2025-06-18 6:27 م
إدارة الموقع
2025-06-18 6:27 م
آيات الأحكام في القرآن

الدرس السابع والأربعون – حكم الصيد في حالة الإحرام في البر والبحر – سورة المائدة الآيات [94-100]

في الدرس السابع والأربعون من آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – حكم الصيد في حالة الإحرام في البر والبحر – والتي وردت في سورة المائدة الآيات [94-100]، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيم}{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام}{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُون}{جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم}{اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}{مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُون}{قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَاأُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}  [المائدة:94-100].

 الحكم الأول- الصيد للمحرم

إن خطاب المنع للاصطياد الذي يفيد التحريم لجميع الناس مُحلّهم ومُحرمهم لقوله تعالى: [لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ]، سواء كان الصيد قليلا أو كثيرا، واحتج أبو حنيفة بالآية السابقة على أن الصيد للآخذ لا لمن أثاره؛ لأن المثير لم تنل يده ولا رمحه بعد شيئاً.
وكرّه مالك صيد أهل الكتاب ولم يحرمه، وخالفه الجمهور لقوله تعالى: [وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ] [المائدة:5] والصيد عندهم مثل ذبائحهم، وأجاب المالكية بأن الآية تضمنت أكل طعامهم والصيد نوع آخر فلا يدخل في عموم الطعام.

الحكم الثاني- ذبح الصيد للمحرم

س/هل يجوز للمحرم ذبح الصيد؟

جـ/ هناك عدد من الأقوال وهي:

  1. قال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز ذبح الصيد للمحرم؛ لنهي الله -تعالى- عن قتله قال تعالى: [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ] [المائدة:95] فصار المحرم ليس أهلاً لذبح الصيد.
  2. وقال الشافعي: ذبح المحرم للصيد جائز؛ لأنه ذبح صدر من أهله وهو المسلم مضاف إلى محله وهو الأنعام فأفاد مقصودة من حل الأكل كذبح الحلال.

الحكم الثالث- صيد السباع

س/ هل يستثنى السباع من صيد البر؟

جـ/ للعلماء ثلاثة أقوال:

  • القول الأول: قول مالك: كل شيء لا يعد من السباع مثل الهر والثعلب والضبع وما أشبهها، فلا يقتله المحرم وإن قتله فداه، ولا بأس بقتل ماعدا على الناس في الأغلب مثل الأسد والذئب والنمر والفهد، وكذلك لا بأس عليه بقتل الحيّات والعقارب والفئران والغراب والحدأة، لقوله صلى الله عليه وسلم: [خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديّا] رواه مسلم والنسائي، والخلاصة: أنه لا بأس بقتل المذكور في هذا الحديث ويقاس عليها السباع، وأما قاتل الزنبور والبرغوث والذباب والنمل ونحوه فيطعم قاتله شيئاً في رأي مالك وثبت عن ابن عمر إباحة قتل الزنبور.
  • القول الثاني: قول أبي حنيفة: لا يقتل المحرم من السباع إلا الكلب العقور والذئب خاصة سواء ابتدأه أو ابتدأهما، وإن قتل غيره من السباع فداه، فإن أبتدأ غيرهما من السباع فقتله فلا شيء عليه، ولا شيء عليه في قتل الحية والعقرب والغراب والحدأة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خص دواب بعينها ورخص للمحرم في قتلها من أجل ضررها، والخلاصة: لا بأس بقتل المذكور في الحديث ولا يقاس عليها السباع أما الذئب فهو كالكلب العقور.
  • القول الثالث: قول الشافعي كل ما لا يؤكل لحمه فللمحرم أن يقتله، وصغار ذلك وكباره سواء، إلا السبع وهو المتولد بين الذئب والضبع وليس في الرخمة والخنافس والقردان وما لا يؤكل لحمه شيئا؛ لأن هذا ليس من الصيد لقوله تعالى: [وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا] [المائدة:96] فدل أن الصيد الذي حرم عليهم ما كان قبل الإحرام حلالاً.

أما القملة فتفدى وإن كانت تؤذيه لأنها مثل الشعر والظفر ولبس المخيط.

والخلاصة: كل ما يؤذي مما ذكر في الحديث ونحوه من السباع وكذلك الخنافس والقردان لا شيء في قتله. 

الحكم الرابع- صيد الحرم

س/ ما حكم صيد الحرم المكي والمدني؟ وزاد الشافعي حرم الطائف.

جـ/ لا يجوز قطع شجره ولا صيده، ومن فعل ذلك أثم ولا جزاء عليه في مذهب مالك والشافعي.

الدليل: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [اللهم إن إبراهيم حرّم مكة وإني أحرم المدينة مثل ما حرّم به مكة ومثله معه لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها] متفق عليه.

ودليل ذلك عدم أخذ الجزاء لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: [المدينة حرم ما بين كذا إلى كذا لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث من أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين] متفق عليه

وقال أبو حنيفة: صيد المدينة غير محرّم وكذلك قطع شجرها، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [يا أبا عمير ما فعل النغير…] رواه مسلم، فلم ينكر صيده وإمساكه

الحكم الخامس- قاتل صيد الحرم

س/ هل الجزاء على من قتل الصيد متعمداً فقط أم متعمداً وناسياً؟

جـ/ أختلف العلماء في ذلك على خمسة أقوال:

  • قول الجمهور: يجب الجزاء على من قتل صيد الإحرام مطلقاً ذاكراً أم ناسياً، الدليل: الآية المذكورة والحديث: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال [هي صيد] وجعل فيها كبشاً ولم يقل عمداً ولا خطأ وأما قول الله [مُّتَعَمِّدًا] خرج على الغالب فألحق به النادر كأصول الشريعة.
  • قول أحمد: لا شيء على المخطئ والناسي عملاً بالنص القرآني.
    • يجب الجزاء على المبتدأ دون العائد إليه.
    • يجب الجزاء على المبتدأ والعائد إليه.
    • يجب الجزاء على المحرم دون غير المحرم.

 الحكم السادس/ تكرار قتل الصيد بالحرم

حالة التكرار: إن قتل المحرم في إحرامه شيئاً من الصيد ثم عاد إلى القتل مرة أخرى، فعليه في رأي الجمهور [مالك والشافعي وأبي حنيفة] وغيرهم الجزاء كلما قتل لقوله تعالى: [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ] [المائدة:95]. 

الحكم السابع- مقدار جزاء الصيد

  • عند الشافعي: ما كان من الدواب بنظيره في الخلقة والصورة ففي النعامة بدنة وفي حمار الوحش وبقرة الوحش بقرة وفي الظبي شاة، فالمثل عنده هو الأصل وإن عدم تؤخذ قيمة المثل.
  • وعند المالكية: أقل ما يجزئ ما تيسر من الهدي وكان أضحية وذلك كالجذع من الضأن والثني مما سواه ومالم يبلغ جزاءه ذلك ففيه إطعام أو صيام، وفي الحمام كله قيمة إلا حمام مكة فإن في الحمامة مائه شاة.
  • وقال أبو حنيفة: إنما يعتبر المثل في القيمة دون الخلقة فيقوم الصيد نقوداً في المكان الذي قتل فيه يشترى به القاتل هدياً أو طعاماً ويطعم المساكين، فإن أراد أن تكون الكفارة صياما يصوم عن كل مُدٍ يوماً بحيث لا يتجاوز إطعام ستين مسكينا.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى