
بسم الله الرحمن الرحيم جمعنا لكم في هذا المقال عدة فتاوى فقهية للشيخ النابلسي عسى الله أن ينفعنا وينفعكم بها ونبدأ بهذه الفتوى
فتاوى فقهية 1
(( أغلب المدخنين يقتنعون بأنه لا يوجد دليل بالقرآن والسنة بأن التدخين حرام))
أيها الأخوة الكرام: هناك دليل خاص وهناك دليل عام، الدليل الخاص:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ (سورة المائدة)، فلا خمر محرمة بالدليل الخاص، لكن حينما قال الله عز وجل: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾(سورة الأعراف)
أي شيء ثبت أنه خبيث فهو محرم بالدليل العام، وللدخان موضع طويل جعلته موضوع درس للأحد، وموضوع خطبة، فيه حقائق علمية مقطوع بها، وفيه فتاوى، من العهد العثماني وإلى العصر الحديث، شيخ الأزهر الذي توفي رحمه الله الشيخ جاد الحق، ولكبار علماء المسلمين في العالم الإسلامي ولعلماء سابقين في العصور السابقة، كلهم أصدر فتاوى تؤكد أن الدخان حرام،
فتاوى فقهية 2
((معروف أن عدد الأنبياء في كتاب الله خمسة وعشرون نبياً ))
لكن الله ماذا قال ؟ قال: ﴿مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ (سورة غافر)
معنى ذلك أن عدد الأنبياء لا يعلمه إلا الله، ولأن الله عز وجل يقول: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)﴾ (سورة الرعد)
معنى ذلك أن الله أرسل الأنبياء والرسل لكل عباد الله إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين لأن الله علم أن سيكون تواصل بين بني البشر في آخر الزمان، وهذا العصر كما تعلمون ينعت بالمعلوماتية وينعت بثورة الاتصالات، وقد قالوا: العالم أصبح قرية كبيرة، ثم قالوا أصبح بيتاً، والآن العالم غرفة واحدة ! ما يجري في أطراف الدنيا بجهاز صغير جداً ينقل لك كل ما يجري في أطراف الدنيا، فإذا تابعت الأخبار تجد أنك تتابع حدثاً حدثاً في أي بلد وفي أي إقليم وتحت أية ظروف، لذلك علماء المسلمين دروسهم وأشرطتهم ومحاضراتهم وكتبهم تجدها في القارات الخمس، وهذا من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام ((عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.….*)) (مسند الإمام أحمد )
أي مكان في الأرض فيه ليل ونهار تجد هناك من يدعو إلى الله، والذي يلفت النظر أن قارة كأسترالية قارة في طرف الدنيا، في أقصى الجنوب أبعد مكان عن هذه البلاد، وفيها جوامع ودعاة وإذاعات إسلامية، ودروس العلماء المسلمين تنقل لهم كل يوم، وكأنك في دمشق، سيبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار. ولكل قوم نبي، إذاً: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)﴾لكن الله عز وجل لحكمة بالغة ذكر بعض الرسل والأنبياء في القرآن ولم يذكر بعضهم الآخر.
فتاوى فقهية 3
العتاب للنبي أم على النبي؟
ذكرت في دروس سابقة أن قوله تعالى:﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (1)﴾ (سورة عبس)، هذه الآية عتاب للنبي، وهي وصف لحالة الغضب التي طرأت عليه بسبب سيدنا ابن أم مكتوم فماذا تفسر قوله تعالى:﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ (سورة التوبة)
فرق كبير بين أن يعتب الله على نبيه وبين أن يعتب له، لو دخلت أم على ابنها في الساعة الثانية ليلاً فرأته يدرس، قد تعّنفه لا تنبيهاً لتقصيره، بل تنبيهاً لأنه بذل جهداً فوق طاقته، تقول له: ارحم نفسك ! نم قليلاً، هذا عتاب له، وليس عتاب عليه، فالأخ يبدو أنه قنع بهذا التفسير وكأنه ضبط آية لا تفسر لصالح النبي قال: ماذا تقول في قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾
أولاً: أيها الأخوة: النبي عليه الصلاة والسلام معصوم من أن يخطئ في أقـواله وأفعاله وإقراره، والعاصم هو الله، وحينما أمرنا الله عز وجل أن نأخذ عن النبي معنى ذلك أنه عصمه، لو لم يكن معصوماً وأمرنا أن نأخذ عنه ربما وقعنا في أمر إلهي يؤدي إلى معصية الله، لو لم يكن معصوماً قال: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (سورة الحشر)
لكن لو لم يدع الله عز وجل للنبي هامشاً صغيراً جداً هامشاً لاجتهاده، فإذا أصاب اجتهاده، أقره الوحي على اجتهاده، وإن لم يصب نبهه الوحي لكن النبي عليه الصلاة والسلام حينما يجتهد أن يأذن لإنسان أن يكون معه، اجتهاده نابع من كماله العالي، لكن علم الله أوسع من علم النبي، أنت أذنت لهم تقريباً لهم، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ (سورة الإسراء)
الله عز وجل سمح للنبي الكريم بهامش اجتهادي ضئيل جداً فإن أصاب في اجتهاده أقره الوحي على اجتهاده، وإن لم يصب نبهه لماذا ؟ ليكون هناك فرق بين مقام الألوهية ومقام النبوة، يوجد فرق، فرضاً: لو أن النبي منذ أن ولد إلى أن وافته المنية ما اجتهد اجتهاداً غير مصيب إطلاقاً لارتقى إلى مقام الألوهية، ولعبده الناس من دون الله، مثلاً: قيل عن زوجته أنها زانية ! السيدة عائشة، وهذا حديث الإفك، النبي عليه الصلاة والسلام حسن الظن بزوجته، لكن لا يوجد دليل إثبات ولا دليل نفي، ولحكمة أرادها الله تأخر الوحي أربعين يوماً، لو أن الوحي من اختراعه من صنعه لجاء بآية بعد ساعة وحل مشكلته، لكن شاءت حكمة الله أن يُري الناس أن الوحي شيء لا يملكه النبي ! والدليل: بقي أربعين يوماً ينتظر تبرئة الوحي لزوجته السيدة عائشة.
إذاً: هناك حكم بالغة، هذه من حكم التشريع أنه قد سمح للنبي عليه الصلاة والسلام هامش هذه من حكم التشريع أنه قد سمح للنبي عليه الصلاة والسلام هامش اجتهادي ضئيل، فإن أصابه النبي في اجتهاده أقرّه الوحي على ذلك، وإن لم يصب ليس معنى ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام وقع في خطأ لكن وقع في نيّة عالية، فأنت مثلاً: لو تصورت أن هذا الإنسان فيه خير كبير فجلست ساعات تلو الساعات تقنعه بأحقية هذا الدين فجاءك خبير وقال لك: هذا الإنسان لا أمل في هدايته، هذا الإنسان غارق في المعاصي والآثام وهو يستهزئ بالمؤمنين، أنت بنية طيبة جلست معه ساعات تلو الساعات، لكن جاءتك معلومات الخبير أنه لا جدوى، ليس معنى هذا أن هناك يوجد خطأ ؛ أبداً، الله عز وجل نبهه، هؤلاء ينبغي ألا تعفو عنهم، وأخذ الموقف الكامل، لكن وحي السماء لفت نظره إلى شيء.
في موضوع أخير بالموضوع: النبي عليه الصلاة والسلام أظهر كل الفضائل البشرية، كان قمة في الكرم والتواضع وقمة في اللطف وقمة في الإنصاف وقمة في العدل هو قمم، مجموعة قمم، صلى الله عليه وسلم، لكن في قمة الفضيلة عندما تكـون بخطأ، أن ترجع إلى الحق، أن تصغي لنصيحة ناصح، ولو كنت في قمة البشر، فكيف يحدث هذا ؟ الله عز وجل حجب عن نبيه الكريم الموقع المناسب في بدر، حجبه عنه وحياً واجتهاداً، وحجبه عنه إلهاماً، فأعطى أمر بموقع معين، جاء صحابي جليل يكاد يذوب محبة بالنبي قال: يا رسول الله هذا الموقع وحي أوحاه الله إليك ؟ أم هــو الرأي والمشورة ؟ قـال: هـو الرأي والمشورة، قال: والله ليس بموقع، فالنبي ببساطة عالية وبصفاء شديد وتواضع جم قال له: جزاك الله خيراً، أعطى أمراً لأصحابه أن ينتقلوا إلى مـوقع جديد، هذه الفضيلة، فضيلة الرجوع إلى الحق، هذه كيف تكون في النبي إن لم يحجب عنه الصواب أحياناً ؟
فـتاوى فقهية 4
كيف يسنّ النبي لنا صلاة سجود السهو إن لم يسهوها ؟
((عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَا، فَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقَصُرَتْ أَمْ نَسِيتَ ؟ قَالَ: مَا قَصُرَتْ وَمَا نَسِيتُ. قَالَ: إِذًا فَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ: أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ *))