وهم الأبراج

علم الأبراج أو التنجيم وهو ربط الاحداث والاقدار ومستقبل الانسان وحظوظِه بالاجرام السماوية وحركاتها ومنازلها، هو من جنس عمل الكهان والعرافين؛ قال رسول الله- ﷺ-: «من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد».
قول القرآن والسنة في علم الأبراج
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن زيد بن خالد الجهني – رضي الله عنه – أنه قال: صلى لنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف اقبل على الناس، فقال: “هل تدرون ماذا قال ربكم؟” قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: “أصبح من عبادِي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: ببنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب”.
في هذا الحديث يبين عليه الصلاة والسلام أن من نسب الأمطار وغيرها من الحوادث الأرضية إلى تحركات الكواكب في طلوعها وسقوطها، معتقدا أنها الفاعل الحقيقي دون الله، فهو كافر مشرك في توحيد الربوبية.
فالله هو الملك العظيم المدبر وحده لا شريك له، العالم بما كان وبما سيكون، وبما لم يكن كيف لو كان، قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59].
وقال تعالى: {وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 73]، وقال: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65].
وعلم التنجيم وهو ربط الاحداث والاقدار ومستقبل الانسان وحظوظِه بالاجرام السماوية وحركاتها ومنازلها، هو من جنس عمل الكهان والعرافين؛ قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: «من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد» (حسنه الألباني).
فيبين النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في هذا الحديث:
أن من تعلم وأخذ من علم النجوم والأبراج واستدل بحركاتها ودخولها وخروجها على الحوادث الأرضية؛ من موت فلان أو حياته، أو مرضه أو شفائه، أو سعادته أو تعاسته، ونحو ذلك مما سيقع في المستقبل، فقد تعلم جزءًا من السحر، وأنه كلما أكثر الإنسان من هذا العلم فقد تعمق في السحر.
وإنك لتعجب من أناس تعلقوا بمن يسمون بالمنجمين، أو بمن يقرؤون المستقبل، أو بمن يسمون بالمشايخ الروحانيين عبر وسائل التواصل الحديثة، أو القنوات المشبوهة لمعرفة مستقبلهم، أو لجلب من يحبون، أو لتحصيل الأموال والحصول على السعادة المزعومة، أو معرفة التوقعات لما يحصل في العام الجديد، بل أصبح الكثير من الشباب والفتيات لا يبدأون يومهم إلا بالاطلاع على أبراجهم التي تبنى عليها سعادتهم وتعاستهم! قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر». (رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني).
ومعنى قوله: «مصدق بالسحر» يدخل فيه التصديق بأخبار المنجمين؛ لأن التنجيم شعبة من شعب السحر.
ثم إن هذه النجوم خلقها الله لحكم بيّنها في كتابه الكريم فقال: {ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين} [الملك: 5]، وقال تعالى: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} [النحل: 16].
قال قتادة – رحمه الله – مبيّنا ما في الآيات الكريمة: “خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجما للشياطين، وعلامات يهتدى بها؛ فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به”. انتهى.
لا ترقب النجم في أمر تحاولُه ** فالله يفعل لا جدوى ولا حمل
مع السعادة ما للنجم من أثرٍ ** فلا يغرك مرِّخ ولا زحل
أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن من دأب وخبث المنجمين ودعاة الأبراج جعل الأشياء الإيجابية أكثر من السلبية فيها؛ ليوفروا لمتابعيهم أحاسيس كاذبة بالراحة والهروب من واقع كئيب مظلم إلى واقع سعيد مشرق؛ ليخدعوا ضعيف العقل، وقليل العلم.
النهي عن التنجيم
فاحذروا وحذروا من متابعة هؤلاء المنجمين ومطالعة الأبراج ولو على سبيل الفضول والاستطلاع والتسلية دون التصديق بهذا الدجل، فهذا منكر عظيم، وفاعله عاصٍ لله ولرسوله – صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد عرض نفسه للفتنة، وعرض إيمانه للزوال، وهذا معاوية بن الحكم – رضي الله عنه – يسأل رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ويقول: يا رسول الله، إني حديث عهدٍ بجهلٍ، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منّا رجالًا يأتون الكهان، قال: “فلا تأتهم” (رواه مسلم).
فهذا نهي صريح من النبي بعدم إتيان الكهان أو الاطلاع على افكاهم أو الاستماع لهم، ويدخل في هذا مطالعة الأبراج؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» (رواه مسلم).
فالواجب علينا الحذر من التعلق بالأبراج ومروجيها، والتواصي بهجرها لله تعالى، والتوكل على الله في كل الأمور، والرضاء بقدرِه، والحرص على أهم ما نملك وهو توحيدنا من أن يلوثها المنجمون، وقد قال – صلى الله عليه وآله وسلم -: «من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد – صلى الله عليه وآله وسلم -» (رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني).