2025-06-19 5:10 م
إدارة الموقع
2025-06-19 5:10 م
فتاوى و أحكام

فتاوى فقهية

الشيخ/ محمد راتب النابلسي

أيها الأخوة المؤمنون: لازلنا في الإجابة عن عدد من فتاوى الفقهية، التي تعبر عن حاجات بعض الأخوة المؤمنين إلى حكم شرعي في مشكلات يعانونها

فتاوى فقهية 5

السؤال: –ما الحكم في تأخير الغسل عن الجنابة في فصل الشتاء ؟

الجواب: أول شيء هذا السؤال يثير موضوع مهم جداً، هو أن المشقة في الإسلام لا يمكن أن تكون مطلوبة لذاتها، ومن يطلب المشقة لذاتها يعبر في ذلك عن جهله الكبير لحقائق الدين، هناك أدلة كثيرة، على رأس هذه الأدلة: ((عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْه قُالُ: جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ))(صحيح البخاري )

والله إني لأخشكم لله.. لم يقلها مفتخراً لكنه يؤكد حقيقة، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.

الإنسان مصمم كي يتزوج، والزواج من سنن الله في خلقه، الإنسان مصمم كي يأكل الطعام الذي خلقه الله له: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ (سورة الأعراف)

بنيته تقتضي أن ينام، وهـذا الذي تسمعونه أن كـبار الأئمة صلى الفجر بوضوء العشاء أربعون عاماً، هذا الكلام غير صحيح، وهذا الكلام ميئس، أنت مصمم أن تنام ساعات، يمكن أن تبغ أعلى الدرجات إذا نمت ثماني ساعات، أما أن تقول الذي يحب الله لا ينام، النبي كان ينام، أن تقول حينما أدخل في الصلاة يمكن أن لا أحس بالألم بعض التابعين اضطروا إلى قطع رجله فقطعوها وهو في الصلاة، ولم يشعر بشيء، هذا الكلام غير صحيح، النبي عليه الصلاة والسلام صلى فسمع طفلاً يبكي، وهو في الصلاة فأسرع في صلاته رحمة بأمه، معنى ذلك وأنت في الصلاة يمكن أن تسمع صوت طفل يبكي، أعلى صلاة عندنا صلاة النبي، فيوجد مبالغات غير مقبولة، ولو قبلتها لكنت يائساً، المنهج الذي وضعه النبي عليه الصلاة والسلام في العبادة والمعاملات متوازن، ومنهج واقعي، وأية زيادة على هذا المنهج خروج عن الالتزام والإتباع، يحضرني في هذه المناسبة أن واحداً سأل صحابياً: من أين أحرم رسول الله ؟ فقال له: من هنا. فقال: سأحرم من هنا. مكان أبعد !
قال له: والله ستفتن. قال له: وكيف أفتن وأنا في عبادة ؟ قال له: وأي فتنة أكبر من أن ترى نفسك سبقت رسول الله ؟
أيها الأخوة لا يمكن أن تكون المشقة مطلوبة لذاتها، مثال صارخ: في أيام الشتاء القارصة، الحرارة خمسة تحت الصفر، واستيقظت على صلاة الفجر، ودخلت إلى الحمام، يوجد صنبور ماء بارد لا يحتمل وصنبور ماء ساخن، فإذا توضأت بالماء البارد الذي لا يحتمل وهناك ماء معتدل، أؤكد لك أنه لا أجر لك، لأنك أردت المشقة لذاتها، أما حينما تفرض علينا المشقة من خلال عبادة نرحب بها، قد نعاني من مشقة بالغة في أثناء الطواف، قد نعاني من مشقة بالغة في أثناء الوقوف بعرفات، أية مشقة تفرضها العبادة مقبولة، أما المشقة التي نحن نتصيدها لذاتها غير مقبول،

((عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ مَا هَذَا قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَغَنِيٌّ أَنْ يُعَذِّبَ هَذَا نَفْسَهُ فَأَمَرَهُ فَرَكِبَ ))(مسند الإمام أحمد )

كنت مرة في بلد إسلامي في بلاد الشرق، إنسان مشى ألف كيلو متر تعظيماً لإمام كبير راحل، ويوجد سيارات وطيارات ومراكب، ما من أجر أن تسير ألف كيلو متراً، هذه المشقة طلبت لذاتها، أما حينما لم يكن هناك مراكب حديثة إلى الحج كان الحج مشياً على الأقدام، هذا الذي يقوله العامة الثواب على قدر المشقة كلام لا يصح إلا إذا كانت المشقة مفروضة علينا، إذا فرضت علينا نرحب بها، نتحملها، هذا من أصول الدين، أما أن نخترعها، أن نقصدها لذاتها، أن نحرم أنفسنا ما سمح الله به !! أقول لكم: يمكن أن تصل إلى أعلى مراتب الدين وأنت تأكل وتشرب، وتنام، وتأكل اللحم، وتنجب الأولاد ولك عمل، هذا المنهج إلهي، منهج يسع جميع المسلمين، هذا المنهج لا يسع الأناس العاديين، هذا ينقلنا إلى ما يجري في بعض البلاد في شرق أسيا، هناك من يعذب نفسه تعذيباً لا يحتمل، تقرباً إلى ربه، ديانات أرضية ما أنزل الله بها من سلطان، هذه اليوذا، وأن تجلس على مسامير، وأن تمتنع عن الطعام حتى يغدو وزنك وزن ريشة، وأن تعد هذا من الدين هذا كله بدع ما أنزل الله بها من سلطان، فلذلك القاعدة الأصولية لا يمكن أن تكون المشقة مطلوبة لذاتها، المشقة إذا فرضت علينا بعبادة شاقة، أي أنت صائم بشهر آب، والحرارة ست وخمسون، والنهار سبعة عشر ساعة، هذه مشقة كبيرة جداً، لكن الصيام فرضها، نتحملها إن شاء الله، أحياناً الحج يوجد به صعوبات بالغة، يوجد ازدحام لا يحتمل، أما أن أخترع أنا المشقة أن أفتعلها، أن أطلبها لذاتها، الآن هناك حجاج يأتون إلى مكة مشياً متوهمين أن الأجر أكبر، لا أبداً !! بعد أن وفر الله هذه المواصلات ؟! أنا حينما لم يكن هناك هذه المركبات أذهب مشياً أو أركب ناقة، أما حينما وفرت هذه الوسائل لا داعي إطلاقاً إلى أن نفعل ذلك، بالمناسبة عليه الصلاة والسلام

وأجمل منك لم ترى قط عيني  وأكـمل منك لم تلد النساء
خـلقت مبرءاً من كـل عيب  كـأنك قـد خلقت كما تشاء

يوجد صحابي جليل أصابته جنابة في سفر فسأل بعض أخوانه: ماذا أفعل؟ فأشاروا إليه أن يغتسل، فاغتسل ومات، هذا النبي الكريم الذي هو قمة في اللطف ماذا قال ؟ ((عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَصَابَ رَجُلًا جُرْحٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ احْتَلَمَ فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ )) (سنن أبي داوود )

قبل أن تفتي يجب أن تعد إلى المليار، قَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ * أفتى له فمات، في حالات الخوف من ماء لا يحتمل يمكن التيمم، فأنا أريد لا يمكن أن يعبد الله في المشقة والحرج، بل إن الله عز وجل رمى عن الناس الحرج والمشقة، ويوجد قاعدة أصولية تقول: الأمر إذا ضاق اتسع. إذاً ينبغي أن نعلم أن منهج الله يمكن أن يوصلك إلى أعلى مرتبة دون أن تحمِّل نفسك ما لا تطيق، ودون أن تحملها على مشقة لا تحتمل، ودون أن تلزمها بصيام طويل، هذا الذي صام الدهر ما صام أبداً، هل من مشقة تفوق الصيام في بلاد الحجاز ؟ إن لم يسافر إنسان إلى بلاد الحجاز لم يعرف ما بلاد الحجاز، ست وخمسون درجة، لا تشتهي شيئاً إلا أن تدخل إلى بيت فيه مكيف، كأن هناك منع تجول، الحر إذا زاد عن أربعين درجة يكون فوق الطاقة، في بلاد الحجاز إذا صام إنسان صوماً مستمراً تقرباً إلى الله هناك بعض الأحاديث تؤكد أنه آثم، وهناك أحاديث تؤكد أنه ما صام إطلاقاً،

أخواننا الكرام أهم شيء أن تعبد الله وفق شريعة النبي، هذا الذي يعبد الله على مزاجه ما عبد الله، هذا الذي يعبد الله وفق خطة رسمها بعيدة عن منهج الله ما عبد الله، الله عز وجل لا يعبد إلا بما شرع، ولا يعبد إلا باتبَّاع رسوله، ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ (سورة آل عمران)

علامة حب الله إتباع الرسول، أنا أقول بأنني أعلم علم اليقين بأن هناك مناهج كثيرة جداً مخترعة، مبتدعة في بعض الجماعات الدينية، بعضها مبني على المشقة، يجب على المريد أن يلتقي مع من يدربه بقمة جبل، ويجب أن يتلقى حجارة وهو يصعد إليك لا تحتمل، فإذا تحمَّل هذه الحجارة ولو قتلته ووصل إلى الشيخ فهو صادق، هل فعل النبي هذا ؟ لم يفعل النبي مثل هذا، آن الأوان أن نقوم بمسح لما نعتقد، فكل عقيدة تتناقض مع منهج رسول الله ينبغي أن ننبذها، ينبغي أن لا نقبلها، أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون بينت لكم هذه الحقيقة، المشقة ليست مطلوبة لذاتها، والله عز وجل ما تعبدنا بالحرج والعنت والمشقة، والأمر إذا ضاق اتسع، والذي لا يقبل رخصة الله عز وجل يعد آثماً، النبي عليه الصلاة والسلام في بعض أسفاره في رمضان: (( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي اللَّهم عَنْهممَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ…))(صحيح مسلم)

فهل أنت أورع من النبي ؟ النبي في هذا الحر الذي لا يحتمل وفي سفر وفي جهاد سمح بإفطار رمضان، فهذا الذي لم يفطر سماه النبي عاصياً، قال: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ. مرة أناس أفطروا وأناس لم يفطروا، فلم ينتقد هؤلاء هؤلاء، ولا هؤلاء هؤلاء، للمرة الثانية، أما في المرة الثالثة، كان الصائمون متعبون جداً، أما الذين أفطروا وأخذوا بالرخصة كانوا نشيطين، هم أعدوا الطعام ونصبوا الخيام، وذبحوا الجذور، فقال عليه الصلاة والسلام: ((عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ…….النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ ))(صحيح البخاري)

فإذا من أيام الصيف التي لا تطاق، وصيام نفل، أنت لم تصم لكن قدمت خدمة لمائة شخص، إنسان صام واستلقى على الفراش، لم يفعل شيء إلا انه صام، الذي لم يصم وقدم خدمات لأناس كثيرين لعل أجره عند الله أكبر ((قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) (صحيح البخاري)

فتاوى فقهية 6

السؤال : أعاني من قسوة والدي عليّ !

الجواب: كلام صريح وواضح وصارخ، قسوة القلب، علامة البعد عن الله، مرة أحد العلماء أعجبني بشيء، إذا سُئل سؤال يقول للسائل اكتب سؤالك، يجيبه خطياً على هذا الذي كتب، يقول له إن كان هذا الكلام غير صحيح أنت مسؤول أمام الله، أنا أجبت على هذا الكلام، وأنا أستخدم هذا الأسلوب، تقول أيها الأخ الكريم: إن والدي قاسٍ علي، قد يكون هذا من زاويتك، وقد يكون الأب على حق، وقد يكون الابن في تقصير أو إسراف أو تبذير، لو أنه فرضاً قاسياً فعلاً، إذا كان فعلاً قاسياً عليك.
الجواب: أن قسوة القلب دليل البعد عن الله عز وجل ، والدليل قول الله عز وجل دققوا: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾(سورة آل عمران)  بسبب رحمة استقرت في قلبك يا محمد كنت لينا لهم، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾(سورة آل عمران)

هذه الآية تشبه معادلة رياضية، تتصل بالله بسبب هذا الاتصال تستقر الرحمة في قلبك، هذه الرحمة التي استقرت في قلبك تنعكس ليناً في معاملة الخلق، رحم الله عبداً سهلاً إذا باع سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا قضى سهلاً إذا اقتضى، الرحمة التي استقرت في قلبك تنعكس ليناً، وهذا اللين يجعل الناس يلتفون حولك، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾

لو كان قلبك قاسياً بسبب بعدك عن الله لانعكست القسوة غلظة وفظاظة، والغربة والفظاظة تنعكسان انفضاض الناس عنك، اتصال رحمة لين التفاف، انقطاع قسوة غلظة انفضاض.

أنا أقول لكم: استخدموا هذا المقياس، والله لو صليت ألف ركعة وكنت قاسي القلب معنى ذلك أنك بعيد عن الله.
أحدهم أنكر وعتب على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يقبل أولاده، قال أنا والله لا أقبل واحداً منهم، فقال له النبي: وماذا أملك إذا نزعت من قلبك الرحمة !(ورد في الأثر)

((كان عليه الصلاة والسلام يخطب على المنبر ورأى أولاد ابنته السيدة فاطمة الحسن والحسين يمشيان ويتعسران، ماذا فعل النبي ؟ نزل من على المنبر وحملهما وصعد المنبر وتابع خطوته، هل يوجد خطيب يفعلها ؟ كم لهذا الطفل من مكانة عند أبيه، أيعقل أن يصلي النبي بأصحابه ويسجد ويأتي الحسن والحسين فيركبان على ظهره فيطيل السجود فيقلق الصحابة على حياة النبي، فيسألونه بعد حين: ما الذي حصل يا رسول الله ؟ قال: ارتحلني الحسن والحسين فكرهت أن أعجلهما.)) (ورد في الأثر)

هذه رحمة النبي، من لا يَرحم لا يُرحم، إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي وكل إنسان يدعي أنه ديّن وقلبه قاسٍ أنا أقول بشكل صارخ: هو بعيد عن الله ولو صلى ألف ركعة في اليوم، علامة الاتصال لين القلب، علامة الاتصال أن ترحم المسلمين أن تشفق عليهم، أن تخفف من آلامهم، أن تحط عنهم بعض الأثقال، أن تحمل همومهم، أما هذا الذي يعيش لوحده ولا يرحم أحداً من المسلمين هذا أبعد خلق عن الله عز وجل، ممكن صلاة الفجر والنبي يقرأ فيها صفحتين أو ثلاثة من كتاب الله، هي أهم صلاة، وقت الفجر ووقت الرحمة يسمع النبي الكريم بكاء طفل فيقراً الإخلاص ويركع، استغربوا من النبي هذه الصلاة ! قال (( سمعت طفلاً يبكي ينادي أمه ببكائه، فأشفقت عليها )) ورد في الأثر

فتـاوى فقهية 7

السؤال: أنا أتوب إلى الله عز وجل وأفعل ما يرضيه، فمثلاً كنت لا أصلي فترة طويلة من الزمن وأردت أن أتوب وأصلي، هل علي أن أصلي كل الصلوات التي فاتتني أم لا ؟

 الجواب: في الحقيقة هذا موضوع خلافي بين المذاهب، أذكر لكم بعض المذاهب: هذا المذهب يقول: من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن حجّ ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومن تاب توبة نصوحة أنسى الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه، أنت حينما تتوب إلى الله توبة نصوحة، المرجو من الله عز وجل أن يعفو عنك فيما سلف، هذا مذهب، وتوجد مذاهب أخرى تتشدد لابد من أن تصلي كل فرض فاتك، وتوجد مذاهب بين بين، لو أنك صليت الفرض والنوافل حسبت نوافلك فروضاً سابقة

أنا أقول لك: صلي الصلوات الكاملة بفرائضها وسننها، وحينما تجد نشاطاً صلي ركعات مما فاتك من قبل من دون حساب، فمع الحساب هناك مشقة كبيرة، فإذا إنسان تاب إلى الله توبة نصوحة يمكن أن يطمع برحمة الله عز وجل لأن الذنوب أنواع ثلاث: ذنب بينك وبين الله، وذنب بينك وبين العباد، وذنب لا يغفر هو الشرك بالله، وذنب لا يترك هو ما كان بينك وبين العباد وذنب يغفر هو ما كان بينك وبين الله، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يعفو عن كل من قصر في الصلاة أو في العبادات وأنه حينما يتوب إلى الله توبة نصوحة ينسي الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه، فماذا نفعل بحديث الحج ؟ ماذا نفعل بصيام رمضان وقيام رمضان ؟ ماذا نفعل بحديث التوبة النصوح ؟ أغلب الظن أن الذي يتوب توبة نصوحة ينسي الله حافظيه والملائكة وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه، يوجد

فتاوى فقهية

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى