2025-06-08 7:46 م
إدارة الموقع
2025-06-08 7:46 م
المرأة والطفل

مكانة المرأة في الإسلام

إن مكانة المرأة سامية في الدين الإسلامي، ومن يتتبع آيات القرآن الكريم ويقف عندها متأملاً يوقن لأول وهلة تلك المكانة التي لاتقل بأي حال من الأحول عن مكانة الرجل فحواء أم البشر يعرف فضلها القاصي والداني فهي زوج آدم ولولاها ما كانت الذرية وما كان التناسل لعمارة الأرض قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا الله رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ (سورة الأعراف آية 189).

مكانة المرأة في الإسلام

حتى تتضح تلك المكانة. نجد أن الخطاب من الله – عز وجل – لآدم لم يقتصر عليه وحده بل خاطب الله عز وجل حواء معه لتكون شريكاً له في تحمل المسؤولية قال تعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظّٰلِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (سورة البقرة الآيات 35-38).

ونلاحظ من خلال هذه الآيات أن المسؤولية كانت مشتركة بين آدم وزوجه ومن يعتقد أن حواء كانت السبب في إخراج آدم من الجنة هو اعتقاد خاطئ وباطل لا أساس له من الصحة وقول غير صحيح ما قال به أحد من العلماء أو العقلاء.

تزداد مكانة المرأة توهجاً وتألقاً عندما نجد في القرآن الكريم سورةً تحمل اسم النساء كما نجد الكثير من سور القرآن وآياته تسهب الحديث عن النساء فلقد تحدث القرآن الكريم عن السيدة الجليلة: «مريم ابنة عمران» وما قامت به من خدمة لدينها ودنياها فقد قامت منذ نعومة أظافرها على خدمة بيت المقدس وهذا العمل هو من أجل الأعمال قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطٰنِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (سورة آل عمران الآيات 35-37).

كما بين لنا القرآن الكريم المعاناة التي لاقتها من سفهاء اليهود وكيف تعاملت معهم بأخلاق الصديقين وصفاء المؤمنين، وقوة الأقوياء، وحكمة العقلاء.

أصالة المرأة في الإسلام

يحكى لنا القرآن الكريم ذلك في مشهد قرآني ينم عن أصالة مريم «عليها السلام» والتزامها بالخلق الرفيع الذي قابلت به إساءة المغرضين عندما تناولوها بالتجريح واتهموها في عرضها، وشرفها قائلين: ﴿يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ (سورة مريم الآيتان 27-28) فقابلت هذه البذاءات والاتهامات بالصمت المهيب، والصبر الجميل، والثبات الرصين قائلة: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ (سورة مريم آية 26).

إن مريم العذراء بصبرها الجميل وعقلها الرصين وفكرها الثابت وإيمانها العميق تزن مئات الرجال بل الآلاف وبهذا استحقت كريم السماء، ويكفيها فخراً أنها تحملت الكثير بسبب حملها بنبي الله عيسى عليه السلام بكلمة «كن» فقدمت للبشرية «عيسى ابن مريم» الذي امتن الله عليه بالرسالة فملأ الأرض عدلاً وحباً وسلاماً وكافح عنت وغرور بني إسرائيل حتى رُفِعَ حيًا إلى السماء.

قال تعالى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقٰنِتِينَ﴾ (سورة التحريم آية 12).

النساء في القران

إن الإسلام يزن الإنسان بعمله لا بنوعه ونسبه وحسبه، فالعمل في الإسلام هو المعيار، والتقوى هي التي ترجع كفة الميزان، فهذا فرعون في ملكه وجبروته، وسطوته، وقوته، وملكه لا يعدل عند الله جناح بعوضة؛ لأنه ضل وأضل وأورد قومه موارد الهلكة، وها هي آسية زوج فرعون الطاغية بإيمانها القوي وفكرها الثاقب وآرائها السديدة تتفوق على آلاف الرجال حينما خالفت الآراء الفاسدة والأفكار الجانحة لفرعون وأتباعه فاستحقت أن يخلد ذكرها مابقيت الحياة، وأن تتبوأ المكانة السامقة في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وصارت مثلاً يحتذى به للباحثين عن الحقيقة، والراغبين في الإيمان قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (سورة التحريم آية 11).

ملكة سبأ

وفي مشهد قرآني مهيب يقص علينا رب العزة قصة بلقيس ملكة سبأ مبينًا لنا كيف تعاملت مع الأحداث بحكمة الحكماء، وذكاء القادة، ورصانة الزعماء، وأمانة المسؤولين، فحافظت على سلامة رعيتها وأمن بلدها، ومقدرات وطنها، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتٰبٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمٰنَ وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ * أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنٰظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ (سورة النمل الآيات 29-35)

وهنا يحكي لنا القرآن الكريم ما كانت عليه تلك المرأة من ذكاء وكياسة وإيثار للسلم على الحرب، واللين على الشدة قالت إن الملوك من شأنهم إذا دخلوا قريةً من القرى أو مدينةً من المدن بعد تغلبهم على أهلها عن طريق الحرب والقتال أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلةً أي أهانوا أشرافها وجعلوهم أذلةً بعد أن كانوا أعزةً ليكونوا عبرةً لغيرهم «وكذلك يفعلون» وهذه هي عادتهم التي يفعلونها عند دخولهم قريةً من القرى عن طريق القهر والأسر والقتال.

والمقصود من قولها هذا: التلويح لقومها أن السلم أجدى من الحرب، وأن الملاينة مع سليمان – عليه السلام – أفضل من المجابهة والمواجهة بالقوة.

وقال قتادة رحمه الله ورضي عنه: «ما كان أعقلها في شركها وفي إسلامها».

ولقد اكتملت حصافة ملكة سبأ حين عرفت الحق فلزمته فأسلمت ومعها قومها: ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِيْ وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمٰنَ لله رَبِّ الْعٰلَمِيْنَ﴾ (سورة النمل آية 44).

فانظر – رحمك الله – إلى تصرف هذه المرأة للتأكد بأن المرأة العاقلة الرشيدة يعطيها الإسلام حقها ويرفع قدرها ويعلي شأنها ويضرب بها الأمثال لتكون قدوةً يحتذى بها ويستفاد منها وينتفع بمشورتها.

وإذا كانت هذه هي بعض الأخبار التي ساقها القرآن الكريم عن نساء فضليات كان لهن دور حيوي ومؤثر في بناء المجتمع وإقامة الحضارات، وهداية الحائرين فإن كتاب الله الخالد لم يغفل الحديث عن البيت النبوي لنتعلم منه حسن العشرة وقمة اللياقة وصفاء العقيدة وحسن الإيمان وكمال التقوى.

القدوة الحسنة

فما أحوج نساء اليوم إلى الاستفادة من سلوك أمهات المؤمنين وحسن تبعلهن وتضحيتهن في سبيل سعادة الرسل صلى الله عليه وسلم، وجهادهن في سبيل نشر الدعوة، وإننا نهيب ببعض نسائنا المتمردات على شرع الله المنبهرات بمفاتن الغرب والاستماع إلى غواية الشياطين أن يقرأن ما سطره القرآن الكريم في سورة الأحزاب حتى يعود إليهن العقل ويرجع إليهن الرشد؛ لأن الطمأنينة في ظل العفة والقناعة، والسعادة في ظل الإيمان وكمال الإحسان، قال تعالى: ﴿يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِله وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَآءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّلوٰةَ وآتِينَ الزَّكوٰةَ وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلٰى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيٰتِ الله وَالْحِكْمَةِ إِنَّ الله كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ (سورة الأحزاب الآيات 30-34).

المساواة في الإسلام

إن شعار مساواة المرأة بالرجل التي تعقد من أجله المؤتمرات وتنفق من أجله الأموال لايمكن أن يرقى بأي حال من الأحوال بالمرأة إلى معنى الإنسانية، لأن ظاهر هذه المؤتمرات الرحمة وباطنها فيه العذاب، ومعظم توصيات هذه المؤتمرات يحط من كرامة المرأة ويقلل من مكانتها لما فيها من إهدار لعفتها وضياع لعزتها، ويعلم الله ما تعانيه المرأة الغربية من تعاسة وشقاء وقلق واضطراب وضياع وهوان.

إن الإسلام أعلن عن قانون المساواة العادل والكامل الذي يعزز مكانة المرأة ويصون حقوقها أخرج الإمام الترمذي وغيره عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: «وما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء». فنزلت هذه الآية: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمٰتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنٰتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقٰنِتٰتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصّٰدِقٰتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصّٰبِرٰتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخٰشِعٰتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقٰتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصّٰئِمٰتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحٰفِظٰتِ وَالذّاكِرِينَ الله كَثِيرًا وَالذّٰكِرٰتِ أَعَدَّ الله لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ سورة الأحزاب آية 35)

السيدة خديجة بنت خويلد

إن التاريخ الإسلامي ثرى بالحديث عن المرأة وذكر مكانتها والدور الذي قامت به في جميع المجالات وفي كل ما يتعلق بشؤون الدنيا والآخرة معًا، ولا يمكن لأحد أن ينكر أو يتناسى الدور الذي قامت به السيدة «خديجة» للإسلام والمسلمين، فقد كان لها دور محوري ومهم في البناء الإسلامي، لقد ساهمت بأموالها وشاركت بآرائها في نشر الدعوة ومساندة الرسول صلى الله عليه وسلم.

إن التاريخ لم ولن ينسى ما قدمته سليلة الحسب والنسب السيدة «خديجة بنت خويلد» صاحبة أول قلب خفق بالإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي هيئ لها من جلال الحكمة وبعد الرأي، وذكاء القلب، وذكاء الحسب ما عز على الأكثرين من الرجال، كانت عاقلةً مصونةً كريمةً، قدمت الكثير للإسلام والمسلمين حيث بذلت مالها ووقفت بكل ما تملك بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها الطاهر.

ولقد ذكرت كتب السير بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعبد في غار «حراء» طوال شهر رمضان وحينما نزل عليه الوحي – وللوحي وقعه وشدته – رجع يرتجب، فهدأت «خديجة» من روعه وطمأنته وقالت له: أبشر يا ابن العم وأثبت، فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة، وكان مما قالته أيضًا مطمئنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر، ولم تقف عند هذا الحد بل أرادت أن تزيد الرسول صلى الله عليه وسلم طمأنينةً وسكينةً فذهبت إلى ابن عمها «ورقة بن نوفل» وكان من المتحنفين، فأخبرته بما أخبرها به الرسول صلى الله عليه وسلم وما حدث له في غار «حراء» من نزول ملائك الوحي «جبريل» عليه السلام فقال «ورقة بن نوفل»: (قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى. وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له: فليثبت)(3).

وقول ابن هشام حدثني من أثق به أن «جبريل» عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (اقرئي خديجة السلام من ربها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خديجة (هذا جبريل يقرئك السلام من ربك، قالت خديجة: الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام).

وعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنهما – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب».

ووفاءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم للسيدة «خديجة» لم يتزوج عليها في حياتها تكريمًا لها وعرفانًا بحقها، وكان يقول بعد وفاتها.

الخاتمة

وفي الختام نقول: إن المرأة المسلمة من أعظم أسباب القوة في المجتمع فهي تملك من المواهب الضخمة الجديرة بأن تبنى أمة أو تهدم أمة، ونهيب بنسائنا المسلمات الفضليات ألا ينخدعن بشعارات الغرب الجوفاء ومقولاته الصفراء التي لاتسمن ولا تغني من جوع ولو عرفت الأخت المسلمة ما تعانيه المرأة الغربية من ذل وهوان وضياع بسبب جموحها وراء الشهوات وتحللها من القيم والأخلاقيات لسجدن شكرًا لله على نعمة الإسلام وازددن تمسكاً بقيمه الرفيعة.

والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى