منزلة الشهداء عند الله

الشهداء أو الشهيد لفظة قد تُطلق على الشخص ولها معانٍ تختلف باختلاف الحال أو السياق الذي جاءت به، في اللغة: الحاضر، والشاهد: العالم ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٤٣﴾ [البقرة:143]. ويكبيديا

أولا/ تعريف الشهداء

أولا/ يتم تعريف الشهيد في اللغة: بأنه الشهيد الذي لا يغيب عن علمه شيء، والشهيد الحاضر، والشهيد هو الذي قتله أهل الحرب أو أهل البغي وقطاع الطرق .

ثانيا/ أنواع الشهداء

قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: مَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ مَنْ قُتِل في سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقلِيلٌ،” قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَ: منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ رواهُ مسلمٌ.

ثالثا/ أقسام الشهداء في الاسلام

ينقسم الشهداء في الإسلام إلى ثلاثة أقسام :

• شهيد الدنيا والاخرة وهو من قتل في جهاد الكفار مقبلا غير مدبر مخلصا لله في جهاده وهذا هو الشهيد حقيقة ، له ثواب الشهداء في الاخرة وتجري عليه احكامه في الدنيا .
• شهيد الاخرة : وهو شهيد ينال ثواب الاخرة دون أحكام الدنيا وهؤلاء سوى شهيد المعركة في حرب الكفار .
• شهيد الدنيا : هو من قاتل رياء وسمعة أو تحت شعار دنيوي ,أو قتل مدبرا أأو قتل مدبرا أو غل من الغنيمة وهذا له حكم الشهيد في الدنيا أما في الاخرة ليس له من ثواب الشهداء نصيب . قال r ( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل أستشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت ، قال : كذبت قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار …) صحيح مسلم . قال r ( من قاتل تحت راية حمية يغضب لعصبة أو يدعوا لعصبة أو ينصر عصبة قتل قتلة جاهلية ) صحيح مسلم .

ويوجد تقسيم آخر للشهداء وهو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْقَتْلَى ثَلَاثَةُ رِجَالٍ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ، ذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ، لَا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلَّا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ، فَتِلْكَ مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ، إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا، وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، وَبَعْضُهَا أَسْفَلُ مِنْ بَعْضِ، وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ، فَذَلِكَ فِي النَّارِ. إِنَّ السَّيْفَ لَا يَمْحُو النِّفَاقَ».

رابعا/ مكانة الشهيد عند الله

قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ …}آل عمران(169- 173) ، ولهم دار يسمى دار الشهداء خاص بهم ، قال r: (رأيت الليلة رجلين أتيا في مصعد الى الشجرة فأدخلاني في دار هي أحسن وأفضل لم أرى قط أحسن منها قالا: أما هذه الدار فدار الشهداء ) رواه البخاري.

خامسا/ أحكام الشهيد

1. الحكم الاول: عدم الصلاة عليه.
2. الحكم الثاني: عدم غسله إلا إذا خالط دمه نجاسة أو كان عليه غسل واجب قبل الشهادة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بدفن شهداء أحد بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوهم، وغسلت الملآئكة حنظلة لكونه جنب) رواه الحاكم، وأما من قتله البغاة وقطاع الطرق فيغسل ويصلى عليه  وفيه خلاف وأما من جرح في المعركة مع الكفار ثم مات متأثرا بجراحه يغسل ويصلى عليه إلا إذا كانت الجراح قاتلة فحكمه حكم الشهيد.
3. الحكم الثالث: يقبر الشهيد بثيابه التي قتل بها وهو لابس لها لتكون شاهده له.
4. الحكم الرابع: تنزع عنه آلة الحرب.

سادسا : خصائص الشهداء

للشهداء خصائص وكرامات تميزوهم  عن غيرهم وهي على النحو التالي :

• يغفر له مع أول قطرة دم تخرج منه.
• يرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر .
• يأمن من الفزع الأكبر .
• يوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها .
• ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين .
• يشفع في سبعين من أقاربه ، قال r : ( للشهيد عند الله ست خصال يغفر له أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه ) رواه الترمذي . وقال الرسول عليه السلام ( يغفر للشهيد كل ذنب الا الدين )رواه مسلم.
• يأمن فتنة القبر وسئل الرسول r: ( مابال المؤمنين يفتنون في قبورهم الا الشهيد فقال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة ) رواه السيوطي .
• يهون على الشهيد نزع الموت . قال r: ( الشهيد لا يجد الا كما يجد أحدكم القرصة يقرصها ) رواه السيوطي.
• تظله الملائكة بأجنحتها . قال جابر بن عبد الله جيء بأبي الى رسول الله r وقد مثل به ووضع بين يديه فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني قومي فسمع الرسول صلى الله عليه وسلم صائحة فقيل أبنت عمر أو أخت عمر لم تبكي أو لا تبكي مازالت الملائكة تظله بأجنحتها) .
• أرواحهم في جوف طير أخضر له قناديل معلقة بالعرش ، قال r: ( أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي الى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم إطلاعة هل تشتهون شيئا قالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا فعل بهم ذلك ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أن يسألوا قالوا يارب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقاتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ) صحيح مسلم .

سابعا: درجات الشهداء

قال r ( الشهداء أربعة رجل مؤمن جيد الايمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك يرفع الناس إليه أعينهم يوم القيامة هكذا ، ورجل مؤمن جيد الايمان فلقي العدو فكأنما ضرب جلد بشوك طلح من الجبن أتاه سهم غريب فقتله فهو في الدرجة الثانية ورجل مؤمن خلط عمل صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الثالثة ورجل مؤمن أسرف على نفسه فلقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الرابعة ) رواه السيوطي.

ثامنا: فضل طلب الشهادة ومكانة الشهادة

قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( ما أحد يدخل الجنة يحب  أن يرجع إلى الدنيا وماله على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلا الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة ) وفي رواية ” لما يرى من فضل الشهادة ” متفق عليه .

وقال r (من طلب الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشة ) صحيح مسلم .

تاسعا : فضل الكلم في سبيل الله

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي, اللون لون الدم ,والريح ريح المسك ) متفق عليه .

[1] المحو : الإزالة ، والمسح وذهاب الأثر والتنحية، والمحا المزيل, والمنحي للذنوب.

النصر والثبات