2025-06-19 12:25 ص
إدارة الموقع
2025-06-19 12:25 ص
الإيمان والإسلامالإيمان والإسلام

العُمق الروحي الإيماني

في درس العُمق الروحي الإيماني سنبدأ بتعريف الإيمان والذي يعتبر أساس الدين الإسلامي، وهو شعور داخلي يملأ قلب المسلم يقينًا ورضاًا بقضاء الله وقدره، ويُمكن تعريفه على أنه التصديق الجازم بكل ما جاء به الإسلام من عقائد وأحكام، ظاهراً وباطناً، قولاً وفعلاً.

ويُعدّ العمق الإيماني مرتبة عليا من مراتب الإيمان، حيث يتجاوز المسلم فيها مجرد التصديق النظري، ليتجلى ذلك في سلوكه وتصرفاته، وتصبح العقيدة الإسلامية جزءًا لا يتجزأ من شخصيته، فيُطبّق تعاليم الإسلام في جميع مجالات حياته، صغيراً وكبيراً، سراً وعلانيةً.

العُمق الروحي الإيماني

إن للشخصية الإنسانية أربعة جوانب وهي كما يلي:

  1. العقلي له غذاءه وله وظائفه وله علاجه.
  2. الجانب الروحي له غذاؤه وله وظائفه وله علاجه.
  3. الجانب العاطفي له غذاؤه وله وظائفه وله علاجه.
  4. الجانب الجسمي له غذاؤه وله وظائفه وله علاجه.

فأما الجانب الروحي فغذاؤه أداء الشعائر التعبدية والقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتدبرا + الأذكار المطلقة والمقيدة + الدعوة إلى الله تعالى.

أما وظيفته: فهي قوة الصلة بالله والارتباط به وينتج عن ذلك: الإخلاص والصبر والثبات والرضا والتوبة والإنابة.

أما مرضه: التعلق بغير الله سبحانه وما ينتج عن ذلك من أمراض سيئة كالرياء والجزع والإصرار على الذنوب وعدم التوبة والتخاذل.

فقد تغذى الروح ولا توظف طاقاته فلا يظهر أثره على سلوك الفرد فيكون الإيمان في جهة والسلوك في جهة أخرى.

فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (1). رواه مسلم.

مظاهر حيوية الروح وصدق الإيمان.

فالروح الحية والإيمان الصادق له مظاهر:

  • الاتصاف بصفات الإيمان المذكورة في القرآن الكريم وهي (54) صفة مذكورة في (101) آية وفي عشرين سورة من سور القرآن الكريم.
  • الالتزام بالأحكام الشرعية في العلاقات مع الله وفي التعامل مع الذات والتعامل مع أفراد الأسرة والأقارب والتعامل مع جميع شرائح المجتمع في جميع الظروف والأحوال، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} النساء135
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروطه وآدابه، قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} التوبة 71، وقال رسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ” لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم).
  • الغيرة على الدين وأحكامه وحرمة المسلمين، المثال الأول: (الصحابي) الذي غار على المرأة التي كشف اليهود عورتها في سوق بني قينقاع / وما حدث من جراء ذلك، والمثال الثاني: المرأة التي نادت (واا معتصماه).
  • حب الله ورسوله أشد من حب غيرهما، قال تعالى (والذين آمنوا أشد حبا لله) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليهم مما سواهما) متفق عليه.
  • الحب في الله والبغض في الله وبغض الكفر بغضاً شديداً، في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار)).

آثار حيوية الروح وعمق الإيمان على جوانب نشاط المؤمن:

إذا تعمق الإيمان في قلب المؤمن فإنه ينمي فيه الإحساس بعظم المسؤولية فيكون الباعث لأي عمل من أعمال العبادة الشعائرية أو أي عمل من أعمال العبادة الوظيفية أو التمتع بمتاع الحياة هو باعث التعبد فقط فهو لا يقدم على أي عمل من الأعمال إلا ويستحضر فيه نية التعبد فعندما يقدم على أداء الصلاة  أو الصوم أو الزكاة أو الحج أو الدعوة إلى الله أو تلاوة القرآن أو الذكر أو الدعاء فيستحضر نية العبادة والإخلاص لله وحده دون سواه فيبادر سريعاً لتنفيذ أي تكليف أو مهمة تتعلق بذلك فيصبح جزء من سلوكه قال تعالى { أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ }المؤمنون 61.

فينعكس ذلك على دوافعه أيضا إذا باشر عملا من أعمال العبادة الوظيفية فهو يستشعر أنه يعبد الله بهذا العمل لان الله قال: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} هود61.

فإذا شرح الله  صدره بالإيمان انطلق إلى العمل في سبيل الله بكل شوق وحب ولا تعيفه مشقات العمل فيجد أنه غير قادر على القيام بهذا العابئ بمفرده فيدفعه إيمانه للبحث عن جماعة تعمل في هذا المجال فينظم إليها ويأخذ مكانه في صفوفها ويأخذ ما يخصه من المهام فيقوم بكل جد واهتمام وبالتعاون مع زملائه لأداء تلك التكاليف والمهام ملتزماً بلوائح الجماعة ومواقفها معتبراً ذلك تعبدا لله وحده يؤدي عمله من خلال الجماعة مبتغياً بذلك وجه الله ولا يعمل لأشخاص العاملين سواء كانوا قيادات أو أعضاء ودون أن يلتفت لأي منفعة من خلال عمله أعطي أو منع ولا يضغط بعمله على احد ويستمر ثابتاً يبتغي الأجر من الله فقط دون سواه وإذا وجد أي قصور يقوم بإصلاح الخلل ما أمكن ذلك دون أن يدفعه إلى التوقف في عمله و يفرق بين المبادئ فينظر إليها بأنها مبرأة من العيوب فيتمسك بها  وبين من يحمل هذه المبادئ من الأشخاص فينظر إليهم أنهم بشر يتعرضون للضعف.

فإذا توجه المؤمن إلى عمله الوظيفي أو مزرعته أو معسكره أو متجره أو مدرسته أو جامعته فانه ينوي بذلك نية التعبد بهذا العمل فيؤديه بجد وإتقان لأنه يريد بعمله هذا وجه الله، قال تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} النساء134, وقال تعالى (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار …) البقرة (200 – 201).

وإذا تناول متع الحياة فانه ينوي بذلك الاستعانة بها على أداء دوره الذي كلف به فينال ثواب الدنيا وهو التمتع وينال ثواب الآخرة لأنه نوى بذلك الاستعانة على أداء مهامه ودوره، عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(… وفي بضع أحدكم صدقة, قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون فيها له أجر ؟ قال: أفرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له اجر) رواه مسلم.

فإن حيوية الروح وعمق الإيمان يجعل الإنسان المؤمن عبد الله خلال الأربعة والعشرين الساعة في اليوم والليلة ويثاب في جميع نشاطه في الدنيا والأخرة.

الإيمان الإيجابي المؤثر

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى