الدرس التاسع والأربعون – حكم الغنائم وحكم تقسيمها – سورة الأنفال الآية [1] + الآية [41]

في الدرس التاسع والأربعون من آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – حكم الغنائم وحكم تقسيمها – والتي ورد ذكرها في سورة الأنفال الآية [1] + الآية [41]، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين} [الأنفال:1]
قال تعالى:{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [الأنفال:41].
الحكم الأول- وجوب تلقي الأحكام من الله والرسول صلى الله عليه وسلم
الحكم الثاني- الغنائم
س/ لمن يسند حكم الغنائم؟
جـ/ إسناد الغنائم إلى الله يحكم بها ما يريد، وللرسول صلى الله عليه وسلم يقسمها بينكم، فهل تفويض قسمة الغنائم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تفويض ملك أم تفويض ولاية؟
جـ/ فيها قولان:
- القول الأول- قول ابن العربي أراد به ملكاً، ويقسمها على الصحابة على سبيل المنحة لهم.
- القول الثاني- أراد به ولاية، بأن يقسمها على الصحابة على سبيل الولاية وليس ملكاً، ودليل هذا القول: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [يا أيها الناس انه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس والخمس مردود فيكم] أخرجه البيهقي والنسائي والطحاوي.
فالخمس مالك له حقيقة ثم يرده إلى المسلمين تفّضلاً.
الحكم الثالث- في الاختلاف
س/ ما حكم الاختلاف بين الناس؟
جـ/ تحريم الاختلاف الذي يؤدي إلي التعصب والتفرق، وجواز الخلاف الذي يؤدي إلى الوصول للحق.
الحكم الرابع- حول آية الأولى من سورة الأنفال
محكمة مجملة بينت أجمالها وفصلت مصارفها الآية [41] من السورة [وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير]، فلا تكون هذه الآية ناسخة لتلك.
الحكم الخامس- دلالة [آية الانفال:41]
دلت الآية: [وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ…] على أن الأربعة الأخماس ملك الغانمين، وأما الخمس الخاص بالله والرسول صلى الله عليه وسلم:
- قال أبو العالية: إن سهم الله يصرف على الكعبة.
- وقال الجمهور وغيرهم: المقصود بقوله تعالى: [فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ] افتتاح كلام للتبرك بذكر اسم الله وتعظيمه فقط، وليس المقصود أن كلله سهماً من الخمس.
- وقال عمر بن عبد العزيز فإن لله خمسه يصرف في سبيل الله.
- ويقسم الخمس على خمسة أصناف:
- سهم الرسول صلى الله عليه وسلم، يضعه حيث يشاء، وبعده يورد لبيت مال المسلمين على الأرجح.
- سهم ذوي القربى، أي قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم على الأرجح بنو هاشم وبنو المطلب، وهو رأي الشافعي وأحمد وآخرون، الدليل: قول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ما قسم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني عبد المطلب: [إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلامـ إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد]، ثم شبك الرسول بين يديه، أخرجه البخاري والنسائي.
- اليتامى.
- المساكين.
- ابن السبيل.
وبعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، عند الشافعي -رحمه الله- أنه يقسم على خمسة أسهم: سهم لرسول الله يصرف لـ ما كان يصرف إليه من مصالح المسلمينـ وسهم لذوي القربى من أغنيائهم وفقرائهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للأصناف الثلاثة وهم اليتامى والمساكين وابن السبيل.
- وقال أبو حنيفة: إن سهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ساقط بسبب موته، وكذلك سهم ذوي القربى وإنما يعطون لفقرائهم ولا يعطى أغنياؤهم، فيقسم الخمس على ثلاثة أسهم: على اليتامى والمساكين وابن السبيل.
- وقال مالك: الأمر في الخمس مفوض إلى أولى الأمر ويجعل في بيت مال المسلمين، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [يا أيها الناس انه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس والخمس مردود فيكم] أخرجه البيهقي والنسائي والطحاوي.
الحكم السادس- السلب
س/ ما حكم السلب؟
جـ/ قال مالك وأبو حنيفة والثوري: ليس للقاتل، وحكمه حكم الغنيمة إلا أن يقول الأمير من قتل قتيلاً فله سلبه فيكون حينئذ له.
وذهب الليث والأوزاعي والشافعي وآخرون: إلى أن السلب للقاتل على كل حال، ولا يخمس السلب في رأي الشافعي، الدليل: عن مالك الاشجعي وخالد بن وليد -رضي الله عنه- [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في السلب للقاتل ولم يخمس السلب] رواه أبو داؤود.
وذهب جمهور العلماء: إلى أن السلب لا يعطى للقاتل إلا أن يقيم البيعة على قتله، والسلب بالاتفاق يشمل السلاح وكل ما يحتاج للقتال ما عدا وسيلة الركوب وغيرها من النقود أو المجوهرات لا يحسب من السلب.