2025-09-28 1:15 م
إدارة الموقع
2025-09-28 1:15 م
للعالمين رحمة

إماطة الأذى عن الطريق… سنة منسية

في الإسلام تُقدَّرُ الأعمالُ الصغيرةُ، وتؤخذُ بعينِ الاعتبارِ مثلُها ومثلِ الكبير ومن هذه الأعمالِ السهلةِ المؤثرةِ: إبعادُ الأذى عن الطريق إزالةُ شوكةٍ، أو زجاجةٍ مكسورةٍ، أو حجرٍ قد يجرحُ مارّاً أو يدعو لسقوطِ دابّةٍ؛ هذا الفعلُ الصغيرُ مجتمعياً واجتماعياً مهمّ، وروحانياً له ثوابٌ عظيمٌ.

ما المقصود بـ إبعاد الأذى عن الطريق؟

المقصودُ كلُّ ما يَحُدُّ أو يَؤذي المارَّةَ: شُوكٌ، أحجارٌ، زجاجٌ مكسور، حِجارةٌ صغيرةٌ على طريقِ المشاة، أو غطاء بئرٍ مفقودٍ، أو ما يعرقلُ المارة أو الدواب. ويشملُ ذلكَ أيضاً تسهيلَ الطريقِ لِذوي الحاجةِ عندما يُمكن.

الدليل النبوي وأثره

النبيُّ صلى الله عليه وسلم جعل لهذا الفعلِ منزلةً عظيمةً، ففي الحديث المشهور: «الإيمان بضع وستون (أو سبعُون) شعبةً، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.» وهذا يدلُّ على أن العملَ وإن بدا بسيطًا فهو من شعب الإيمان.

ووردَ أيضاً: «وتميط الأذى عن الطريقِ فقد كانت لك صدقةٌ» وهذا يربطُ العملَ بصيغةِ الصدقةِ المتكررةِ التي تُحتسبُ للمسلمِ دون أن يكلفه كثيراً. كما بيّن العلماءُ أن إماطةَ الأذى سنةٌ مستحبّةٌ، وقد تُصير واجبةً إذا كان الأمرُ مخاطِراً (مثل غياب غطاء بئر في وسط الطريق أو خطرٍ مُحَقٍّ).

أيضاً وردَ عن النبيّ دعوةٌ لإعطاءِ الطريقِ حقَّه: من أخلاقِ الطريقِ غضُّ البصـر وكفُّ الأذى وردّ السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيُرى أن إزالةَ ما يضُرُّ المارَّةَ من واجباتِ حسن الخلقِ بالناس.

فضائلُها وفوائدُها

  • ثوابٌ يوميٌّ وبسيط: تَحسبُ كصدقةٍ لا تحتاجُ إلى مالٍ، بل إلى نيةٍ ووقتٍ قصيرٍ.
  • حفظٌ لحياةِ الناسِ وسلامتهم: تجنُّبُ الإصاباتِ والسقطاتِ خصوصاً للأطفال وكبارِ السنِّ وذوي الاحتياجات.
  • أخلاقٌ اجتماعيةٌ: تعززُ التعاونَ والرحمةَ وروحَ المسؤوليةِ تجاهِ المَجتمع.
  • بيئةٌ أنظفُ ومظهرٌ أجملُ للحيِّ والطريق.

خطوات عمليّة ومبسطة لكيفية التطبيق

  1.  إذا رأيت شوكةً أو زجاجاً مكسوراً: التقطها باستخدام قفازٍ أو قطعةَ قماشٍ وضعها في كيسٍ بعيداً عن الطريق. (سلامتك أولاً).
  2.  لا تُعرّض نفسك للخطر: إن كان الحجرُ كبيراً أو فتحةٌ خطيرةٌ — أنبِه المارةَ وحاول تحذيرَ الجهاتِ المختصة أو صاحِبَ المكانِ.
  3.  ساعد الجيرانَ: حملةٌ أسبوعيةٌ صغيرةٌ لتنظيفِ الشارعِ أو ربطُ شبكةٍ مجتمعيةٍ لإزالةِ المخاطر.
  4.  علّم الأطفالَ: اجعلوا هذا الفعلَ لعبةً مفيدةً في المدرسةِ أو البيتِ — من يلتقط أكثر يصبح «حامي الطريق».
  5.  احترم الملكية: لا تدخلَ ساحةً خاصةً أو ملكيةً دون إذنٍ لإزالةِ شيءٍ — بل أخبر المالك أو الجهة المعنية.

تنبيهُ الأمانِ والضوابط الشرعية

  • لا تُعرضْ نفسك للخطرِ لرفعِ شيءٍ قد يسببُ إصابةً خطيرةً (أسلاكٌ مكهربةٌ، زجاجٌ شديدُ التفتتِ) في هذهِ الحالاتِ اتصلْ بالجهاتِ المختصةِ أو أخبرُ المارةَ لتحاشي الخطر.
  • لا تنتهك خصوصيةَ الآخرين أو تتجاوزُ حدودَ الملكيةِ بغيرِ إذنٍ.
  • إن كان رفعُ الأذى يحتاجُ إلى أدواتٍ خاصةٍ (مثلُ مقصِّ حديدٍ كبيرٍ)، فاتركْ الأمرَ للمختصين أو تعاونْ مع الجهةِ المعنيةِ.
اقتراحاتٌ عمليّة للمساجدِ والمدارسِ والمجتمعاتِ
  • تخصيصُ ركنٍ أسبوعيٍّ في المدرسة: «أسبوعُ الطريقِ الآمن» وتسميةُ الأطفالِ منبّهين.
  • دعوةٌ للمسجدِ لعملِ حملةِ نظافةٍ قصيرةٍ عقب الصلاةِ الكبرى.
  • وضعُ ملصقاتٍ توعويةٍ تحملُ عبارةً بسيطةً: «خطوةٌ بسيطة  وأجرٌ عظيم» مع شرحٍ قصيرٍ عن السُّنةِ.

إماطةُ الأذى عن الطريقِ ليست مجردَ عملٍ يُمحى بعده أثرٌ؛ إنما هي سُنّةٌ تربطُ بين الإيمانِ والعملِ الصالحِ، وتُعلّمُنا أن الرِّعايةَ الجماعيةَ تبدأُ بالأفعالِ الصغيرةِ اليومية، فلتكنِ العينُ تلمحُ ما يُزعجُ المارَّة، واليدُ تبادرُ بالخيرِ، والنيةُ خالصةً لوجهِ الله.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى