الاعتصام بالله
الاعتصام بالله أو التمسك بحبل الله: عهده أو دينه أو القرآن الكريم لأنه سبب يوصل إلى الله واصل، والحبل هو السبب الذي يتوصل به إلى الهدف، ومعنى هذا أن أساس التجمع الذي يجتمع عليه المسلمون كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما مرجع جميع المسلمين في كل شئونهم
قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فالف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون (103) آل عمران.
كيف يتم الاعتصام بالله؟
يتم الاعتصام بحبل الله من خلال الآتي:
أن القرآن والسنة يتضمنان ثلاث دوائر
الدائرة الأولى: الثبات في الاعتصام بالله
أهداف دائرة الثبات:
- تجسيد الوحدة الفكرية والشعورية والعملية للامة
- تجعل من الأمة الإسلامية وحدة في الاتجاه والغاية والفكر
الأمثلة على الثوابت
- أصول العقيدة والإيمان الأمثلة: أركان الإيمان وأركان الإسلام
- أصول العبادات / العبادات الشعائرية وجوب الصلاة بفروضها الخمسة وجوب صيام شهر رمضان وجوب الزكاة زكاة الأموال وزكاة الأبدان وجوب الحج والعمرة في العمر مرة واحدة
- أصول الأخلاق / وجوب التخلق بالأخلاق الفاضلة وتحريم التخلق بالأخلاق الرذيلة الصدق الصبر الأمانة والأخلاق الرذيلة: الكذب الخيانة
- أصول المعاملات (شئون الحياة) الأمثلة البيع عقد النكاح الملكية الفردية الملكية العامة
- الميراث
- الاعتقاد بتفاضل الناس في الأرزاق
- إيجاب الإنفاق في سبيل الله
- تحريم التقتير والتبذير والإسراف
- تحريم الربا والاحتكار واستغلال النفوذ
- تحريم أكل أموال الناس بالباطل إباحة الطيبات
- تحريم الخبائث
- وجوب البحث عن الرزق
- وجوب المحافظة على الأموال العامة
- إقامة الحدود / وهذه تحكم بنصوص قطعية الدلالة قطعية الثبوت ولا يجوز الخلاف أو الاجتهاد فيها.
الدائرة الثانية: المرونة
وهي التي يتناول الفرعيات والكيفيات والأمور التي تتغير تغيرا جزئيا
وهذه أدلتها ظنية الدلالة ظنية الثبوت أو ظنية الثبوت والدلالة، الأمثلة استغلال الأراضي من غير الزراعية من غير مالكها تسمى (إعارة إجارة مزارعة)
الدائرة الثالثة: وهي التي ليست فيها أدلة من الكتاب والسنة
وهي باب السعة المسكوت عنها أو منطقة العفو قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) رواه الدارقطني حديث حسن وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فان الله لم يكن لينسى شيئا ثم تلا (وما كان ربك نسيا ) أخرجه الحاكم والبيهقي وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( انتم اعلم بأمور دنياكم ) رواه مسلم
وفي هذه الدائرة يدخل فيها معظم القوانين
مثل: قانون التعليم، قانون المرور، قانون الصحة، قانون البيئة ….) وفيها أيضا يدخل فصائل العمل الإسلامي.
الثوابت والمتغيرات في تعدد فصائل العمل الإسلامي
كيف يصبح تعدد فصائل العمل الإسلامي ظاهرة إيجابية؟ ما هي الثوابت التي يجب أن يتقيد بها؟ وماهي المتغيرات التي يسوغ أن تكون محل اجتهاد حتى يرشد هذا التعدد ويتحول الى ظاهرة إيجابية فلابد من:
الثوابت التي يرتكز عليها التعدد الراشد المعقول لكي يكون التعدد إيجابيا ومقبول فلابد أن ينطلق من الثوابت التالية:
- وحدة الأصول الاعتقادية: فالأصول الثابتة بالكتاب والسنة وبالإجماع هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء ليس لأحد خروج عنها ومن دخل فيها فهو من أهل الإسلام المحض وهم أهل السنة والجماعة. وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوع فيه الأنبياء قال تعالى (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم (16) المائدة.
