الدرس الواحد والعشرون – الربا جريمة اجتماعية خطيرة – سورة البقرة الآيات [275-281]

في الدرس الواحد والعشرون من آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – الربا جريمة اجتماعية خطيرة – والتي تم ذكرها في سورة البقرة الآيات [275-281]، قال تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}{يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيم}{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون}{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين}{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُون}{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون}{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون}[البقرة:275-281].
الحكم الأول- الربا المحرم
س/ ما الربا المحرم في الشريعة الإسلامية؟
جـ/ الربا الذي حرمه الله نوعان: 1- ربا النسيئة 2- ربا الفضل.
- أما الأول- فهو الذي كان معروفاً في الجاهلية وهو أن يقرض شخص شخصاً آخر مقداراً معيناً من المال إلى زمن محدود كشهر أو سنة مثلاً مع اشتراط الزيادة فيه نظير امتداد الأجل.
- والأضعاف المضاعفة هو أن يطلب الدائن ماله من المدين في نهاية الأجل المحدد سابقاً ولا يجد المدين المال فيتفق مع الدائن بتحديد أجل جديد مقابل زيادة في الفائدة، وهذا النوع من الربا هو المستعمل الآن في البنوك والمصارف المالية حيث يأخذون نسبة معينة في المائة ويدفعون الأموال إلى الشركات أو الأفراد وهذا حرام بالإجماع.
- أما الثاني- فهو الذي وضّحته السنة النبوية المطهرة وهو أن يبيع الشيء بنظيره مع زيادة أحد العوضين على الآخر من نفس النوع والجنس، والقاعدة الفقهية في هذا النوع من التعامل هي أنه: [إذا اتحد الجنسان حرمت الزيادة والنَسئ وإذا اختلف الجنسان حل التفاضل دون النَسئ]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبُر بالبُر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى؛ الآخذ والمعطي فيه سواء] رواه مسلم.
- وفي حديث آخر [فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يداً بيد] رواه مسلم.
مادة [314] [كل قرض جر إلى منفعة فهو ربا ولا يعد كذلك غرامة المطالبة للتأخير بعد المطل ولا ما لحق الدائن من المصاريف بقدر أجرة المثل التي يسمح بها القانون].
مادة [315] [يعاقب المقرض بالربا بحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات أو بالغرامة] قانون الجرائم والعقوبات [12] 1994م.
الحكم الثاني- قليل الرِبا
س/ هل يباح الربا القليل وما المراد بقوله تعالى: [لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً][ال عمران:130]؟
جـ/ يذهب البعض إلى أن قليل الربا الذي لا يتجاوز من 2-3% ليس محرماً وإنما المحرم ما زاد على هذا ويستدلون بقوله تعالى: [لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً] فالنهي إنما جاء مشروطاً مقيداً.
الرد على هذا الرأي يتلخص بما يلي:
- أولاً – أن قوله تعالى: [أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً] ليس قيداً ولا شرطاً وإنما هو لبيان الواقع الذي كان عليه التعامل أيام الجاهلية وهو زيادة الأجل بزيادة الفائدة كما سبق.
- ثانياً- إن المسلمين قد أجمعوا على تحريم الربا قليله وكثيره فهذا القول يعتبر خروجاً على الإجماع.
- ثالثاً- أن هذا القول يخصص النصوص التي حرمت الربا دون دليل للتخصيص والنصوص هي كما يلي: [وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا] [البقرة:275] وكذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم: [لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء] رواه البخاري ومسلم.
المراحل التي مر بها تحريم الربا:
- المرحلة الأولى- نزل قوله تعالى: [وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُون] [الروم:39] فيها إشارة إلى بغض الربا وهي مكية.
- المرحلة الثاني- نزل قوله تعالى: [فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ] [النساء:160] وهذه الآية مدنية وهو تحريم بالتلويح.
- المرحلة الثالثة- نزل قوله تعالى: [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون] [ال عمران:130] وهذه الآية مدنية وهو تحريم جزئي لأنه يحرم الربا الفاحش.
- المرحلة الرابعة- نزل التحريم الكلي بالآيات الكريمة [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ…] [البقرة:278] وغيرها من الآيات.
القانون المدني اليمني- الفصل الرابع- بعض أنواع البيوع- الفرع الأول، الربويات:
مادة [531] “الربا زيادة ولو حكما خالياً من العوض مشروطة لأحد المتعاقدين في معاوضة مال بمال متحدي الجنس والتقدير بالكيل والوزن”.
- مادة [532] أنواع الربا أربعة هي:
- ربا الفضل: وهو البيع مع زيادة أحد العوضين عن الآخر إذا كانا متحدي الجنس.
- ربا اليد: وهو البيع مع تأخير قبض العوضين أو أحدهما عن مجلس العقد مطلقاً متحدي الجنس والتقدير سواء كانت زيادة أو غير زيادة.
- ربا النَسأ: وهو البيع بزيادة لأجل ولو كان قصيراً.
- ربا القرض: وهو ما شرط فيه جر نفع للمقرض.
- مادة [533] “لا يعتد بالجودة والرداء في متحدي الجنس والتقدير”.
- مادة [534] “يشترط لصحة البيع فيما يحتمل فيه الربا ما يشترط في البيع عموماً مع زيادة أربعة شروط أخرى هي:
- أن يكون المبيع والثمن موجودين في ملك البائع والمشتري
- أن يكون المبيع والثمن حالّين
- أن يكون المبيع والثمن متساوين
- أن يتم التقابض في المجلس وإن طال مالم يفترقا ولا خيار لأحدهما”.
- مادة [535] “تعتبر المماثلة في الكيل كيلاً وفي الوزن وزناً بحسب عادة بلد البيع”.
- مادة [536] “لا ربا مطلقاً في الأحوال الآتية:
- إذا اختلف المبيع والثمن في الجنس والقدر
- إذا بيع الموزون غير الذهب والفضة بالنقد”
- مادة [537] “في كل نخالة أو نحوها لها قيمة إذا بيع بالخالص منه لا يجوز حتى يكون الخالص أكثر”.
- مادة [538] لا يصح البيع إذا جهلت المماثلة في متحدي الجنس والعبرة في المماثلة هي بوصول الشيء حال الكمال [الجفاف] فلا يباع رطباً برطب وتمر ولا رطب بتمر ولا عنب بعنب وزبيب ولا عنب بزبيب.
- مادة [539] تعتبر المماثلة مجهولة ولا يجوز البيع في الأحوال الآتية:
- إذا اشتمل البيع والثمن أو أحدهما على جنسين ربويين
- إذا اشتمل المبيع أو الثمن على جنس ربوي وضم إليه جنس غير ربوي
- إذا اختلف نوع المبيع كبيع صندوق عنب أبيض بصندوق عنب أسود
- مادة [540] لا يجوز بيع اللحم بالحيوان ولو كان من غير جنسه.
- مادة [541] لا ربا بين شريكي المفاوضة والعنان إذا تبايعا من مال الشركة.
- شركة المفاوضة: هي شركة تتم بالنقود ويتساوى فيها الشركاء في رأس مال الشركة وفي التعرف وفي الربح والخسارة.
- شركة العنان: هي شركة تتم بالنقود والعروض على التفاضل بين الشركاء في رأس مال الشركة وفي الربح والخسارة.