
جعل الله تعالى في الرزق قوانين لا تتغير ولا تتبدل، من اتبعها نال الرزق من الله تعالى، وذلك أن الله خلق الخلق وتكفل بالأرزاق كما في قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6].15/12/2011
سنة الله في الرزق
أول معنى الرزق: هو كل ما ينتفع الإنسان به كالأموال مادياً، ومعنوياً كالعلم والمعرفة في الدنيا، كما ذكر في الآخرة كرضوان الله، ومن سنن الله في الرزق مايلي:
- الله هو الرزاق ذو القوة المتين وهو خالق الرزق ومعطيه ومسببه
- قال تعالى {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين} [هود:6]
- وقال تعالى ({وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} [العنكبوت:60]
- قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين} [الذاريات:58]
- قال الله تعالى (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُون} [العنكبوت:17]
- عدم الخوف عليه قال تعالى {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون} [الذاريات:22]
- سنة الله في رزقه لعباده بمباشرة اسبابه
- السعي لكسب الرزق
- قال تعالى ({هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور} [الملك:15]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله يحب العبد المؤمن المحترف) أخرجه ابن كثير في تفسير الآية
- اكتساب الرزق بالعمل خير من سؤال الناس، عن الزبير بن العوام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لان يأخذ احدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) رواه البخاري
- السعي لاكتساب الرزق لا ينافي التوكل على الله عن عمر رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطانة) رواه احمد.
- ومرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقومٍ فقال لهم من أنتم؟ فقالوا المتوكلون قال أنتم المتواكلون إنما المتوكل رجل ألقى حبه في بطن الأرض وتوكل على ربه عز وجل) رواه الترمذي
- وسئل الامام أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال لا أعمل شيئاً ويأتيني رزقي فقال هذا رجل جهل العلم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله جعل رزقي تحت ظل رمحي) اخرجه ابو داود سنه الله في الرزق
- كسب المال الحلال بمنزلة الجهاد قال تعالى{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[المزمل:20]، فقد سوّى الله بين الجهاد وكسب الرزق الحلال قال هذا القرطبي في تفسيره الآية ج11/ص٥٥ الرازي في تفسيره ج ٢٠/ ص١٨٧ والزمخشري في الكشاف ج٤/ ٦٤٣
- الرزق الحلال الذي يجمع عن طريق السماحة فهو مبارك فيه عن حكيم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا حكيم ان هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى) اخرجه العسقلاني في شرح صحيح البخاري ج٣ / 335، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبد بعفو إلا عز وما تواضع أحد لله إلا رفعه) رواه مسلم
- الله يرزق المؤمن والكافر قال تعالى {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء:20] فسر هذه الآية القرطبي بأنه يعطي المؤمن والكافر وكذلك الزمخشري والرازي
- التمتع بالطيبات من الرزق قال تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون}[الأعراف:32]
- القانون في التمتع بالطيبات أن يأكل ما تيسر له ولا يتكلف
- الأموال لا تقرب العبد من الله وإنما الذي يقرب العبد إلى الله الشكر والصبر، قال تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُون}[سبأ:37]
- بسط الرزق وتضييقه لا يدل على حب الله أو بغضه للإنسان وإنما هو ابتلاء، قال تعالى {فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَن}[الفجر:15]
- حكمة التفاوت في الرزق لتسخير بعضهم بعضا، قال تعالى ({أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون} [الزخرف:32
- سبب إنزال الرزق للناس بقدر؛ لئلا يحصل البغي، قال تعالى ({وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِير} [الشورى:27]
- 13- المؤمن لا يحزن لهذا التفاوت، قال تعالى {وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُون} [الزخرف:33
موقف المسلم من سنة الله للرزق
يتمثل موقف المسلم من سنة الله في الآتي:
أولاً/ في حالة بسط الرزق
أن يتيقن بأن هذا المال من مال الله، قال تعالى {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } [النور:33]
أن يحذر طغيان المال، قال تعالى { كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}[طه:81]
أن يستحضر في نفسه قصة قارون، قال تعالى {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِين}[القصص:81]
ثانيا/ في حاله تضييق الرزق يتخذ مايلي:
- أن يتيقن بأن هذا ابتلاء من الله
- يصبر
- أن لا ييأس أو يجزع
- أن يعلم أن متاع الدنيا قليل
- أن ينظر لمن هو أقل منه ولا ينظر لمن هو أثر منه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر من هو أسفل منه ممن فضل عليه) البخاري ومسلم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( خذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) رواه البخاري