والتنوع قد يكون بالوجوب تارة وقد يكون في الاستحباب تارة أخرى) مجموع فتاوي بن تيمية (19/117
الأمثلة:
- تنوع شرائع الأنبياء فإنهم متفقون على أن الله امر كل منهم بالدين الجامع وان يعبده بتلك الشريعة والمنهاج كما أن الأمة الإسلامية متفقة على أن الله امر كل مسلم من شريعة القران بما هو مأمور به أما إيجابا وأما استحبابا وان تنوعت الأفعال في حق أصناف الأمة فلم تختلف اعتقادهم ولا معبودهم ولا أخطأ أحدا منهم بل كلهم متفقون على ذلك بتصدق بعضهم بعضا.
- حصر الخلاف في دائرة الفروع والمسائل الاجتهادية والمطلوب العمل الدائم على:
- العمل الدائم والمستمر على حصر الاختلاف في هذه الدائرة
- ما يؤدي الى حصر الاختلاف في هذه الدائرة يستلزم وجود روح الغافر بين هذه الفصائل وعذر كل فريق للأخر فيما خالف فيه
- بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين وقد تقرر من بديهيات الشريعة أن القواعد العظيمة التي هي جماع الدين تأليف القلوب واجتماع الكلمة وإصلاح ذات البين والحض على الجماعة والائتلاف والنهي عن الفرقة والاختلاف، وإن من نصب شخصا أو مذهبا أو طريقة كائنا من كان فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا) وإنه إذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين مثل اتباع الأئمة والمشائخ فليس له أن يجعل منهم المعيار فيوالي من وافقهم ويعادي من خالفهم.
- الاجتماع على أصول أهل السنة والجماعة وحصر الخلاف في دائرة الفروع والمسائل الاجتهادية فهو السبيل لبقاء الألفة والعصمة
- وحدة الموقف السياسي والجهادي فتختلف تعدد الحركات الإسلامية عن تعدد المذاهب الفقهية في أمر هام وهو أن المذاهب الفقهية حركات علمية بحتة تمحورت حول عدد من الاجتهادات العلمية وليس لها برامج تغييرية محددة لتغيير الواقع القائم في الأمة، أما الحركات الإسلامية فهي حركات تغيرية قامت ابتداء من اجل تغيير الواقع السيئ الى النظام الإسلامي ومن اجل هذا فلابد لها من التنسيق فيما بينها في القضايا الكبرى ولتحقيق هذا التنسيق لابد له من أربعة أمور.
- أن تتوحد الفصائل في اتخاذ المواقف المهمة والجامعة
- ألا يدعي أي فصيل من الفصائل الحق فيما تقوم به الدولة مثل الجهاد العسكري وإقامة الحدود
- ألا يدعي أي فصيل من الفصائل احتكار الحقيقة
- التكامل مع الآخرين وذلك بتأسيس النظرة الى التعدد على انه تعدد الجماعة تنوع وتخصص تتكامل به الجهود وتحيا به الفرائض كافة وليس تعدد تضاد وتنازع تتهارج به الصفوف وتتقطع به العلائق ولا يتحقق هذا ألا إذا وجد الانفتاح على الأخر.
المتغيرات ومواضيع الاجتهاد في قضية التعدد أما المتغيرات ومواضع الاجتهاد في هذه القضية فهي متعددة نذكر منها.
- تفاوت الاجتهادات في وسائل الدعوة والتربية
- تفاوت الاجتهادات في السياسات التنظيمية في وضع هياكل تنظيمية وتنظم شؤونها المالية والإدارية كما تشاء
- تحقيق مزيد من التقارب والتكامل ومن الصيغ المقترحة في هذا التقارب
- تبادل المحاضرين بين هذه الفصائل
- الاشتراك في بعض الإصدارات العلمية
- الاشتراك في بعض البرامج الدعوية والتربوية
- تأسيس لجان مشتركة للتشاور وفض الخصومات
- اختيار الصيغ المناسبة التي يتم على أساسها التنسيق والتكامل.
