الدرس التاسع والخمسون – أصول تنظيم المجتمع المسلم – سورة الإسراء الآيات [23-39]

في الدرس التاسع والخمسون من آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – أصول تنظيم المجتمع المسلم – والتي وردت آياته في سورة الإسراء الآيات [23-39]، قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا}{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا}{وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا}{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلا}{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا}{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا}{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا}{وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا}{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}{ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} [الإسراء:23-39].
الحكم الأول- التوحيد، والشرك
التوحيد أساس الإيمان، والشرك رأس الكفر والضلال.
الحكم الثاني- الإحسان إلى الوالدين
س/ ما حكم الإحسان إلى الوالدين؟
جـ/ فرض لازم واجب، وقد أمر الله سبحانه بعبادته وتوحيده وجعل بر الوالدين بعد عبادة الله، كما قرن شكرهما بشكره فقال تعالى: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا] الإسراء [23] وقال تعالى: [أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير] لقمان [14].
الحكم الثالث- في بر الوالدين
من البر بالوالدين والإحسان إليهما، الا يتعرض لسبهما ولا لعقوقهما؛ لأن ذلك من الكبائر بلا خلاف، كما أن برهما أداء حقوقهما الخاصة بهما، فتجب طاعتهما في المعروف غير معصية الله ولا تجوز طاعتهما في المعصية.
الحكم الرابع- من عقوق الوالدين
عدم القيام بحقوقهما الخاصة بهما، كذلك التعرض لسبهما، وتلك كبيرة من الكبائر.
الحكم الخامس- هل الاسلام شرط لبر الوالدين؟
جـ/ لا يختص بر الوالدين بأن يكونا مسلمين، بل يجب برهما ولو كانا كافرين، ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد قال تعالى: [لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين] الممتحنة [8] وفي صحيح البخاري عن أسماء بن أبي بكر -رضي الله عنه- قالت: [قدمت أمي وهي مشركة في عهد رسول صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول صلى الله عليه وسلم فقلت قدمت علي أمي وهي راغبة أفاصل أمي قال: نعم صلي أمك] متفق عليه.
الحكم السادس- استئذان الوالدين إحسان، وبر
ومن الإحسان إلى الأبوين والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد الولد إلا بإذنهما، روى مسلم عن عبد الله ابن عمرو قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال: [ألك والدان؟] قال: نعم، قال [ففيهما فجاهد].
أما الوالدان المشركان، فكان الثوري يقول: لا يغزوا إلا بإذنهما وقال الشافعي: له أن يغزوا بغير إذنهما.
الحكم السابع- البر، وصلة ذوي الود
من تمام بر الوالدين: صلة أهل ودهما، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي] رواه مسلم.