معجزات من القرآن
الإشارات الكونية في سورة عَبَسَ

جاءت الإشارات القرآنية لتبيان عدد من الحقائق الكونية الغائبة عن الناس، وقد وردت بتعبيرات دقيقة، شاملة ، جامعة، مفصلة، ومجملة تستحث حدس الإنسان بالتوجه نحو هذه الإشارات، وتقوده إلى إعمال العقل، والفكر، حيث أن تلك الإشارات محيط تستقي منه المعرفة الإنسانية كل ما غاب عن علمها عبر الزمان، والمكان، وتبقى هذه الإشارات الرافد الحقيقي للمعرفة الإنسانية، وبصيص النور الذي يقود الإنسان إلى اكتشاف، ومعرفة، وإدراك ما غاب عن إدراكه، وقد وردت مفرقة بين سور القرآن الكريم حسب مقتضى السياق، والإخبار،والأحداث، فهناك آيات كونية عديدة تضمنتها عدة سور، ففي سورة (عَبَسَ) إشارات يمكن إيجازها فيما يلي:
من الإشارات الكونية في سورة عَبَسَ
من أبرز الدلالات الكونية في سورة عَبَسَ مايلي:
- التأكيد على خلق الإنسان من نطفة تحمل جميع صفاته، وكل المقدر له.
- الإشارة إلى انتهاء الحضانة الرحمية بولادة الجنين، وإلى تذليل طريق خروجه من بطن أمه بيسر إلى الحياة من حولهما.
- الجزم بحتمية الموت، وضرورة القبر، وحتمية البعث، والحساب، والجزاء.
- الإشارة إلى حقيقة أن كثيرا من الناس تمضي بهم الحياة دون أن يعرفوا الغاية من وجودهم فيها، أو أن يحققوا شيئا من واجباتهم، فتنتهي آجالهم وكل واحد منهم صفر اليدين من الحسنات، ومثقل الكاهل بالذنوب، ولذلك قال تعالى: {كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَه}[عبس:23].
- لفت أنظار الناس إلى معجزة توفير الطعام لجميع الكائنات الحية وفي مقدمتهم الإنسان، والانعام.
- الإشارة إلى دورة الماء حول الأرض بوصف إنزاله من السماء.
- وصف شق الأرض بواسطة إنزال الماء عليها، أو ريّها من أجل استزراعها، أو شقها بواسطة البادرات النباتية الخارجة منها وكله صحيح.
- الإشارة إلى خلق مختلف أنواع النباتات، وإعطاء النماذج الأساسية منها التي تشكل الغذاء الرئيسي للإنسان، والانعام، مثل الحبوب، والأعناب، والبقول، والخضروات، وعلف الدواب, كالرطب، والبرسيم (القضب)، والزيتون، والنخل، والحدائق ذات الأشجار المتشابكة، وأشجار الفاكهة، والكلأ والمرعى (الأبّ).
- تشبيه إحياء الأجسام بعد تحللها، وتحولها إلى تراب بإحياء النبات من الأرض الهامدة بعد إنزال الماء عليها، ووصف ما يصيب الناس من هلع في يوم القيامة بفرار المرء من أقرب الناس اليه.
الدلالة العلمية للآية
{فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِه}[عبس :24]
اولا: في قوله تعالى (فلينظر الإنسان إلى طعامه) (أنا صببنا الماء صبا)
- إن الله حدد سقفا لتصاعد بخار الماء الذي تصل درجه الحرارة فيه إلى (٦٠) درجه تحت الصفر بحيث يعود بخار الماء المتصاعد من البحار، والمحيطات، والأرض مطرا ينتفع به الناس.
- (أنا صببنا الماء صبا) أي أنزلنا الغيث من السماء إنزالا، لأن صب الماء إراقته من أعلى.
ثانيا: في قوله تعالى (ثم شقننا الأرض شقا)
- أي شقننا تربه الأرض بخروج النبات منها، لأن الحب لا ينبت إلاَّ بالتربة، وكذلك الغالبية الساحقة من النباتات، وتتكوم تربة الأرض بالتفاعل المعقد بين أغلفتها الصخرية، والمائية، والهوائية، والحيوية مما يؤدي إلى التفكك الفيزيائي، والتحلل الكيمائي، والحيوي لصخور الأرض بواسطة عوامل التعرية المختلفة، وغيرها.
- وتتكون التربة الارضية في قطاعها العلوي أساسا من معادن الصلصال، وحبات الرمل، وأكاسيد الحديد، وغير ذلك.
ثالثا/ في قوله تعالى (فأنبتنا فيها حبا)
هذا التسلسل المعجز في ست آيات قصار يكاد يشمل جميع النباتات التي تصلح طعاما، ومتاعا للإنسان، والأنعام.
- (حبا) يشمل جميع أنواع الحبوب.
- (وعنبا وقضباً) القضبة: هي الرطب، ومن ثمار النبات، والقضب أصلا هو: القطع، ولذا استعير القضب كما بقضب في النبات ليأكله الإنسان غضا طريا؛ كالبقول التي تقطف ثمارها، فينبت مكانها، أو تقطف النبتة فينبت أصلها وذلك إشارة إلى العائلة الباقوليا، والعنب يشير إلى رتبه كاملة من نباتات الثمار المهمة، وهي رتبة العنابيات وتشمل عائلتين مهمتين هما:
- عائلة العناب وتشمل (٤٥) جنسا و (٥٥٠) نوعا من أنواع النباتات واسعة الانتشار.
- (وعائلة الأعناب) وتشمل (١١) جنسا و (٦٠٠) نوع من أنواع العنب.
- (وزيتونا ونخلا) يشير إلى عائلتين من أهم العائلات النباتية هي (العائلة الزيتونية) و (العائلة النخلية) والأولى تشمل (٢٢) جنسا و (٥٠٠) نوع من أنواع الأشجار الزيتونية، وهي: أشجار معمرة، فأشجار الزيتون تعيش لأكثر من ألفي سنة، أما العائلة النخلية فتشمل (٢٠٠) جنس، وأكثر من أربعة الآف نوع من أنواع النخيل.
- (وحدائق غلبا) أي حدائق عظاما غليظة الأشجار ملتفة الأغصان تشمل العائلة الباقية من أنواع النبات.
- (وفاكهة وأبّا) فيركز نباتات الفاكهة المختلفة التي لا تحتويها المجموعات السابقة مثل: (العائلات التوتية) وتشمل التين، والحميز، والتوت، وغيرها، و(الوردية)، وتشمل المشمش، والخوخ، وغيرها، أما (الأبّ) فهو: الكلأ، والمرعى، وما تأكله البهائم كالأنعام من العشب، وغيره من أنواع النباتات رطبا كان، أو يابسا مثل التين، وختمت بقوله تعالى (متاعا لكم ولأنعامكم).