قواعد ذهبية لبناء طفل متوازن الشخصية (الجزء الأول)
بقلم الأستاذة باسمة شحادة والدكتور يوسف وردة

يواجه الأب والأم صعوبة كبيرة في تربية الأطفال، من حيث التعامل مع أطباعهم وسلوكيّاتهم؛ فيبدؤون بالبحث عن الطرق المساعدة في بناء شخصية سويّة ومتوازنة لهم وفي هذا المقال والمقالات التي تليه سنتعرّف على قواعد مهمّة للوصول إلى الصحّة النفسيّة للطفل المبنيّة على أسس وتجارب عمليّة في كل المجالات المتعلقة بالطفل نهديها إلى كل أم وأب يحرصان على أن يحظى طفلهما بشخصيّة مستقلّة متوازنة توفّر له حياة مستقرّة على المدى الطويل.
إذ تحتوي المقالات على عشرون قاعدة تتمحور بشكل ملخص ومركّز حول الطرق التي تؤدّي إلى تنمية طفل سويّ ومتوازن نفسيّا دون الدخول في نظريّات تربويّة قد ترهق الوالدين .
عشرون قاعدة أبحرنا من خلالها إلى أعماق الطفل النفسيّة فدرسنا الآثار السلبيّة والإيجابّيّة التي قد تنتج عن كلّ قاعدة
قواعد بناء شخصية مستقلة للطفل
القاعدة الأولى: القراءة في الجانب التربوي
التربية السليمة تعني استثمارًا طويل الأمد ونشأة طفل سويّ ومتوازن، وهذا أمر يدركه جميع الأهل؛ إلّا أنّهم يقعون في فخّ الأخطاء الشائعة والتي يحملها طفلهم معهم لسنواتٍ طويلة فمنهم من يتخلّص من أثارها بعد معاناة ومنهم من يفشل في ذلك.
وحتى لا تقع في هذه الأخطاء التربويّة فلا بد لك من أن:
- تقوم بتوسيع مداركك في الجانب التربوي، من خلال قراءة الكتب الخاصة بتربية الأبناء.
- أن تبحث في مجال تربية الأطفال ومعرفة سماتهم وخصائصهم النفسيّة والاجتماعيّة والمعرفيّة.
فهذا يساعدك على أن :
- تعرف دورك النفسي والخطير في ضبط وتشكيل الإدراك لنفسي لطفلك.
- تفهّم الأخطاء التي تحدث الخلل النفسي في طفلك كي تتفاداها.
- تأخذ فكرة عميقة عن مشاعر طفلك في المواقف المختلفة ممّا يؤهلك ذلك إلى حسن إدارتك للمواقف معه.
- يساعدك على مواكبة طفلك في نوعيّات الثقافة التي تقدم في كل مرحلة.
القاعدة الثانية: ربط تربية الأطفال بالله سبحانه وتعالى
اربط تربيتك لطفلك بالله سبحانه وتعالى، وذلك من خلال غرس محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في طفلك منذ الصغر حتى يتولّد عنده مراقبة الله له في السرّ والعلن، ولكي تستطيع أن تضع العبادات في أرض خصبة في مراحل قادمة.
كيف تغرس حب الله في قلب طفلك ؟
- طفلك حتماً سيلمس هذه المحبة من خلال وجودك كقدوة حيّة وملموسة أمامه ومتمثلة في سلوكك خاصّة .
- أذكر اسم الله تعالى أمامه من خلال مواقف محبّبة سارّة (أنّ أكل الطعام شكر الله – وأنّ لبس الجديد حمد الله …).
- وأن صاحبته إلى الطبيعة دلّه على روعة الله ….فهذا من شأنه أن يملأ قلبه الصّغير بحبّه سبحانه .
- إبدأ بالترغيب بدلًا من الترهيب فيكون أساس شعوره الديني عنده الحب والرجاء .
- كلّ هذه الأمور تترك أثرًا كبيرًا في معالم شخصيته، فيخرج للمجتمع في المستقبل شخصًا صالحًا يستشعر معيّة الله وعظمته في كل شؤون ومراحل حياته.
القاعدة الثالثة: توفير حاجات الطفل النفسية
من حق طفلك أن تُوفِّر له حاجاته النفسيّة وأن تشبعه عاطفيًّا بشكلٍ متوازنٍ حتّى تحقّق له التّوازن والاستقرار النفسي.
ما هي هذه الحاجات التي يحتاجها ؟
- طفلك يحتاج التقبّل؛ أي أن تتقبّله كما هو في شكله ولونه وصوته.
- يحتاج أن يشعر أنّه محبوب حبًّا غير مشروط لا يشوبه الخوف.
- يحتاج حضنك … يحتاج طمأنيتك.
- يحتاج إلى الشّعور بالانتماء والأمن ..يحتاج إلى أن يشعر أنّه جزء من الأسرة حتى يشعر بالأمان الدّاخلي.
- يحتاج إلى احترام ذاته، فهو يشكّل صورة عن نفسه من خلال عينيك وكلماتك وأفعالك وابتسامتك.
- يحتاج إلى تقديرك واهتمامك وإشباع هذه الحاجة وزرع الثقة فيه واكتساب ثقته .
- يحتاج إلى الاستقلال والحريّة في القول والفعل ليتمكّن من التعبيرعن رأيه دون خوف أو كبت .
- يحتاج إلى الشعور بتأكيد ذاته وأنّه كفء يستطيع تحقيق ذلك والتعبير عن نفسه في حدود قدراته وإمكاناته.
- يحتاج إلى أن تتبادل معه الحوار من دون تحقيق أو محاكمة بعيدًا عن التنافر … يحتاج أذانًا صاغية وقلوبًا منفتحة؛ لا مجرّد مجاملة ومسايرة لفض النزاع.
القاعدة الرابعة: توفير البيئة الآمنة والسلام النفسي
الحياة العائلية هي الملجأ الآمن للطفل والمكان الذي يشعر فيه بالرّاحة؛ وكلّما نشأ الطفل في بيئة أسريّة متّزنة نفسيّا تحتضنه وتعطيه الاهتمام والرّعاية، كلّما أصبح الطفل ذو نشأة صحيحة نفسيًّا وروحيًّا وإن كانت النشأة في بيئة مرهقة ذات مشاكل وخلافات حادّة انعكست سلبًا على نفسيته.
فنراه يعاني من:
- افتقاده القدوة والانتماء للأسرة وزعزته للثقة والأمان.
- شعوره بعدم الأمان والخوف من أيّ مؤثر خارجي.
- نفوره من والديه وتدهور العلاقة بينهما.
- إصابته بالانعزال الاجتماعي والابتعاد عن الآخرين.
- تعرّضه للتوتر ويصبح أقل قدرة على التعامل مع مشاعره.
- ضعف قدرته على ممارسة الضبط الذاتي لديه؛ فيصبح أكثر تهوّرًا وعصيانًا.
- فقدانه للشهيّة أو معاناته من الشره المرضي.
- اضطرابات النوم والأرق الليلي.
- التبوّل اللّاإرادي أثناء النوم.
- السوداويّة وفقدان الأمل.
- تعلّمه لبعض السلوكيّات الخاطئة فيعتقد أنّ المشاكل تحل بالصّوت العالي والصراخ.
- هروبه إلى بيئة أخرى للتفريغ مثل بيئة رفقاء السّوء.
- تراجع تحصيله الدراسي وتشتّت ذهنه فيصبح غير قادر على التركيز والاستيعاب.
- عدم قدرته على بناء علاقة زوجيّة ناجحة مستقبليًّا في بعض الأحيان بسبب تأثره بوالديه سابقا.
القاعدة الخامسة: الأهل قدوة
يولد الطفل من دون أيّ معرفة أو مهارات اجتماعيّة، وعند الوصول إلى سنّ معيّن، يبدأ بالبحث عن شخص ليحتذي به عن طريق مراقبة تصرفاته وتقليده، لأنّه لا يتعلّم بالتوجيهات والأوامر؛ فهو يحتاج الترجمة العمليّة لهذه الأوامر والتوجيهات وعادة ما يكون الوالدين هما القدوة التي يحتذي بها؛ لذا فإنّ وظيفة الوالدين الأساسيّة هي أن يكونا أفضل قدوة، لأنّ دورهما مهمّ جدًّا في صقل شخصيّته منذ الصغر.
وحتى يستطيع الوالدين تحقيق ذلك :
- عليهما أوّلًا إلقاء نظرة على حياتهما الخاصّة وتقييم تصرفاتهما اليوميّة.
- أن ينتبها على سلوكيّاتهما وتصرّفاتهما الصادرة عنهما؛ فإن كانت القدوة سيئة فهذا يؤدّي إلى تكوين طفل غير فاعل ويشكّل عبئًا على المجتمع، وإن كانت القدوة حسنة وإيجابيّة فهنيئًا للمجتمع بفرد فعّال ينهض به.