تربية وتزكيةتربية وتزكية
الرحمة ودورنا في استجلابها
﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ (الأنعام: ٥٤) .. وعندما نتدبر هذه الآية العظيمة تبدو علاقة الله تعالى بعبيده فيها الرحمة شأن عظيما، حيث تشملهم جميعا في الدنيا، ويفوز بها أولياؤه في الآخرة.
رحمة الله قامت بها المخلوقات، وحلم الله بها على عباده، وبها هدى عباده إليه، وفيها يدخل أولياءه في الآخرة ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ (الجاثية: ٣٠)، وبها يبتلي ويختبر، ويطهر ويمحص، ويصطفي من يشاء، ويأخذ عدوه ويهلك الظالمين. وبرحمته تراحم كل مخلوق؛ فسبحانه.
أولا /تعريف الرحمة
التعريف اللغة: كلمة الرحمة مشتقة من الفعل رحم وهو دليل على الرقة واللطف والرأفة.
وفي الإصطلاح هو: فعل الإنسان الخير وتقديمه للآخرين والإحسان إليهم.
ثانياً/ أهمية الرحمة
- ) فقد ذكرت كلمة رحمة ومشتقاتها في القرآن الكريم في(٢٦٨) موضعا
- نماذج: منها ما جاءت بصيغة الاسم قال تعالى (إنه هو التواب الرحيم) (٣٧) البقرة
- ومنها ما جاءت بصيغة الفعل قال تعالى (…قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين} [الأعراف:149]
- هي مبتغى المؤمنين ورجاءهم، قال تعالى (…أوليك يرجون رحمة الله) (٢١٨) البقرة
- وهي ما اختص الله بها الأنبياء، قال تعالى (والله يختص برحمة من يشاء) آية (١٠٥) البقرة
- وهي وصف للقرآن، قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٥٨)يونس
- ومن رحمة الله إنزال المطر على الأرض، قال تعالى(وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد) (٢٨) الشورى.
- ومن رحمة الله إعطاء الأرزاق وإنزال البركة في حياة الناس، قال تعالى(ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) آية (١٠) من سورة فاطر
- ومن رحمة الله غفران الذنوب واستحقاق الأجر، قال تعالى (…كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب…) آية (٥٤) من سورة الأنفال.
- ومنها التواد واللطف والعطف بين الناس، قال تعالى (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة) (٢٧) الحديد.
- وهي استجابة الله لمن يتوجه إليه بالدعاء، قال تعالى(…ذكر رحمة ربك عبده زكريا…)(٢)مريم
- وهي صفة من صفات الله تعالى، حيث قال عزّ وجلّ في كتابه (ورحمتي وسعت كل شيء…)(١٥٦)الأعراف ومن صفاته (الرحمن الرحيم)
ثالثاً/ دورنا في إستجلاب رحمة لله
وتتمثل بالآتي:
- شكرها شكرا قلبيا وقوليا وعمليا.
- الإيمان الصادق، قال تعالى(إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا…)(١٥)الحجرات
- التقرب إلى الله بطاعته، قال الله في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي…) الذي سيرد بأكمله في الفقرة (٤) من الآثار الإيجابية.
- ٤) الإلتزام بالكتاب والسنة النبوية، قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا…) (١٠٣)آل عمران+(١٠)الشورى+(٧)الحشر+(٥٩)النساء +(١٠١)آل عمران.
- الرحمة والرأفة بالناس وعدم إيذائهم والإحسان إليهم قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله) رواه الألباني في صحيح الترمذي (الشجنة عروق الشجر المتشابكة).
- اتخاذ الأسباب الحالية لها.
- توطيد العلاقة الاجتماعية بين أفراد المجتمع وتأكيد مبدأ الأخوة بينهم، قال تعالى(وقولوا للناس حسنا)(٨٣)البقرة
- الحرص على التحلي بالآداب الإسلامية، قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديد يصلح لكم أعمالكم…) (٧٠-٧١) الأحزاب + (٩-١١) المجادلة+(١٠-١٢) الحجرات.
- تقوى الله في السر والعلن والابتعاد عن المعاصي والذنوب قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعلكم فرقانا…)(٢٩)الأنفال+(١١-١٢)الحجرات
- تدبر القرآن الكريم وفهم معانيه والعمل بما جاء به والحرص على تلاوته والإصغاء لآياته قال تعالى(ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آنا الليل وهم يسجدون)(١١٣)آل عمران قال تعالى(كتاب أنزلنا إليك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )(٢٩)ص)التحلي بالأخلاق الإسلامية قال الرسول(ص)(إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا…)رواه الألباني في سلسة الأحاديث الصحيحة.
- الحرص على قيام الليل قال تعالى (ليسوا سوء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آنا الليل وهم يسجدون…)) (١١٣) آل عمران +(١-٨) المزمل.
- الجهاد في سبيل الله قال تعالى (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله … )٩٥-٩٦) النساءو، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن في الجنة مائة درجه أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض) رواه البخاري.
ثالثاً/ الآثار الإيجابية للتحلي بالرحمة
وهي تشمل التالي:
- رفعة الدرجات وعلوها عند الله قال تعالى (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر… )٩٥-٩٦) النساء.
- تنمية جانب الأمل والرجاء في حياة المسلم والحد من تأثير جانب الخوف واليأس في حياته قال تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أوليك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) (٢١٨) البقرة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدرسونه بينهم إلا نزلت عليه السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده ) رواه مسلم
- زيادة التقرب إلى الله قال الرسول صلى الله عليه في الحديث القدسي، قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني والله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلات .ومن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا وإذا أقبل إلى يمشي أقبلت إليه أهرول)رواه مسلم.
