2025-06-10 12:00 ص
إدارة الموقع
2025-06-10 12:00 ص
نبضات المحبين

رمضان الخير مع الأستاذ محمد على إسماعيل حاجة غير ”1”

كتب/ أ. عبدالواسع عبدالله عبدالواحد


🗒️شهادات ينقلها من عاشوا مع الأستاذ “محمد علي إسماعيل” خلال أشهر رمضان الخير، ✍🏼الحلقة الأولى يكتبها الأستاذ : عبد الواسع عبد الله عبد الواحد

الأستاذ “محمد علي إسماعيل” يعدُّ مدرسة جامعة يجد فيها الدارس كل مبتغاه؛ بشرط الإرادة والقرب منه.

رمضان الخير مع الأستاذ محمد على إسماعيل حاجة غير

ما سأقوله هنا قد لايسعفني في إعطائه حقه ليُستفاد منه حق الاستفادة لطول الفترة الزمنية التي عشتها معه، والتي قد تتجاوز ثلاثين سنة، ومع ذلك سنختصر ونذكر بعضها :

أولاً .. لقد كان رمضان عند أستاذنا الفاضل موسما من مواسم الطاعة والعبادة والتعليم والدعوة إلى الله يستغل ذلك كمايلي :

  1.  يخطط لاستغلاله قبل قدومه ويضع لذلك خطة زمنية تستغرق حيزاً معيناً .
  2.  يقسّم المنطقة كلهاِ إلى مربعات؛ يحدد فيها الأسمار الكبيرة، والمسؤولين عنها، والموضوعات المطلوب طرحها .
  3.  حصر كل القادرين على العطاء من المحاضرين والعلماء، وتوزيع المحاضرات عليهم، وتكليف كل واحد منهم بمجموعة من المحاضرت؛ يتوزعون على تلك الأسمار .
  4.  تحديد سمرين كبيرين يُدعى إليهما أبناء المنطقة بأكملها، بل وما يجاورها .. حيث يستغلهما استغلالا دعويا يحقق فيهما ما لا يتحقق بأي وسيلة ونشاط دعوي آخر، ويتخلل السمر فقرات مناسبة تنال استحسان كل من حضر .
  5.  الأسمار اليومية يكلّف لكل سمر شخصا معينا، يقوم بترتيب الفقرات، وتكليف القادرين في إعداد فقرات السمر، وتحديد وقت بدء السمر بما يحقق الاستفادة منها .
  6.  وضع جدول للإخوة المحاضرين، يتضمن المحاضرات المطلوبة من كل واحد منهم حيث تكون أداء تلك المحاضرات بالأسمار .
  7.  الاهتمام بالمساجد وإحياء رسالتها بالشهر الكريم وذلك عبر قيامه بدروس ومواعظ محددة.
  8.  كذلك الأستاذ يعد له شخصيا خطة مجدولة تتضمن نشاطه الدعوي .. وكانت كالآتي:
    • محاضرات ليلية كل ليلة بسمر، أو بمكان آخر خارج المنطقة، وفي النهار محاضرات للقطاع النسوي، والتقاء بالعاملين دعويا كل يوم مع فئة منهم.
  9. الإفطار كان في منزل الأستاذ له نكهة خاصة، وكان في أغلب أيام رمضان نحضره بشكل جماعي قبل المغرب، فيسبق وقت الإفطار قراءة الأذكار، ثم الدعاء منه بمن حضر ونؤمّن بعده
  10. القافلة الدعوية والرحلة الدعوية في رمضان كان لها أهمية كبيرة عند الأستاذ، فكان يجهز لذلك فريقا متخصصا يتنقل بهم خارج المنطقة تربية لهم، ودعوة لغيرهم.
  11. حل مشاكل الناس؛ كان لها حضورا في خطة الأستاذ في رمضان؛ إما أن يكلّف بها بعض الأشخاص، أو يحدد لها ليلة خاصة من ليالي رمضان يحضرها بنفسه.
  12. الدراسة في المدرسة التي كان يديرها في رمضان لا فرق فيها عن غير رمضان، إن لم تكن أكثر انتظاما وفائدة، فالأستاذ أوتي توفيقا لا تعيقه العوائق، والعامل معه منقادٌ لتعاليمه .
  13. العشر الأواخر من رمضان كان لها عند الأستاذ ولازالت مزيدا من الأهمية حيث كا ن يستغلها بالإعتكاف، ولا يمنعه ويعيقه عن ذلك أي عائق، فقد جعل منها محطة تربوية خاصة وعامة يستهدف فيها مجموعة ممن يربيهم روحيا وثقافيا وتربويا وانضباطا، فالبرنامج موزع بين المؤهلين، والوقت مستغل بشكل كلي بما يناسب الجميع وكان كالتالي :
    • النوم من بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر، ومن بعد صلاة الظهر فترة حرة للكل تستغل في القراءة وإعداد الدروس وفقرات السمر، ومراجعة الحفظ للقرآن أو الحفظ، ومن بعد صلاة العصر موعظة ودرس فقهي، أو تفسير، ثم الوضوء والاستعداد للأذكار والدعاء، ثم الفطور وصلاة المغرب والعشاء، وكان من بين يديه أولاده وطلابه يوزعون الطعام بين الجميع، وما بعد الطعام إن كان هناك من كيكا أو حلاوة، ثم فترة راحة يتخللها أخبار وأسئلة حتى أذان العشاء، ثم موعظة وصلاة العشاء، يختار لذلك الحافظ والمجيد للقراءة ثم فترة راحة، ثم السمر يتخلله كثيرا من الفقرات ومحاضرة للأستاذ يستهدف بها من حضر تربويا ومعرفيا.
    • ثم تكون هناك فترة مخصصة لحفظ القرآن ومراجعته إلى وقت التهجد وهي الوجبة الدسمة في التربية، يصلي بنا الأستاذ أو من يختاره، حيث يحسن في اختيار السور المخصصة للقيام المشتملة على الآيات المؤثرة التي تصف الآخرة والجنة والنار، والتفاعل معها وترديد بعض الآيات التي يستجيب معها للبكاء والتأثر والتدبر، وكان يستلهم بعد كل ركعتين درسا من الآيات يكررها، ويبين معناها بصورة متأثرة مؤثرة، وإذا وصل لركعة الوتر الأخيرة دعا وتضرع و أطال، وشمل الحاضرين بالدعاء ربما فردا فردا بما يتعلق بحاجته يدعو ويتفاعل مع الدعاء، وهكذا كل ليلة.
    • فإن تخلل الإعتكاف يوم جمعة؛ يكلّف كل القادرين على الخطابة بإعداد خطب والخروج للمساجد يخطبون فيها، حتى إذا كان آخر ليلة سامح بين الجميع، وطلب المسامحة، ووزع القادرين على الخطابة لساحات صلاة العيد، وتحديد برنامج الست صياما وقياما، ثم سلاما وعناقا والدموع منهمرة يتمنى من حضر أن يكون الزمن كله عشرا واعتكافا .. حيث يشعر الواحد منا أن الأستاذ يعتبر له بمثابة الأب والأخ والصديق الحبيب، والكل إخوانه هذا بعض ما استذكرت مما قد مضى له عقود.

 ▪️ومن المواقف المهمة والمؤثرة مع الأستاذ في رمضان المذكورة لدي “موقفين” :

الموقف الأول :

كان من عادة الأستاذ أن يدرب كل من علمهم ورباهم تدريبا على استغلال طاقتهم القصوى في التعليم والدعوة والتربية وخدمة الآخرين، ومن ضمن هؤلاء أنا شخصيا؛ فقد كلفني بأعمال التدريس في المدرسة العامة، والتحفيظ بثلاث فترات صباحا ومساء وبعد المغرب، وأنا مازلت أدرس بالمرحلة الثانوية الصف الثاني الثانوي منتسب في المعاهد العلمية، ولم أجد وقتا للمذاكرة، وجاء رمضان واستأذنت الأستاذ للتفرغ للمذاكرة لقرب الامتحان، ولم يأذن لي قائلا : عندنا أسمار وأنشطة رمضانية، ولا بد من أن نشارك فيها جميعا، ولم يكن لي من رأي إلا موافقته على رأيه .. وقال لي : اعتكف العشر الأواخر للمذاكرة، وبعد لحظات جاءت رسالة من تعز بتقديم الإمتحان بخمسة عشر رمضان، فقلت يا أستاذ : فما الحل والمنهج كبير فقال لي : إذا اذهب من الآن .. واعتكف وذاكر وستجد البرَكة إن شاء الله.

الموقف الثاني :

وهذا الموقف يتعلق به شخصيا، فقد كان يعمل بمنطقة النشمة؛ حتى جاءت العشر الأواخر من رمضان، وعاد من النشمة إلى المسجد في قريته مباشرة للاعتكاف، ولم يعد لأهله للبيت، رغم طول غيابه، مما جعل أحد الدعاة آنذاك أن يقول مازحا : يحق لأهله أن يرفعوا عليه دعوة في المحكمة.

وفي الأخير أقول في حق الشيخ : كان وما يزال قدوة لمن يعرفه، يقتدون به لإصلاح أنفسهم، وإصلاح مَن هم بين أيديهم.

أسأل الله تعالى أن يطيل عمر أستاذنا، وان يرضى عنه، وأن يحقق مراده، وأن يأجرنا على تقصيرنا لمفارقته، فوالله لقد شعرنا بعد فراقه؛ ولا نزال أننا أيتاما صغارا؛ فقدوا أبا حنونا، كما أسأله سبحانه أن يجمعنا به مع حبيبنا محمد في مقام التكريم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

#رمضان_الخير

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى