[12] الحياة التعليمية وتشكيل الشخصية

ثانياً/ ذكريات الدراسة وطلب العلم
وتنقسم إلى 4 مراحل :
- مرحلة الدراسة قبل قيام الثورة
- مرحلة الدراسة بعد قيام الثورة اليمنية 1962م
- مرحلة الدراسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة
- مرحلة الدراسة في جامعة صنعاء
المرحلة الاولى قبل قيام الثورة
كانت بداية دراستي في المعلامة (كتاتيب القرية ) حيث لم تكن من وسائل التعليم المتاحة في ذلك الوقت سواها
بداية الدراسة كانت في قرية “خيرعسى” دراسة القرآن الكريم عند الفقيه ياسين عبدالجليل رحمه الله في قرية “خيرعسى” بني يوسف واستمرت دراستي في حدود سنتين تقريبا، حتى عام (1374هـ)، وكنا نتعلم الحروف ثم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وتلاوته (ولكن لم يكن بالشكل المتقن)، وكانت الوسائل التي نستخدمها هي:
- “الدواة” وهي عبارة عن علبة زجاجية أو خشبية فيها قطعة قماش ممزوجة بماء ومادة سوداء تسمى (نيل ) أو سابلة، التي تتكون من الدخان المتصاعد من السراج البدائي.
- “الألواح الخشبية” كنا نضع عليه طلاء أبيض يسمى (القَطَاط بفتح القاف)
- “قلم يراع” نقشط رأسه حتى يكون مدبباً ونغمس القلم في الدواة، ونكتب على اللوح الآيات المراد حفظها، ثم نحفظ الآيات، ونقرأها عند المعلم أو من يكلفه، فإذا حفظنا الآيات ذهبنا إلى مكان محدد يسمى (الممحاية) حيث نقوم بمحو الآيات مع الطلاء الأبيض، ونضع طلاء أبيض جديد ونعرضه للشمس حتى يجف، ثم نكتب عليه الدرس الجديد.
- “المصحف الشريف” نقرأ فيه ونتحفظ وكان الهدف من اللوح هو التدرب على الكتابة.
الدراسة في المعينة
كانت دراستي في قرية “المعينة” بني يوسف في الأعوام (1376هـ- 1379هـ).
عند المعلم “حزام سلام مهيوب” رحمه الله، وكانت طريقتة نفس طريقة الفقيه ياسين عبدالجليل حيث كنا نجلس في مساحة صغيرة بجانب المسجد (تسمى المعلامة) مظللة بخشب عليها بعض أعشاب من الأشجار وكنا نذهب في الصباح ونعود في المساء، وكنا نتعلم القراءة والكتابة، وفي بعض الأيام كان المعلم (الفقيه) يوجهنا الى الذهاب الى بعض المزارع للقيام ببعض أعمال الزراعة مقابل مبلغ مالي يستلمه الفقيه مقابل تعليمنا.
في فترة دراستنا عند الفقهاء في في( المعلامة ) كنا نذهب صباحا بعد شروق الشمس وكان كل تلميذ يحمل معه طعامه من بيته(الخبيز ) في (كيس من قماش) يعلقها على كتفه ومعه الختمة ( المصحف ) الذي يتعلم فيه وحين صلاة الظهر كنا نقوم للصلاة ثم نجلس لتناول وجبة الغداء التي كانت تسمى باللهجة المحلية (عُواف).
حيث كنا نجتمع مجموعات ويقطع كل واحد منا الخبز الموجود معه إلى قطع صغيرة ونجمعه في مائدة واحدة ونأكل جميعاً وكنا نقول ونحن نقطع الخبز جميعاً بصوت واحد (قاف قاف الله يبارك بالعواف) وبعد ما نكمل الأكل يعود كل واحد منا إلى مكانه لمواصلة الدراسة حتى العصر ثم يصرفنا المعلم إلى بيوتنا، وأثناء اليوم الدراسي إذا أراد أحد منا أن يذهب إلى الخلاء كان يرفع يده ويقول للمعلم (سبحان الله) وكان يرد عليه المعلم إذا أراد أن يسمح له (بحمده) وإذا لم يرد السماح له بالخروج إلى الخلاء فيرد عليه بعدما يقول التلميذ (سبحان الله) فيرد عليه بـ(عظيم) معنى أنه لن يخرج!! فإذا خرج التلميذ بعد يقول له الفقيه (عظيم) يعاقبه فيضربه بالعصا.
وكان التعليم تلقين فقط يخلوا من كل وسائل التعلم الأخرى، حتى أنه يسبب الملل لدى التلاميذ ونشعر بثقل التعلم، وكان أثقل أيام الدراسة عندنا يوم السبت لأنه أول الاسبوع وأخفه يوم الخميس لأنه آخر الاسبوع وقبل يوم الجمعة والتي هي إجازة الاسبوع، حيث كنا في عصر يوم الخميس نشعر بالسعادة والسرور يغمرنا لأننا مقبلين على يوم الجمعة وأما عصر يوم الجمعة كنا نشعر بالاكتئاب عندما نتذكر يوم السبت.
أثناء العودة من (المعلامة) كنا نمشي مجموعات ولا يخلو سيرنا من اللعب وخاصة بعد العودة إلى منازلنا وكانت الالعاب المنتشرة في تلك الفترة بتسمياتها الشعبية هي:
(البطشة والغُماية والعصا والموجر ولعبة الكرة التي كنا نصنعها من الخِرَق ونرمي بها في الحفر وكذلك الدريهة أو الدرهينة كما يطلق عليها في بعض المناطق، بالإضافة إلى الطُنِيزَة والبطة).
وكانت الدراسة تتوقف ايام اعياد الفطر والاضحى بالإضافة إلى الإجازة الأسبوعية يوم الجمعة
(كنا نستغل ذلك اليوم في الذهاب لتعلم السباحة في البرك والحواجز المائية)
دراستي في جبلة
في عام (1961م – 1381هـ) سافرت إلى مدينة جبلة لدراسة العلوم الشرعية أنا والأخ عبدالواحد محمد غالب، والأخ شرف عبدالعزيز الفتيح رحمهم الله، والأستاذ عبدالله منصور محمد غالب وغيرهم، وبعد إكمال الدراسة في عام 1961م عدنا إلى القرية وبعد الإجازة سافرنا إلى جبلة مرة اخرى لمواصلة الدراسة في عام 1962م آخر أيام عهد الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، حيث انفجرت ثورة 26سبتمبر ونحن في جبلة، ثم بعد قيام الثورة غادرنا جبلة وعُدنا إلى قريتنا.
أما السفر فقد كان على الحمير من بني يوسف حتى جبلة، وكان دليلنا في السفر “علي أويس” من التعكر كان يحضر إلى بلادنا يتاجر بالفلفل الحار “البسباس” وكانت تستغرق الرحلة يومين ونصف على الحمير والأقدام، فاليوم الأول نغدو صباحاً من القرية إلى منطقة الزيلعي في نهاية اليوم، ونبيت هناك حتى الصباح، واليوم الثاني نواصل المسير حتى نصل إلى السياني ليلاً، ثم نغدو الصباح من السيّاني إلى مدينة جبلة حيث يكون وصولنا ظهراً.
في جبلة كنا ندرس على يد الشيخ محمد الرحبي، والشيخ محمد عبدالمجيد التوعلي، والشيخ عبدالرحمن العنسي، والشيخ عبدالله الخديري، وغيرهم من المشايخ.
المنهاج الدراسي في جبلة
- القرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتجويداً وتفسيراَ
- الفقه وأصوله على مذهب الإمام الشافعي، ويوجد فقه على المذهب الزيدي يدرسه طلاب آخرون، وكان الذين يدرسون المذهب الزيدي يميزون على غيرهم بمنحهم نقود أكثر من غيرهم، إضافة إلى الطعام، أما الذين يدرسون على مذهب الإمام الشافعي يتم إعطائهم طعام فقط بدون نقود، وهذا من التمييز الواضح بين الطلاب.
- العقيدة.
- اللغة العربية.
- التاريخ.