2025-06-18 11:14 م
إدارة الموقع
2025-06-18 11:14 م
آيات الأحكام في القرآن

الدرس الثالث والستون – حد الزنا – سورة النور الآيات [1-3]

في الدرس الثالث والستون من آيات الأحكام سيكون موضوعن عن – حد الزنا – والذي ورد ذكره في سورة النور الآيات [1-3]، وموجود في مادة [263+265+267] من قانون العقوبات اليمني، قال تعالى:{سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون}{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِين}{الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين}  [النور:1-3].

الحكم الأول- عقوبة الزنا قبل الاسلام

س/ كيف كانت عقوبة الزنا في صدر الإسلام؟

جـ/ كانت عقوبة الزنا في صدر الإسلام الحبس للمرأة في البيت وعدم الإذن لها بالخروج منه، وعقوبة الرجل التأنيب والتوبيخ بالقول والكلام قال تعالى: [وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلا] [النساء:15] ثم نسخت بقوله تعالى: [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ…] [النور:2] ويسمون هذا تعزير وليس حد بدليل التوقيت التي اشارت إليه الآية [حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ…]. 

الحكم الثاني- حد البكر، والمحصن في الزنا

س/ ما حد البكر والمحصن بالإسلام؟

جـ/ فرقت الشريعة الإسلامية بين حد البكر [غير المتزوج] وحد المحصن [المتزوج]، فخففت العقوبة في الأول فجعلتها مائة جلدة، وغلظت العقوبة في الثاني فجعلتها الرجم بالحجارة حتى الموت.

  1. دليل الجلد قال تعالى: [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ].
  2. دليل الرجم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم] رواه مسلم وأبو داؤود وإجماع الصحابة والتابعين.

الحكم الثالث- الجمع بين الحدين

س/ هل يجمع بين الرجم والجلد؟

جـ/ ذهب أهل الظاهر إلى وجوب الجلد والرجم في حق الزاني المحصن، وهي إحدى الروايات عن الإمام أحمد -رضي الله عنه-، وذهب الجمهور إلى أن حده الرجم فقط، وهو مذهب جمهور الصحابة والتابعين والرواية الأخرى عن أحمد.
أدلة الظاهرية:

استدل أهل الظاهر على الجمع بين الرجم والجلد بما يلي:

  • العموم الوارد في الآية الكريمة [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ] فإن [آل] للجنس لجميع الزناة، وجاءت السنة بزيادة حكم في حق المحصن وهو الرجم فيزاد على الجلد.
  • حديث عبادة ابن الصامت السابق: [الثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة]
  • ما روي عن على -رضي الله عنه- حين جلد [شراحه]، ثم رجمها في قوله: [جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله].

أدلة الجمهور: على عدم الجمع بين الرجم والجلد بما يلي:

  1. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مشكلة الشاب الذي زنا بزوجة الرجل الذي يعمل عنده، بجلد الشاب مائة وتغريبه عام، وقضى برجم الزوجة، فقال: [اغد يا أنيس إلى أمرأه هذا فإن اعترفت فارجمها] فسألها فاعترفت فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فرجمت.
  2. أن الرسول صلى الله عليه وسلم رجم [ماعز والغامدية]
  3. أن الرجم عقوبة تنهى الحياة فلا يبقى للجلد معنى.
    وأما حديث عبادة بن الصامت منسوخ بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم
    والأرجح رأي الجمهور لقوة الأدلة.

الحكم الرابع- النفي، والتغريب في الزنا

س/ هل ينفى الزاني ويغرب من بلده؟

جـ/ هناك قولان:

يرى أبو حنيفة: الحد الجلد فقط، والتغريب يعود لرأي الحاكم، ومن أدلة الأحناف:

  • أن الآية الكريمة: [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ] ذكرت الجلد ولم تذكر التغريب والحديث لا يكون ناسخاً للقرآن لأنه خبر آحاد، قول علي -رضي الله عنه- أنه قال [إذا زنى البكران فإنهما يجلدان ولا ينفيان لأن نفيهما فتنة] وقال [كفى بالنفي فتنة].
  • نفى عمر -رضي الله عنه- [ربيعة بن أمية] فلحق بهرقل فقال [لا أغرب بعد اليوم]
  • وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا ُيثَرّب عليها ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يُثَرّب عليها ثم إذا زنت الثالثة فتبين زناها فلبيعها ولو بحبل من شعر] متفق عليه. والتثريب: اللوم والتوبيخ

ويرى الجمهور [مالك والشافعي وأحمد]: الجلد مائة والتغريب عام، ومن أدلة الجمهور:

  1. حديث عبادة بن الصامت المتقدم الذكر [البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام]
  2. قصة العسيف الذي زنى بزوجة الإعرابي [جلد مائة وتغريب عام…]

واختلفوا بتغريب المرأة عام فقال مالك والأوزاعي أن التغريب خاص بالرجل وقال الشافعي وأحمد أن التغريب للرجل والمرأة على السواء كما في عموم الأدلة، وتغرب المرأة مع محرم ويكون نفقته عليها.

الحكم الخامس/ في الذمي المحصن

س/ ما هو حد الذمي المحصن؟

جـ/ اختلف العلماء في حد الذمي المحصن:

  1. ذهب الحنفية إلى أن حده الجلد، أدلة الأحناف ما يلي:
    • حديث ابن عمر -رضي الله عنه- [من أشرك بالله فليس بمحصن] رواه إسحاق بن رهاوية مرفوعاً، ورواه الدار قطني في سننه، والصحيح أنه موقوف.
      وقالوا إن النعمة في حق المسلم أعظم، فكانت العقوبة اشد ويقصدون بالنعمة: نعمة الإسلام، واستدلوا بقوله تعالى: [يَانِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا] [الأحزاب:30].
    • واعتبروا بأن إحصان القذف يعتبر فيه [الإسلام] فلذلك إحصان الرجم.
  2. وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن حده الرجم، وأدلة الشافعية ما يلي:
    1. استدلوا بعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إذا قبلوا الجزية فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين]
    2. واستدلوا بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنه- [أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهم قد زنيا، فقال: ما تجدون في كتابكم؟ قالوا نخسم وجوههما ويخزيان، قال: كذبتم، إن فيها الرجم (فأتوا بالتوراة فأتلوها إن كنتم صادقين…)، فإمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمهما].
    3. وقالوا إن الزجر بالجلد يحتاجه المسلم وغير المسلم.

الحكم السادس- إقامة الحدود

س/ من الذي يتولى إقامة الحدود؟

جـ/ الظاهر من قوله تعالى: [فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ] إنه خطاب موجه (لأولي الأمر) من الحكام؛ لأن فيه مصلحة للمجتمع وذلك درءا للفساد واستصلاح العباد وكل ما كان من قبيل المصلحة العامة على المسلمين وغيرهم ولا خلاف في ذلك، والخلاف حول إقامة الحد على الرقيق وهو على مذهبين:

  • مذهب مالك والشافعي وأحمد: يقولون بأن سيد العبد أو الأمه هو الذي يقيم الحد، أدلة الجمهور:
    • حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- [إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يُثَرّب …] رواه الستة عن أبي هريرة مرفوعاً.
    • حديث علي -رضي الله عنه- [أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم من أحصن أو لم يحصن] رواه مسلم
  • أما الأحناف فقالوا: إن جميع الحدود للأحرار والعبيد يقيمها ولاة الأمر دليل الأحناف:
    1. أحتج الأحناف بظاهر الآية الكريمة [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ]؛ لأن الآية عامة لم يفرق بين الأحرار والعبيد.
    2. وأولوا الحديث السابق بأن المقصود به تبليغ الحكام ليقيموا الحدود.
  • ورجح المؤلف رأي الجمهور.

الحكم السابع- كيفية الجلد

س/ ما صفة الجلد وكيفيته؟

جـ/ استدل العلماء من قوله تعالى: [وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ] على أنه لا يجوز تخفيف العقوبة على الزاني بإسقاطها أو اسقاط العدد أو تخفيف الضرب؛ فإن العقوبة ما شرعت إلا للزجر والتأديب ولكن شريطة ألا يكون الضرب جارحاً يسلخ الجلد.

واختلف الفقهاء هل الضرب في جميع الحدود سواء الزاني وشارب الخمر والقاذف:

  • بعضهم يقولون بأن ضرب الزاني والقاذف أشد.
  • وقال آخرون بل الضرب في جميع الحدود سواء.
  • الأحناف قالوا بالتنويع.
  • والمالكية والشافعية قالوا بعدم التنويع. 

الحكم الثامن- مواضع الضرب

س/ ما الأعضاء التي تُضرب في الحد؟

جـ/ اتفق العلماء على أن الضرب في الحدود ينبغي أن يتقي بها الوجه والعورة والمفاصل واختلفوا فيما عدا ذلك من الأعضاء.
الأعضاء المطلوب تجنبها الوجه والذكرين والرأس.  

الحكم التاسع- الشفاعة في الحدود

س/ هل تجوز الشفاعة في الحدود؟

جـ/ لا تجوز الشفاعة في الحدود للشافع والمشفوع عنده لقوله صلى الله عليه وسلم: [من حالت شفاعته دون حد من حدود الله -تعالى- فقد حادّ الله عز وجل] رواه أبو داؤود.

  1. وقيل هذا في قوله تعالى: [وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ]
  2. قصة المرأة المخزومية.

الحكم العاشر- شهود الحد

س/ ما حكم حضور تنفيذ الحد وشهوده؟

جـ/ ظاهر الأمر في قوله تعالى: [وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِين] يقتضي وجوب حضور جمع من المؤمنين عند إقامة الحد والمقصود من حضورهم حد (الزانيين) ويوجد خلاف في عدد الطائفة من المؤمنين. 

الحكم الحادي عشر- اللواط، والسحاق

س/ ما حكم اللواط والسحاق واتيان البهائم؟ مادة [264+268] قانون العقوبات اليمني.

جـ/ اختلف الفقهاء في حكم اللواط على ثلاثة مذاهب:

  1. المذهب الأول- مالك وأحمد وقول للشافعي: يقولون بأن حد اللواط القتل،
    • دليل المذهب الأول: يقولون بالقتل للفاعل والمفعول به سواء كانا بكرين أم ثيبين، الدليل: حديث [من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به] رواه الخمسة إلا النسائي.
  2. المذهب الثاني- قول للشافعي: يقولون بأن حد اللواط كحد الزنا.
    • دليل المذهب الثاني: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان] تفسير أحكام القرآن
  3. المذهب الثالث- قول الأحناف: يقولون بأن حد اللواط حكمه التعزير.
    • دليل المذهب الثالث: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير نفس] في الصحيحين.

حكم السحاق: التعزير، وكذلك حكم إتيان البهائم حده التعزير عند الجمهور.

الحكم الثاني عشر- إثبات الزنا

س/ كيف تثبت جريمة الزنا؟

جـ/ تثبت بالإقرار أو الشهادة من أربعة شهود ذكور عدول مسلمين بالغين عاقلين شاهدوا الجريمة مشاهدة واضحة لا لبس فيها وأن يشهدوا جميعاً في مجلس واحد.

الحكم الثالث عشر- الزواج بالزانية

س/ هل يصح الزواج بالزانية؟

جـ/ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

  1. القول الأول- حرمة الزواج بالزانية وهو منقول عن علي والبراء وعائشة وابن مسعود،
    • دليل القول الأول: قوله تعالى: [الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين] [النور:3]، وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [يا مرثد لا تنكحها] عندما استأذنه بالزواج بـ(عتاق).
  2. القول الثاني- جواز الزواج بالزانية وهو منقول عن أبي بكر وعمر وابن عباس وهو مذهب الجمهور.
    • دليل القول الثاني: حديث أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم الزواج بامرأة زنى بها فقال صلى الله عليه وسلم أوله سفاح وآخره نكاح والحرام لا يحرم الحلال] أخرجه الطبراني والدارقطني.

 

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى