2025-06-20 4:57 ص
إدارة الموقع
2025-06-20 4:57 ص
دروب القيم والأخلاقتربية وتزكية

الحرب في الإسلام بين الضرورة والأخلاق

إن سياسة الحرب في الإسلام لا تنفصل عن الأخلاق؛ فالحرب لا تعني إلغاء الشرف في الخصومة، والعدل في المعاملة، والإنسانية في القتال وما بعد القتال.

إن الحرب ضرورة تفرضها طبيعة الاجتماع البشري، وطبيعة التدافع الواقع بين البشر الذي ذكره القرآن الكريم بقوله:

{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} (الحج:40)

{وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة:251)

ضوابط الحرب في الإسلام : بين العدل والرحمة

ولكن ضرورة الحرب لا تعني الخضوع لغرائز الغضب والحمية الجاهلية، وإشباع نوازع الحقد والقسوة والأنانية.

إذا كان لا بد من الحرب؛ فلتكن حربًا تضبطها الأخلاق، لا تسيرها الشهوات. لتكن ضد الطغاة والمعتدين، لا ضد الأبرياء والمسالمين.

{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190)

{وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ…} (المائدة:2)

 

أهداف القتال:  الحرب في الإسلام لسبيل الله لا الطاغوت

إذا كان لا بد من الحرب؛ فلتكن في سبيل الله، وهو السبيل الذي تعلو به كلمة الحق والخير، لا في سبيل الطاغوت الذي تعلو به كلمة الشر والباطل.

{الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ…} (النساء:76)

 

نصرة المستضعفين: غاية الحرب في الإسلام

لتكن من أجل استنقاذ المستضعفين، لا من أجل حماية الأقوياء المتسلطين:

{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ…} (النساء:75)

 

أخلاق القتال: لا للغدر ولا للتمثيل

ولتتقيد الحرب بأخلاق الرحمة والسماحة، حتى مع الأعداء الألداء.

الإسلام يوصي ألا يُقتل إلا من يقاتل، ويحذر من الغدر، التمثيل بالجثث، وقطع الأشجار، وهدم المباني، وقتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان.

وصايا النبي والخلفاء الراشدين في الحرب

في القرآن: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ…} (البقرة:190)

في السنة: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله… ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا.”

وكذلك كان الخلفاء الراشدون المهديون من بعده يوصون قوادهم: ألا يقتلوا شيخًا، ولا صبيًا، ولا امرأةً، وألا يقطعوا شجرًا، ولا يهدموا بناءً”، بل نهوهم أن يتعرضوا للرهبان في صوامعهم، وأن يدعوهم وما فرغوا أنفسهم له من العبادة.

 

موقف أبي بكر الصديق من المُثلة

يذكر المؤرخون المسلمون أن الخليفة الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه ـ في المعارك الكبرى التي دارت بين المسلمين والإمبراطوريتين العتيدتين فارس والروم ـ أرسل إليه رأس أحد قادة الأعداء من قلب المعركة إلى المدينة عاصمة الدولة الإسلامية، وكان القائد يظن أنه يسر بذلك الخليفة، ولكن الخليفة غضب لهذه الفِعلة لما فيها من المُثلة، والمساس بكرامة الإنسان فقالوا له: إنهم يفعلون ذلك برجالنا، فقال الخليفة في استنكار: آستنان بفارس والروم؟ لا يُحمل إلى رأس بعد اليوم!.

 

الجانب الإنساني بعد انتهاء الحرب

بعد أن تضع الحرب أوزارها، لا يُنسى الجانب الإنساني والأخلاقي في معاملة الأسرى. قال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا…} (الإنسان:8-9).

 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى