تنمية الذاتإشراقة الذات
المبادرة الذاتية

المبادرة الذاتية هي صفة القادة العظماء، حيث يتحلى المبادر بالشجاعة و القوة و الهمة العالية و سرعة البديهة، و تمثل ذلك النموذج في الخلفاء الأربعة (أبو بكر و عمر و عثمان و علي) و قادة المعارك و السرايا و البعوث و النقباء رضي الله عنهم و أرضاهم، فما هي المبادرة الذاتية وكيف نحققها؟
أولا/ تعريف المبادرة
هي انطلاقة المؤمن ومسارعته إلى عمل صالح بحافز ذاتي من نفسه بعد أن يتوافر في نفسه الميزان الأمين ليحدد العمل الصالح ممن سواه وليطمئنن إلى أنه لا يتجاوز حدوده ولا يعتدي على غيره ولا يدخل في فتنة تغضب الله.
ثانيا/ عوامل الدوافع الذاتية
- صفاء الإيمان والتوحيد وقوتهما.
- العلم بمنهاج الله قرآن وسنة.
- العلم بالواقع الذي يتحرك فيه المؤمن.
- الخبرة والمران والإعداد والتدريب على ممارسة منهاج الله في الواقع البشري.
ثالثا/ أقسام المبادرة
تنقسم المبادرة الذاتية إلى قسمين:
- مبادرة ذاتية محمودة: وهي المسارعة الى ما يسعد الإنسان في الدنيا والأخرة.
- مبادرة ذاتية مذمومة: وهي المسارعة الى إشباع الرغبات في الحياة الدنيا وإيثارها على الحياة الآخرة.
رابعا/ أساليب تعميق المبادرة الذاتية في القرآن الكريم
- عرض المبادرة كصفة من صفة أهل الكتاب الذين كانوا متمسكين به وعند ما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بادروا للإيمان به وحملوا راية الإسلام، قال تعالى: {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ {113} يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} آل عمران (113 ، 114).
- عرض المبادرة من خلال أمر الله للمؤمنين بالمسارعة إلى مغفرة منه سبحانه وتعالى، قال الله عزو جل: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {132} وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} آل عمران (132، 133).
- ومن مظاهر المبادرة: المبادرة في الإنفاق والاتصاف بصفات السابقين في الخيرات، قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آل عمران134.
- المبادرة إلى كف النفس عن اتباع وسوسة الشيطان قبل الفعل الذي يدعوا إليه، قال تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ) (200- 201).
- 5. المبادرة عقب الزلة بالذكر والاستغفار، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} آل عمران135.
- ومن أبرز صفات الأنبياء بالمبادرة بالخيرات (زكريا ويحي)، قال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {89} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (89، 90) الأنبياء.
- المبادرة من أبرز صفات المؤمنين، قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ {57}وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ {58 } وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ { 59 } وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {60 }أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ{ 61}}المؤمنون( 57- 61 ).
خامسا/ المبادرة في السنة النبوية
- الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على المبادرة بالعبادات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بادروا الصبح بالوتر ) صحيح الجامع، وقال صلى الله عليه وسلم: (بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجوم) صحيح الجامع.
- الرسول يحثنا على المبادرة بالأعمال التي تقينا من الشر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بَادرُوا بالأعمال: إمرة السُّفَهَاء وَكَثْرَة الشَّرْط وَبيع الحكم والاستخفاف بِالدَّمِ وَقَطِيعَة الرَّحِم ونشوا أو نشئا يتخذون الْقُرْآن مَزَامِير يقدمُونَ الرجل لِيُغنيَهُمْ بِالْقُرْآنِ وَإِن كَانَ أقل مِنْهُم فقها ). صحيح الجامع.
- الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على المبادرة، لاستغلال الفرص قبل فواتها، ففِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ” «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتَّةً: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ» “. وَفِي رِوَايَةٍ «وَأَمْرَ الْعَامَّةِ، وَخُوَيِّصَةَ أَحَدِكُمْ» .(الموت)
- الرسول صلى الله عليه وسلم ، يوضح لنا المخرج من الفتن والتحصن منها، بالمبادرة بالأعمال، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بادروا بالأعمال: فتنًا كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا, يبيع دينه بعرض من الدنيا” رواه مسلم.
سادسا/ المطلوب منا ما يلي:
- أن نستفيد من أساليب القرآن والسنة، في تعميق المبادرة لدى المستهدفين.
- أن ننتقل إلى الجانب العملي بان نعزز ونشجع من يبادر وان حدثت منه أخطاء نعالجها، قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ }الأحقاف16.
- أن نعالج ضعف المبادرة من خلال المواقف ليدفع كل قائد لاتخاذ الموقف المناسب باقتبال الفرص التي تعرض له و امتصاص أثر المخاطر التي قد تعترض سيره.
- أن نقارن بين نتائج عمل المبادر ونتائج عمل غير المبادر.
- لا بد أن تكون المبادرة مدروسة في إطار المشروعية.
- وإذا أردنا أن نحقق المبادرة ميدانياً فلا بد من توزيع الأدوار، فيتفرغ كل واحد لعمل محدد .
سابعا/ إيجابيات المبادرة
- استغلال الفرص استغلاً كاملاً.
- تجنب المخاطر التي قد تهدد سير العمل الإسلامي أو تمتص الآثار السلبية للمخاطر.