صلى عليه وسلم (ثلاث دعوات مستجابات دعوة الصائم ودعوة المظلوم ودعوة المسافر) رواه البيهقي وقال الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم(المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) رواه البخاري.

سابعاً: كيف نطبق العدل بين المتخاصمين؟

  1. السماع من الطرفين وتوثيق ذلك بالكتابة والتوقيع وأن يترك له حريته بالكلام.
  2. اثبات الحق بالأدلة ولا بد من معرفة الفرق بين الدليل والقرينة
    • الدليل لا يقبل إثبات العكس
    • والقرينة تقبل اثبات العكس
  3. النظر الحقيقي بالأدلة والإثبات التأكد من صحتها .
  4. يترك للصلح مجال.

ثامناً: أسباب العدول عن العدل

  1. عاطفة الرحمة، قال تعالى {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب}[ص:26]
  2. عاطفه القرابة، قال تعالى (ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم …. ) كما ذكرت سابقا
  3. الرشوة (عن عبدالله ابن عمرو رضي الله عنهما قال لعن رسول الله صلى الله علية وسلم الراشي والمرتشي ) رواه أبو داؤود والترمذي وصححه
  4. المحسوبية قد لا يرتشي المسؤول ولكن تجره عاطفة القرابة والصداقة فيما إلى ذلك.

العدل في القرآن الكريم

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى