2025-06-18 1:59 ص
إدارة الموقع
2025-06-18 1:59 ص
قصص من القرآن

الإستهداء بالقرآن الكريم عبر القراءة في قصص المهتدين

من قرأ في قصص المهتدين بالقرآن، علم سر هذا الفرقان الذي لا تنقضي عجائبه. فالخليفة عمر بن الخطاب الملقب بالفاروق، أحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي رُوي أنه قد أسلم بسبب سماعه فواتح سورة طه، وقيل بسبب سماعه لآيات من سورة الحاقة. ومع ضعف الروايات إلا أنه يستأنس بها. وهذا هو السبب المشهور في إسلام غالب الصحابة -رضي الله عنهم-، خاصة في الفترة المكية.

الإستهداء بالقرآن الكريم عن طريق القراءة في قصص المهتدين

هذا الأمر ليس مقتصرًا على العرب فقط؛ فقد ذكر -سبحانه وتعالى- تأثر النجاشي وأصحابه حين قال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83].

قال سعيد بن جبير، والسدي، وغيرهما: نزلت في وفد بعثهم النجاشي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليسمعوا كلامه ويروا صفاته. فلما قرأ عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن، أسلموا وبكوا وخشعوا.

وكم من أعجمي أعلن إسلامه بسبب تأثره بكتاب الله. ومن هؤلاء: المستشرق الفرنسي «إيتان دينيه»، الذي أعلن إسلامه وقال: “ومِـنَ اليسير على المؤمن في كل زمان وفي كل مكان أن يرى هذه المعجزة بمجرد تلاوة في كتاب الله. وفي هذه المعجزة نجد التَّعليل الشَّافي للانتشار الهائل الذي أحرزه الإسلام، ذلك الانتشار الذي لا يدرك سببه الأوروبيون لأنهم يجهلون القرآن، أو لأنهم لا يعرفونه إلا من خلال ترجمات لا تنبض بالحياة فضلًا عن أنها غير دقيقة” , فحينما تقرأ هذه القصص وغيرها، وترى كيف تغيرت أحوال قوم من كفر إلى إسلام، ومن ظلمة إلى نور، بسبب سماع آيات من كتاب الله؛ تتحسر على نفسك، وتقول: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ}.

الاستهداء بالقرآن عن طريق تعلم الإيمان:-

ومن الأمور الأخرى التي تتعلق بالاهتداء بالقرآن أن يكون هناك إيمان يدفعنا إلى الحرص على تعلم القرآن والاهتداء به، أو بمعنى آخر: أن تكون هناك قناعة إلى تعلم هذا القرآن، والشعور بالحاجة الماسة إليه، والتماس طريقه. وهذا ما كان عليه سلف هذه الأمة، فعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: “كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ، فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ، فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا”.

قراءة القرآن باعتباره كتاب هداية وصلاح:- 

كيف يستهدي المرء بكتاب الله؛ وهو يراه ككتاب جامد، أو مقرر دراسي ثقيل لا حياة فيه، همه الوحيد تقليب صفحاته، حتى صرنا نشاهد مسابقات وتحديات فيمن يختم القرآن في أقل وقت ممكن. فتدبّر آية، والعمل بما جاءت به؛ خير من عشرات الختمات. فمن أراد أن ينتفع بالقرآن وجب عليه أن يقف عند الآيات كما يقف عند إشارات الضوء، أوليس لكل إشارة دلالتها الخاصة؟! وقد قال تعالى في منزل كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } الأنفال: 42]. فأعظم دعوة هي الاستجابة لهذا الكتاب، وأعظم فوز هو حياة قلوبنا به.

الاستهداء بالقرآن عن طريق العمل به:- 

يظن البعض أن هجر القرآن محصور في هجر سماعه وتلاوته فقط، ولا يعلم أن هجر القرآن مراتب: كهجر العمل به، والوقوف عند حلاله وحرامه وتحكيمه. ولذلك تجد من يتلوه ليلًا ونهارًا، ولكن للأسف لا تجد في تطبيقاته ما يوحي إلى أنه تزود بهذا الخير العظيم، ولهذا حرص -صلى الله عليه وسلم- في تعليم أصحابه كتاب الله بألَّا يجاوزا عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العمل، فعلمهم بذلك القرآن والعمل جميعًا.

وقد قال المهاجرون لسالم مولى أبي حذيفة في معركة اليمامة: هل تخشى أن نؤتى من قبلك؟ فجعل يقول: بئس حامل القرآن أنا إذن. وجعل يصيح في الناس: يا حملة القرآن، زينوا القرآن بالفعال.

ومن أجل هذا قال العالم المُصلح محمد البشير الإبراهيمي: “تدبُّر القرآن واتّباعه هما فرق ما بين أول الأمّة وآخرها”. وإنّه لفرقٌ هائل، فعدم التدبر أفقدنا العلم، وعدم الاتباع أفقدنا العمل. وإننا لا ننتعش من هذه الكبوة إلا بالرجوع إلى فهم القرآن واتّباعه، ولا نفلح حتى نؤمن ونعمل الصالحات ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

مما يعين على تدبر كتاب الله:-

من أبرز ما يعين على تدبر كتاب الله؛ تقوى الله وحسن العمل، فكلما كان المرء مستقيمًا على طريق الله، واقفًا عند حدوده، مجتنبًا نواهيه، كلما فتح الله له من أسرار هذا الكتاب وفقّهَهُ فيه.

ومن الحلول أيضًا؛ استخراج المعاني القرآنية من الآيات وتعديد أفرادها

وتنزيل تلك الآيات على الواقع، وتأمل ذلك الخطاب الرباني، واستشعار أنك أنت المُخاطب به، وطرح الأسئلة أو الإشكالات التي تواجهها على ضوء هذا الكتاب. فمثلاً كلما مرت عليك ظاهرة اجتماعية معينة تسارع للاستدلال عليها بكتاب الله، وهكذا لا ينتهي اليوم إلا وقد عدت ويدك ملأى من كنوز الآيات.

فالمسلم مطالب اليوم بمصاحبة القرآن، خصوصًا بعد انتشار الفواحش، وظهور البدع والمنكرات، وانتكاس الفطرة؛ فلا بد أن يكون له ورد يومي يشفي به قلبه من مكدرات الحياة. وأن يتغذى من روحه، ويتدبر دوائر آياته، ومقاصده، وحقائقه الإيمانية، ويتتبَّعه آيةً آيةً، ويحاسب نفسه قائلًا: أزادتني هذه إيمانا؟

كما ينبغي أن يجعله مشروعًا لحياته، وخلقًا يتصف به. كلما استيقظ من نومه تساءل: ما معي من القرآن؟ لأن منزلة الحافظ للقرآن عند آخر آية كان يحفظها. عن عبد الله بن عمرو، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها. 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى