الدرس الخامس عشر- اعتزال النساء في المحيض – سورة البقرة الآيات [222-223]

وفي الدرس الخامس عشر من آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – اعتزال النساء في المحيض – والتي وردت في سورة البقرة الآيات [222-223]، قال تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين}{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين}[البقرة:223].
الحكم الأول- اعتزال النساء في المحيض
س/ ما الذي يجب اعتزاله من المرأة حالة المحيض؟
جـ/ اختلف العلماء في ذلك على النحو التالي:
- الرأي الأول- جميع بدن المرأة. وهو مروي عن ابن عباس وعبيدة السلماني، حجة المذهب الأول: أن الله أمر باعتزال النساء ولم يخصص من ذلك شيئاً دون شيء فوجب اعتزال جميع بدن المرأة لعموم الآية [فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ] [البقرة:222].
- الرأي الثاني- ما بين السرة والركبة. وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، حجة المذهب الثاني: ما روي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت [كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض] رواه البخاري ومسلم وعن ميمونه -رضي الله عنه- قالت [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيّض] رواه البخاري ومسلم.
- الرأي الثالث- موضع الأذى وهو الفرج فقط. وهو مذهب الشافعي، حجة المذهب الثالث: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [اصنعوا كل شيء إلا النكاح]
ورجح المؤلف المذهب الثاني.
الحكم الثاني- إتيان النساء في المحيض
س/ ما هي كفارة من أتى امرأته وهي حائض؟
جـ/ أجمع العلماء على عدم إتيان المرأة وهي حائضة واختلفوا في ماذا يجب على من فعل ذلك وهو على النحو التالي:
- قال الجمهور [الإمام مالك والشافعي وأبو حنيفة] يستغفر الله ولا شيء عليه سوى التوبة والاستغفار.
- وقال أحمد يتصدق بدينار أو نصف دينار لحديث ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض [قال: يتصدق بدينار أو نصف دينار] رواه أصحاب السنن.
الحكم الثالث- الحيض، ومدته
س/ ما مدة الحيض وما أقله وأكثره؟
جـ/ اختلف الفقهاء في مدة الحيض ومقدار أقله وأكثره على أقوال:
- الأول- قال أبو حنيفة والثوري أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام، حجة أبي حنيفة حديث أبي أمامه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام] أحكام القرآن للجصاص.
- الثاني- قال الشافعي وأحمد أقله يوم وليله وأكثره خمسة عشر يوماً، واحتج الشافعي بحديث [تمكث إحداهن شطر عمرها لا تصلي] وهذا الحديث ذكره الرازي في التفسير الكبير والجصاص في أحكام القرآن والقرطبي.
- الثالث- قال مالك في المشهور عنه لا وقت لقليل الحيض ولا كثرته
الحكم الرابع- قرب المرأة الحائض
س/ متى يحل قرب المرأة عند الحيض؟
جـ/ دل قوله تعالى: [وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ] [البقرة:222] على أنه لا يحل للرجل قرب المرأة في حالة الحيض حتى تطهر وقد اختلف الفقهاء في الطهر ما هو؟
- ذهب أبو حنيفة إلى أن المراد بالطهر انقطاع الدم وفصل في هذا إذا كان انقطاع الدم بعد عشرة أيام يجوز وطأها قبل الغسل، وإذا كان انقطاع الدم قبل عشرة أيام لا يطأها إلا بعد أن تغتسل أو يدخل وقت الصلاة.
- وذهب الجمهور إلى أن الطهر الذي يحل به الجماع تطهرها بالماء كطهور الجنب.
- وذهب طاؤوس ومجاهد إلى أنه يكفي في حلها أن تغسل فرجها وتتوضأ وضوئها للصلاة،
- وسبب الخلاف: أن الله قال [وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ] الأولى بالتخفيف والثانية بالتشديد، وكلمة (طهر) فيما لا كسب فيه للإنسان وهو انقطاع دم الحيض، وأما تطهرن فيستعمل فيما يكتسبه الإنسان بفعله وهو الاغتسال بالماء؛ فحمل أبو حنيفة حتى يطهرن على انقطاع دم الحيض [فإذا طهرن] على معنى فإذا انقطع دم الحيض فاستعمل المشدد بمعنى المخفف، وقال الجمهور معنى الآية ولا تقربوهن حتى يغتسلن فإذا اغتسلن فأتوهن فاستعمل المخفف بمعنى المشدد واستدلوا بقراءة الكسائي [حَتَّىَ يَطْهُّرْنَ] بالتشديد في الموضعين.
الراجح قول الجمهور.
الحكم الخامس- يحرم على الحائض.
س/ ما الذي يحرم على المرأة الحائض؟
جـ/ اتفق العلماء على أن المرأة الحائض يحرم عليها الصلاة والصوم والطواف بالبيت ودخول المسجد ومس المصحف وقراءة القرآن ولا يحل لزوجها أن يقربها حتى تطهر.