2025-06-20 4:27 ص
إدارة الموقع
2025-06-20 4:27 ص
تفسير سورة آل عمران

سورة آل عمران (الدرس الثاني عشر)

في تفسير الدرس الثاني عشر من سورة آل عمران من الأية  (45-51) حكت هذه الآيات عن قصة نبي الله  عيسى عليه السلام وكيف تكلم في المهد

التفسير والبيان لآيات الدرس الثاني عشر سورة آل عمران

  1. (45) (بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ) أي كائنة من الله أي مبتدأة منه من غير توسط الأسباب العادية قال له (كن) فكان (المسيح) فعيل بمعنى فاعل للمبالغة في مسحه الأرض بالسياحة للعبادة أو مسحه ذا العاهة ليبرأ أو بمعنى مفعول أي ممسوح لأن الله مسحه بالبركة أو طهره من الذنوب وهو لقب منقول من الصفة (وجيها) ذا وجاهة وقد وشرف.
  2. (46) (فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً) في حالة كونه صغيرا قبل أوان الكلام وفي حال الكهولة والمهد اسم للموضع الذي يهيئا للصبي في ارضاعه وهو في الأصل مصدر مهده يمهده إذا بسطه وسواه والكهل من خطه الشيب أو اجتمعت قوته واكتمل شبابه ومنه اكتهل النبات إذا طال وقوي فهو عليه السلام يكلمهم بكلام الأنبياء من غير تفاوت بين حالتي الطفولة والكهولة وهو إحدى معجزاته عليه السلام وفي تغير اطوار حياته من طفولة إلى كهولة ردا على النصارى الذين يزعمون الوهيته.
  3. (47) (إِذَا قَضَى أَمْرًا) إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون ويحدث فوراً بلا مهلة قال تعالى (وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَر) وأكثر المفسرين على أنه تمثيل لتأثير قوته في مراده بالأمر المطاع للمطيع في حصول المأمور من غير امتناع وتوقف واستعداد لمزاولة عمل واستعمال ألة كأن أصل الكلام إذا قضى أمرا فيحصل عقبه دفعة فكأنما يقول له كن فيكون وقيل هو حقيقة وأنه تعالى أجرى سننه في تكوين الأشياء أن يكونها بكلمة واحدة (كن) أولاً ومن ذلك عيسى عليه السلام خلق بكلمة كن فكان.
  4. (48) (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ) الكتابة والخط ليستفيد بهما (وَالْحِكْمَةَ) هي الإصابة في القول والعمل أو أحكام الشرائع.
  5. (49) (أَخْلُقُ) أقدر وأصور لكم (لَكُم) لأجل تصديقكم بي (وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ) أشفي بإذن الله من ولد أعمى فيبصر (تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) تخبئونه فيها لحاجتكم إليه من الإدخار وهو اعداد الشيء لوقت الحاجه إليه وأصله (تذتخرونه) بالذال المعجمة من أذتخر الشيء ثم دخله الإبدال.
  6. (50) (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) أي في التوراة وهو صريح في أن شريعة عيسى نسخت شريعة موسى عليهما السلام في بعض الأحكام.

 الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه

(كلم) وردت على (11) وجهاً

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى المخاطبة والمشافهة قال تعالى (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى الكلمات التي ابتلا الله بها إبراهيم عليه السلام قال تعالى (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى الكلمة المفيدة الوسط العادل التي هي محل اجماع وهي عبادة الله قال تعالى (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ….).
  4. الوجه الرابع: وردت معنى (لا إله إلا الله) قال تعالى (وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا).
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى الأمر قال تعالى (أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا…).
  6. الوجه السادس: وردت بمعنى النفخة قال تعالى (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ….).
  7. الوجه السابع: وردت بمعنى خلق عيسى عليه السلام قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ….).
  8. الوجه الثامن: وردت بمعنى الوحي الذي أنزله الله على آدم وغيره من الأنبياء قال تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ) (فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ).
  9. الوجه التاسع: وردت بمعنى الدين قال تعالى (لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ) (وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ).
  10. الوجه العاشر: وردت بمعنى عجائب صنعه وخلقه قال تعالى (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ).
  11. الوجه الحادي عشر: وردت بمعنى القرآن قال تعالى (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ).

 وقفات مع آيات الدرس الثاني عشر سورة آل عمران

  1. الوقفة الأولى: لقد تأهلت مريم بالطهر والقنوت والعبادة لتلقي هذا الفضل واستقبال هذا الحدث وها هي ذي تتلقى لأول مرة التبليغ عن طريق الملائكة بالأمر المفاجئ لها يحملها وولادتها بعيسى عليه السلام وبمكانته ونبوته ورسالته ودوره في هذه الحياء فأما مريم الفتاة الطاهرة العذراء المقيدة بمألوف البشر في الحياة فقد تلقت البشارة كما يمكن أن تتلقاها فتات واتجهت إلى ربها تناجيه وتتطلع لكشف هذا اللغز الذي يحير عقل الإنسان (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) جاء الجواب يردها إلى الحقيقة البسيطة التي يغفل عنها البشر لطول التفاتهم للأسباب والمسببات الظاهرة لعلمهم القليل ومألوفهم المحدود (قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء).
  2. الوقفة الثانية : إن المؤمن يبحث في الأمور التي يستوعبها عقله وادراكه ويفوض بالأمور التي فوق ادراكه الى خالقه سبحانه ويسلم له كل أمره ايمانا بقوله تعالى (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ….) وأما غير المؤمن فإنه يستقبل الأحداث غير المألوفة بالتشكك والريبة فيذهب يبحث في الأمور التي فوق طاقته وقدراته فيتخبط ولا يصل إلى أي نتيجة.
  3. الوقفة الثالثة: ما تضمنته البشارة من الله لمريم بعيسى عليه السلام ما يلي:
    1. اسمه ونسبه
    2. ونوعه
    3. وصفته
    4. ومكانته من ربه (وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)
    5. معجزاته (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً)
    6. ولمحة عن مستقبلة (وَكَهْلاً)
    7. وسمته وانتمائه (وَمِنَ الصَّالِحِين)
    8. ودوره في الحياة (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ).
  4. الوقفة الرابعة: إن التوراة كانت كتاب عيسى كالإنجيل فهي أساس الدين الذي جاء به والإنجيل تكملة وإحياء لروح التوراة ولروح الدين التي طمس في قلوب بني إسرائيل وهذا ما يخطئ الكثيرون من المتحدثين عن المسيحية فيه فيغفلون التوراة وهي قاعدة دين المسيح عليه السلام وفيها الشريعة التي يقوم عليها دين المجتمع ولم يعدّل فيها الإنجيل إلا القليل.
  5. الوقفة الخامسة: مع معجزات عيسى عليه السلام وهي:
    1. النفخ في الميت فيدخل له سر الحياة
    2. إحياء الموتى من الناس
    3. إبراء المولود الأعمى
    4. إشفاء الأبرص
    5. تكليم الناس في المهد
    6. الإخبار بالغيب (مدخرات الطعام).
  6. الوقفة السادسة: ان معجزات عيسى تتسق مع مولده ومنحه الوجود والحياة على غير مثال ألا مثال آدم عليه السلام.
  7. الوقفة السابعة: إن أصول الأديان السماوية جميعا متناسقة فيأتي الرسول اللاحق ليصدق ويؤكد ما جاء به الرسول السابق (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) من التوراة والأنجيل (وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ….) ولكن التحريف الذي وقع في الديانات السابقة هو الذي يظهر التناقض بين الأديان.
  8. الوقفة الثامنة: إن طبيعة الأديان السماوية تتضمن تنظيما لحياة الناس بالتشريع والا يقتصر على الجانب التهذيبي الأخلاقي وحده ولا على المشاعر الوجدانية وحدها ولا على العبادات الشعائرية وحدها وإنما هو منهج للحياة الذي أراده الله للبشر ونظام الحياة الذي يربط حياة الناس بمنهج الله.
  9. الوقفة التاسعة: إنه لا ينفك عنصر العقيدة الإيمانية عن الشعائر التعبدية وعن القيم الخلقية وعن الشعائر التنظيمية وأي انفصال لهذه المقومات يبطل عمل الدين في النفوس وفي الحياة وهذا ما حدث للمسيحية واليهودية انفصلت فيه هذه المقومات بعد ما أصابها الإنحراف فاصبحا غير قادرين على توجيه الحياة البشرية بل عاشت معزولة عنها وسارت الحياة وفق منهج أهواء السلطات الزمنية.

ما أرشدت إليه آيات الدرس الثاني عشر سورة آل عمران

  1. أولاً :-  أن الآيات اشارت إلى أن عيسى عليه السلام تكلم في المهد ويوجد آخرون وهم 1- شاهد يوسف عليه السلام 2- وصبي ماشطت امرأة فرعون 3- ويحيى 4- وصاحب جريج 5- وصاحب الأخدود كما رواه مسلم.
  2. ثانياً :- كما في قوله تعالى (كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء) على أن أمر الله لا يعجزه شيء وأكده بقوله (إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون) فلا يتأخر شيئاً بل يوجد عقبه بلا مهلة.
  3. ثالثاً :- كما اشارت الآيات على خصائص عيسى عليه السلام وما أبده الله من المعجزات كما ذكر سابقاً.

دروس من سورة آل عمران (الدرس الثالث عشر)

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى