الدرس الثالث- في النسخ للآية – سورة البقرة الآية [106]

في الدرس الثالث سنبين لكم الحكم في النسخ للآية والتي وردت في سورة البقرة الآية [106] ، قال تعالى:{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}[البقرة:106].
الحكم الأول- النسخ في الشرائع السماوية السابقة:
س/ هل النسخ جائز في الشرائع السماوية السابقة؟
ج/ نعم النسخ جائز في الشرائع السماوية السابقة، فعند اليهود:
- منهم من أنكره عقلاً
- منهم من جوزه عقلاً لكن منع منه سمعاً
- وأما شريعتنا، فإن الجمهور يقولون به الا أبو مسلم الأصفهاني يقول بعدم النسخ.
أدلة الجمهور على وقوع النسخ في القرآن:
- الدليل الأول- قول الله تعالى: [مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا…] [البقرة:106].
- الدليل الثاني- قوله تعالى: [وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ…] النحل [101].
- الدليل الثالث- قوله تعالى: [سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم] [البقرة:142].
- الدليل الرابع- قوله تعالى: [وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ…] [البقرة:240]. الآية الناسخة لها [وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا…] [البقرة:234].
- دليل أبي مسلم الأصفهاني: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه قال تعالى: [لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد] فصلت [42] أما الآية الكريمة [مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا…] تأويلها على أن المراد بها نسخ الشرائع التي في الكتب القديمة أو المراد بالنسخ النقل من اللوح المحفوظ وتحويله إلى سائر الكتب، وأيضاً قال عن الآية [مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا…] لا تدل على وقوع النسخ بل على أنه لو وقع النسخ لوقع إلى خير منه.
الحكم الثاني- نسخ القرآن:
س/ هل ينسخ القرآن بالسنة؟
ج/ اتفق العلماء على أن القرآن ينسخ بالقرآن وأن السنة تنسخ بالسنة والخبر المتواتر بمثله ولكن اختلفوا في:
هل ينسخ القرآن بغير القرآن والخبر المتواتر بغير المتواتر؟
- ذهب الشافعي بعدم جواز نسخ القرآن بالسن، أدلته: قوله تعالى: [مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا…] ووجه الاستدلال [نَأْتِ] وأن السنة ليست خير من القرآن وقول الله: [أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير] وقوله تعالى: [وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ…].
- وذهب الجمهور على جواز نسخ القرآن بالسنة، أدلتهم:
- السنة نسخت آية الوصية قال تعالى: [كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين] [البقرة:180]، بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [لا وصية لوارث…] رواه الترمذي، حديث حسن صحيح.
- نسخ جلد الثيب المحصن قال تعالى: [الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي…] بالرجم قال الرسول صلى الله عليه وسلم “اغدوا يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها”. رواه البخاري.
- أن حكم الله يتضمن القرآن والسنة قال تعالى: [وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى…] وردوا على دليل الشافعي بالخيرية [بِخَيْرٍ مِّنْهَا] يأتي بحكم خير من الحكم المنسوخ.
المؤلف يرجح رأي الجمهور.
الحكم الثالث- نوعية النسخ:
س/ هل يجوز النسخ إلى ما هو أشق وأثقل؟
ج/ وفي هذا خلاف:
- القول الأول: أنه لا يجوز النسخ إلى ما هو أثقل، واستدل هذا القول بقوله تعالى: [نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا…].
- القول الثاني: يقول بجواز ذلك وأن المراد [بالخير] يكون أكثر ثواباً وضربوا أمثلة على وقوع النسخ إلى الأثقل كـ نسخ حبس النساء اللاتي يرتكبن الفاحشة بالجلد والرجم ونسخ صوم عاشورا بصوم رمضان وكانت الصلاة ركعتين فنسخ بأربع في الحضر.
الحكم الرابع- النسخ في الأخبار:
س/ هل يقع النسخ في الأخبار؟
جـ/ يقول الجمهور على أن النسخ مختص بالأوامر والنواهي، والخبر لا يدخله النسخ؛ لاستحالة الكذب على الله، وقيل إن الخبر إذا تضمن حكماً شرعياً، جاز نسخه قال تعالى: [وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا] ولا يكون النسخ إلا في حياته صلى الله عليه وسلم ولا يقع بعد وفاته.