الدرس الرابع والستون – القذف في المحصنات من الكبائر – سورة النور الآيات [4-5]

الدرس الرابع والستون في آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – القذف في المحصنات من الكبائر – والتي ورد ذكرها في سورة النور الآيات [4-5]، مادة من [289-290] قانون العقوبات اليمني، قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون}{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [النور:4-5].
الحكم الأول- الإحصان
س/ ما معاني الإحصان؟
جـ/ ورد معنى الإحصان في الشريعة الإسلامية على أربعة أمور وهي:
- العفة: قال تعالى: [وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ] [المائدة:5].
- الحرية: قال تعالى: [فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ] [النساء:25].
- التزوج: قال تعالى: [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ… وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ] [النساء:23].
- الإسلام: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [من أشرك بالله فليس بمحصن] أحكام القرآن للجصاص.
الحكم الثاني- في القذف
س/ ما شروط القذف؟
جـ/ الشروط منها ما يجب توفرها في القاذف ومنها ما يجب توفرها في المقذوف وهي كما يلي:
- أولاً- شروط القاذف: 1- العقل 2- البلوغ 3- الاختيار.
- ثانياً- شروط المقذوف: هي 1- الإسلام 2- العقل 3- الحرية 4- العفة وشرحها في التالي:
- أما شرط الإسلام: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [من أشرك بالله فليس بمحصن] أحكام القرآن للجصاص.
- وأما العقل: فلأن الحد إنما شرع للزجر عن الأذية والمجنون لا يتأذى.
- وأما البلوغ: فإن الطفل لا يتصور منه الزنى، هذا عند الشافعي وأبو حنيفة وخالف ذلك مالك وأحمد.
- وأما الحرية: فالجمهور يشترطها قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [من قذف مملوكه بالزنى أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال] رواه البخاري ومسلم.
وقال ابن حزم يحد من قذف العبد ولا فرق بين الحر والعبد.
وأما العفة: فلا خلاف في اشتراطها لأن الآية تقول [وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ] [النور:4].
الحكم الثالث- موجبات حد القذف
س/ ما ألفاظ القذف الموجبة للحد؟
جـ/ تنقسم ألفاظ القذف إلى ثلاثة أقسام [صريح – كناية – تعريض]
- الصريح: كقوله: [يا زاني، يا زانية، يا ابن الزنى] ولا خلاف في هذا أنه قذف.
- الكناية: كقوله: [يا فاسقة، يا فاجرة، يا خبيثة] وهذا يحتاج إلى توضيح وبيان.
- التعريض: كقوله: [لست بزانً وليست هي بزانية]
وقد اختلف العلماء في التعريض هل هو من القذف الموجب للحد أم لا:
- ذهب مالك إلى أنه قذف، واستدل مالك بقول الله تعالى: [يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا] [مريم:28] وقد اعتبر هذا القرآن بهتاناً عظيماً قال تعالى: [وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا] [النساء:156].
- وقال الشافعي وأبو حنيفة لا يكون قذفاً إلا إذا قال القاذف أردت به القذف، واستدل الشافعي وأبو حنيفة بأن الرجل الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود، وإني أنكرته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [هل لك من إبل؟ قال نعم قال: ما ألوانها قال: حمر قال: فهل فيها من أورق؟، قال: إن فيها لورقا، قال: فأنى ترى ذلك جاءها، قال: يا رسول الله عرق نزعها، قال: ولعل هذا عرق نزعه، ولم يرخص له بالانتفاء منه] رواه البخاري ومسلم.
الحكم الرابع- قاذف الجماعة
س/ ما حكم قاذف الجماعة؟
جـ/اختلف الفقهاء في حكم قاذف الجماعة على ثلاثة مذاهب:
- المذهب الأول- مذهب الجمهور [أبو حنيفة ومالك وأحمد] قالوا يُحد حدا واحداً.
الدليل الآية [وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ] وهلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن سمحاء. - المذهب الثاني- مذهب الشافعي والليث بن سعد قالوا يحد على كل واحد حداً.
- المذهب الثالث- مذهب أبي ليلى والشعبي فرقوا بين أن يقول القاذف للجماعة يا زناة فيحد واحداً وبين أن يقول لكل واحد من الجماعة يا زاني فيحد بعددهم وقد يكون رأي الجمهور هو الأرجح.
الحكم الخامس- شرط عدالة الشهود
س/ هل تشترط في الشهود العدالة؟
جـ/ اختلف العلماء في ذلك:
- فقالت الشافعية بـ: أن الشهود لابد أن يكونوا عدولاً فإذا شهد أربعة فساق على شخص بأنه زنى لا يقوم عليه الحد ولا يحدونهم.
- وقال أبو حنيفة: إذا شهد أربعة فساق على شخص بالزنى لا تقبل شهادتهم ولكنهم لا يحدون حد القذف.
الحكم السادس- في شهود القذف
س/ هل يشترط في الشهود أدائهم للشهادة مجتمعين؟
جـ/ ظاهر الآية أنه لا فرق بالإدلاء بها مجتمعين أو متفرقين وأخذ بظاهر الآية مالك والشافعي.
وقال أبو حنيفة إذا أتوا بها متفرقين يحدون حد القذف ولا يسقط حد الزنى على المقذوف.
الحكم السابع- عقوبة القذف للعبد
س/ هل عقوبة العبد مثل عقوبة الحر؟
جـ/ قال الجمهور يحد نصف الحد الذي على الحر (40) جلدة؛ وذهب الأوزاعي وابن حزم وهو مذهب الشيعة إلى أنه يحد حد الحر (80) جلدة.
الحكم الثامن- حق حد القذف
س/ هل الحد حق من حقوق الله أم من حقوق الإنسان؟
جـ/ ذهب أبو حنيفة بأنه حق من حقوق الله ولهذا لا يؤثر تنازل المقذوف عن القذف، وقال الشافعي ومالك أنه حق من حقوق الإنسان يمكن التنازل عنه، ويرى بعض الفقهاء أنه مزيج بين حق الله وحق الإنسان.
الحكم التاسع- أحكام في القاذف، وشهادته
س/ بم حكم القرآن على القاذف، وهل تقبل شهادته إذا تاب؟
جـ/ حكم القرآن على القاذف بثلاثة أحكام:
- الجلد ثمانين جلدة
- ألا تقبل شهادته أبداً
- أنه وصفه بالفسق والخروج عن طاعة الله ثم عقب بقوله [إلا من تاب]، وقد اختلف الفقهاء في ذلك وقد يكون الأرجح هو: أن القاذف إذا أعلن توبته باعترافه بأن قذفه للمقذوف كذبا وليس حقيقية.