2025-06-09 3:10 م
إدارة الموقع
2025-06-09 3:10 م
آيات الأحكام في القرآن

الدرس الحادي عشر- إتمام الحج والعمرة – سورة البقرة الآيات [196-203]

في الدرس الحادي عشر سيكون الموضوع حول – إتمام الحج والعمرة – والتي ورد ذكرها في سورة البقرة الآيات [196-203]، قال تعالى:{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب}{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُوْلِي الأَلْبَاب}{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّين}{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَق}{وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار}{أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب}{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُون}[البقرة:196-203].

الحكم الأول- هل تجب العمرة كـ (الحج)؟

س/ هل العمرة واجبه كالحج؟

جـ/ اختلف الفقهاء في حكم العمرة:

  1. فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها واجبة كالحج وهو مروي عن علي وابن عمر وابن عباس، وأدلة الشافعية والحنابلة على النحو التالي:
    • أولاً- قوله تعالى: [وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ] [البقرة:196]
    • ثانياً- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [من كان له هدي فليهل بحجة وعمرة] فتح القدير.
    • ثالثاً- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة] رواه مسلم.
  2. وذهب المالكية والحنفية إلى أنها سنة وهو مروي عن ابن مسعود وجابر بن عبد الله، وأدلة المالكية والحنفية على النحو التالي:
    • أولاً- عدم ذكر العمرة في الآيات التي دلت على فريضة الحج قال تعالى: [وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً] [ال عمران:97] وقال تعالى: [وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق] [الحج:27]
    • ثانياً- قالوا إن الأحاديث الصحيحة التي بينت قواعد الإسلام لم يرد فيها ذكر العمرة فدل ذلك على أن العمرة ليست فريضة وأنها تختلف في الحكم عن الحج.
    • ثالثاً- قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [الحج جهاد والعمرة تطوع] رواه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن ماجه.
    • رابعاً- ما روي عن جابر ابن عبد الله [أن رجلاً سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة هي؟ قال: لا وأن تعتمرون خير لكم] أخرجه الترمذي وصححه.
    • خامساً- وأما أدلة الشافعية والحنابلة محمولة على أن من شرع في الشيء لزمه تمامه وهذا باتفاق.

الحكم الثاني- في الإحصار

س/ هل الإحصار يشمل المرض والعدو؟

جـ/ اختلف العلماء في السبب الذي يكون فيه الإحصار والذي يبيح للمحرم التحلل من الإحرام.

  1. ذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد إلى أن الإحصار لا يكون إلا من عدو لأن الآية نزلت في إحصار الرسول صلى الله عليه وسلم عام الحديبية [عندما مُنع من دخول مكة هو وأصحابه حين كانوا محرمين بالعمرة] رواه مسلم وقال ابن عباس [لا حصر إلا حصر العدو] رواه مسلم.
  2. وذهب أبو حنيفة إلى أن الإحصار يكون من كل حابس يحبس الحاج عن البيت من عدو أو مرض أو خوف أو ذهاب نفقة أو ضلال راحلة أو موت محرم الزوجة في الطريق وغير ذلك من الأعذار المانعة حجته: ظاهر الآية [فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ]، ولم يقل حصرتم لأن حصر تختص بحبس العدو أو السلطان، أما حجة الجمهور أن الله -تعالى- ذكر في الآية قوله [فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] [البقرة:196].
    الراجح ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة.

الحكم الثالث- الواجب على المحصر

س/ ماذا يجب على المحصر؟ وأين موضع ذبح الهدي؟

جـ/ قال الجمهور ما يذبحه المحصر بقرة او بدنه أو شاة، وقال ابن عمر لا يجزئ الشاة وإنما بقرة أو بدنه.

أما المكان الذي يذبح فيه هدي الإحصار فقد اختلف العلماء على أقوال:

  1. فقال الجمهور الشافعي ومالك وأحمد هو موضع الحصر في الحل أو الحرم سواء كان في الحل أو الحرم.
  2. وقال أبو حنيفة لا ينحره إلا في الحرم لقوله تعالى: [ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيق] [الحج:33].
  3. وقال ابن عباس إذا استطاع أن يبعث به إلى الحرم يفعل فإذا لم يستطع ينحره في محل إحصاره.
    الراجح قول الجمهور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أحصر بالحديبية نحر الهدي فيها وأما قوله تعالى: [هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ] [المائدة:95]، [ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيق] [الحج:33]، في الحالة الطبيعية غير الإحصار.

الحكم الرابع- المتمتع بلا هدي

س/ ما حكم المتمتع الذي لا يجد الهدي؟

جـ/ دل قوله تعالى: [فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] [البقرة:196] على وجوب دم الهدي على المتمتع فإن لم يجد الدم لعدم المال أو الحيوان صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله.

وقد اختلف الفقهاء في هذا الصيام قال تعالى: [فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ] [البقرة:196]،

  • قال أبو حنيفة المراد في أشهر الحج وهو ما بين الإحرامين إحرام العمرة وإحرام الحج فإذا انتهى من عمرته حل له الصيام وإن لم يحرم بعد بالحج والأفضل أن يصوم يوم التروية ويوم عرفة ويوما قبلهما.
  • وقال الشافعي لا يصح صومه إلا بعد الإحرام في الحج لقوله تعالى: [فِي الْحَجِّ].
  • ويرى بعض العلماء أن من لم يصمها قبل العيد فليصمها في أيام التشريق لقول عائشة وابن عمر -رضي الله عنه- [لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي] رواه البخاري.
    وأما السبعة الأيام فقد اختلف الفقهاء في صيامها:
  • فقال الشافعي وقت صيامها الرجوع إلى الوطن الذي يقيم فيه لقوله تعالى: [وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ].
  • وقال أحمد يجزئه أن يصوم في الطريق ولا يشترط أن يصل إلى وطنه.
  • وقال أبو حنيفة المراد بالرجوع الفراغ من أعمال الحج وهو مذهب مالك ورجح الشوكاني قول الشافعي واستدل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله] فتح القدير، وثبت أيضاً في الصحيح من حديث ابن عباس بلفظ [وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم] أحكام القرآن للجصاص.

