الدرس الثامن عشر- أحكام الرضاع – سورة البقرة الآية [233]

في الدرس الثامن عشر في آيات الأحكام سيكون موضوعنا عن – أحكام الرضاع – والتي ورد ذكرها في سورة البقرة الآية [233]، قال تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير}[البقرة:233].
الحكم الأول- في كلمة الوالدات
س/ ما المراد بالوالدات في الآية الكريمة [وَالْوَالِدَاتُ…]؟
جـ/ قال بعضهم لفظ الوالدات في الآية خاص بالمطلقات وهو قول مجاهد والضحاك والسدي واستدلوا بأن الآيات السابقة كانت في أحكام المطلقات، وهذه وردت عقبها وتتمة لها وبأن الله أوجب على الوالد رزقهن وكسوتهن، ولو كن أزواجاً لما كان هناك حاجة إلى هذا الإيجاب؛ لأن النفقة واجبة على الزوج للزوجة ثم تعليل الحكم بالنهي عن المضارة بالولد يدل على أن المراد بالوالدات المطلقات لأن التي في عصمة الزوجة لا تضار ولدها.
- وقال بعضهم إنه خاص بالوالدات الزوجات في حال بقاء النكاح وهو اختيار الواحدي كما نقله عنه الرازي والقرطبي، ودليلهم أن المطلقة لا تستحق الكسوة وإنما تستحق الأجرة فقط فلما قال تعالى: [وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ] دل على أن المراد بالأمهات الزوجات.
- وقال آخرون المراد بالوالدات العموم أي جميع الوالدات سواء كن متزوجات أو مطلقات عملاً بظاهر اللفظ فهو عام ولا دليل على تخصيصه، وهو اختيار القاضي أبو يعلى وأبو سليمان الدمشقي مع آخرين ولعل هذا القول هو الأرجح وقد ذهب إليه أبو حيان في البحر المحيط.
الحكم الثاني- إرضاع الولد
س/ هل يجب على الأم إرضاع ولدها؟
جـ/ ذهب بعض العلماء إلى أنه يجب على الأم إرضاع ولدها لظاهر قوله تعالى: [وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ]، فهو أمر في صورة الخبر أي [ليرضعن أولادهن] وهذا مذهب مالك، وأما المطلقة طلاقا بائناً بينونة كبرى فلا رضاع عليها إلا إذا وافقت برضاها.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأمر لهن للندب، إلا إذا كان الطفل لا يقبل غير ثديها تعين عليها ذلك أو كان الوالد عاجزاً عن استئجار مرضعة أو لم يجد مرضعة واستدلوا بقوله تعالى: [وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى] الطلاق [6]، مادة [136] [يجب على الأم إرضاع ولدها إذا تعذر إرضاعه من أخرى وهي أحق بإرضاع ولدها مالم تطلب أجرا يزيد على المعتاد من مثلها لمثله وإذا أرضعته أخرى يكون ذلك عند أمه مالم تسقط حقها في الحضانة] الأحوال الشخصية اليمني [20].
الحكم الثالث- مدة الرضاعة الموجبة التحريم
س/ ما مدة الرضاع الموجب للتحريم؟
جـ/ ذهب جمهور الفقهاء [مالك والشافعي وأحمد] إلى أن الرضاع الذي يتعلق به حكم التحريم ويجري به مجرى النسب بقوله عليه الصلاة والسلام [يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب] رواه مسلم، هو ما كان في الحولين واستدلوا بقوله تعالى: [وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ…]، وبما روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا رضاع إلا ما كان في الحولين] رواه الدار قطني.
- وذهب أبو حنيفة إلى أن مدة الرضاع المحرم سنتان ونصف لقوله تعالى: [وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا] [الأحقاف:15].
- وقال العلامة القرطبي الصحيح الأول لقوله تعالى: [حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ]، مادة [25] [يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وتثبت الحرمة من المرضع وزوجها حال الرضاع ولا يثبت الرضاع إلا بامتصاص الرضيع من ثدي المرضع في الحولين الأولين خمس رضعات متفرقات] الأحوال الشخصية اليمني [20].
الحكم الرابع- نفقة المرضع
س/ كيف تقدر نفقة المرضع؟
جـ/ دل قوله تعالى: [وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ] على وجوب النفقة على الزوج والنفقة تكون على قدر حاله من السعة والضيق لقوله تعالى: [لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا] [البقرة:286] وقوله [لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ] [الطلاق:7].
وأخذ الفقهاء من قوله تعالى: [وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ] وجوب نفقة الولد على الوالد لأن الله أوجب نفقة المطلقة على الوالد في زمن الرضاع لأجل الولد فتجب نفقته على والده مادام صغيراً لم يبلغ سن التكليف.
وقال الجصاص -في تفسيره أحكام القرآن-، وقد حوت الآية الكريمة الدلالة على معنين:
- أحدهما- أن الأم أحق بالرضاع لولدها في الحولين وأنه ليس للأب أن يسترضع له غيرها إذا رضيت بأن ترضعه.
- والثاني- أن الذي يلزم الأب في نفقة الرضاع إنما هو سنتان.
مادة [137] [تستحق المرضع نفقة وكسوة مثلها من مثله لمدة لا تزيد على عامين من وقت الولادة وتكون ديناً لا يسقط إلا بالأداء أو بالإبراء] الأحوال الشخصية اليمني [20] [1994].
الحكم الخامس- الوارث في آية [وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ]
س/ ما المراد من قوله تعالى: [وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ]؟
جـ/ اختلف المفسرون في المراد من لفظ [الوارث] في الآية الكريمة على أقوال:
- قال بعضهم: المراد وارث المولود [الطفل] لو مات وهو قول عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وقد اختلف أصحاب هذا القول
- فقال بعضهم: وارثه من الرجال خاصة هو الذي تلزمه النفقة
- وقال آخرون: وارثه من الرجال والنساء وهو قول أحمد واسحاق
- وقال آخرون: وارثه كل ذي رحم من قرابة المولود وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه.
- وقال بعضهم المراد بالوارث وارث الأب وهو مروي عن الحسن والسدي.
- وقال بعضهم المراد بالوارث الباقي من والدي الولد بعد وفاء الآخر وهو قول سفيان.
- وقال بعضهم المراد بالوارث الصبي نفسه فتجب النفقة عليه في ماله إذا كان له مال.
- وقد رجح الطبري الرأي الأخير.
القانون اليمني [الأحوال الشخصية] الفصل الثاني الرضاع وأحكامه:
- مادة [136] “يجب على الأم إرضاع ولدها إذا تعذر إرضاعه من أخرى وهي أحق بإرضاع ولدها مالم تطلب أجرا يزيد على المعتاد من مثلها لمثله وإذا أرضعته أخرى يكون ذلك عند أمه مالم تسقط حقها في الحضانة”.
- مادة [137]” تستحق المرضع نفقة وكسوة مثلها من مثله لمدة لا تزيد عن عامين من وقت الولادة وتكون ديناً لا يسقط إلا بالأداء والإبراء”.
- مادة [143] “تنتقل الحضانة من الحاضن إلى من يليه بأحد أمور وهي: الجنون ونحوه من المنفرات كالجذام والبرص وكذلك العمى والإهمال والفسق وترك حفظ الصغير والزواج إلا أن يكون بذي رحم للصغير”.