الحكم الخامس- في وجوب الدم للمتمتع

س/ ما شروط وجوب دم التمتع؟

جـ/ قال العلماء يشترط لوجوب دم التمتع خمسة شروط:

  1. تقديم العمرة على الحج
  2. أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج
  3. أن يحج في تلك السنة لقوله تعالى: [فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ]
  4. ألا يكون من أهل مكة لقوله تعالى: [ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ] [البقرة:196]
  5. أن يحرم بالحج من مكة فإن عاد إلى الميقات فأحرم بالحج لا يلزمه دم التمتع.

وقال المالكية شروطها ثمانية وهي كالتالي:

  1. أن يجمع بين الحج والعمرة
  2. في سفر واحد
  3. في عام واحد
  4. في أشهر الحج
  5. وأن تقدم العمرة على الحج
  6. وأن يكون إحرام الحج بعد الفراغ من العمرة
  7. وأن تكون العمرة والحج عن شخص واحد
  8. ألا يكون من أهل مكة

الحكم السادس- التمتع لأهل مكة

س/ من هم حاضري المسجد الحرام؟

جـ/ دل ذلك قوله تعالى: [ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ] على أن أهل الحرم لا متعة لهم وهذا مذهب ابن عباس وأبي حنيفة، وقال مالك والشافعي وأحمد إن للمكي أن يتمتع بدون كراهة وليس عليه هدي ولا صيام واستدلوا بأن الإشارة تعود إلى أقرب مذكور وأقرب المذكور هنا هو وجوب الهدي أو الصيام على المتمتع، وأما أبو حنيفة فقد أعاد الإشارة إلى التمتع والتقدير في ذلك التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، وقد اختلفوا في المراد من قوله تعالى: [حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ]، فقال مالك هم أهل مكة بعينها واختاره الطحاوي ورجحه، وقال ابن عباس هم أهل الحرم قال الحافظ وهو الظاهر، وقال الشافعي من كان أهله على أقل من مسافة تقصر فيها الصلاة واختاره ابن جرير، وقال أبو حنيفة هم أهل المواقيت ومن ورائها من كل ناحية.

الحكم السابع- أشهر الحج

س/ ما أشهر الحج؟

جـ/ أختلف العلماء في المراد من قوله تعالى: [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ] [البقرة:197] فما هذه الأشهر؟

  1. ذهب أبو حنيفة إلى أن أشهر الحج [شوال وذي القعدة وذي الحجة كله] وهو قول ابن عمر وابن مسعود وعطاء ومجاهد.
  2. وذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد إلى أن أشهر الحج [شوال وذي القعدة وعشر ذي الحجة] وهو قول ابن عباس والسدي والشعبي والنخعي، وأما وقت العمرة جميع أشهر السنة.

الحكم الثامن- الإحرام قبل أشهر الحج

س/ هل يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج؟

جـ/ اختلف الفقهاء فيمن أحرم بالحج قبل أشهر الحج هل يصح إحرامه؟

  1. القول الأول- قول ابن عباس: من سنة الحج أن يحرم به في أشهر الحج
  2. القول الثاني- قول الشافعي: أن من أحرم بالحج قبل أشهر الحج لم يجزه ذلك ويكون عمرة كمن دخل في الصلاة قبل وقتها فإنه لا يجزئه وتكون نافلة.
  3. القول الثالث- مذهب أحمد: أنه مكروه فقط ويجوز الإحرام قبل دخول أشهر الحج.
  4. القول الرابع- مذهب أبي حنيفة: جواز الإحرام في الحج في جميع السنة كلها وهو مشهور مذهب مالك واستدلوا بقوله تعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ] [البقرة:189] وقالوا كما يصح الإحرام للعمرة في جميع أشهر السنة كذلك يجوز الإحرام للحج.

ورجح القرطبي والشوكاني مذهب الشافعي.

الحكم التاسع- محرمات الإحرام

س/ ما محرمات الإحرام؟

جـ/ حضر الشارع على المحرم أشياء كثيرة منها ما ثبت بالكتاب ومنها ما ثبت في السنة وهي كالتالي:
1- الجماع ودواعيه 2- اكتساب السيئات 3- المخاصمة والمجادلة قال تعالى: [فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ…] [البقرة:197]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: [من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه] رواه البخاري.

الحكم العاشر: في وقوف عرفة.

س/ ما هو حكم الوقوف بعرفة ومتى يبتدأ وقته؟
جـ/ أجمع العلماء على أن الوقوف بعرفه ركن الحج الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم: [الحج عرفة] من جاء ليله جمعٌ قبل طلوع الفجر فقد أدرك] رواه أحمد وأصحاب السنن.

ويرى جمهور العلماء أن وقت الوقوف يبدأ من زوال يوم التاسع إلى طلوع فجر يوم العاشر وأنه يكفي الوقوف في أي جزء من هذا الوقت ليلاً أو نهاراً إلا أنه إذا وقف في النهار وجب عليه مده إلى ما بعد غروب الشمس أما إذا وقف في الليل فلا يجب عليه شيء.

وقال مالك بأن الواقف بعرفة إذا خرج منها قبل الغروب بطل حجه، وقال الشافعي وأحمد وأبو حنيفة عليه دم.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى