2025-06-09 10:13 ص
إدارة الموقع
2025-06-09 10:13 ص
دروب القيم والأخلاقتربية وتزكيةالأخلاقتربية وتزكية

الصبر أساس الأخلاق

الصبر فضيلة يحتاج إليها المسلم في دينه ودنياه، وهو الذي يشعُّ للمسلم النور العاصم من التخبُّط، والهداية الواقية من القنوط، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «..الصَّبْرُ ضِيَاءٌ..» وعلى الإنسان أن يستعدَّ للحوادث الجسام دائمًا.

أولا/ التعريف:

لغة: حبس النفس عند الجزع

اصطلاحا: الثبات على الطاعة، ومجاهدة النفس على أدائها، والثبات على دين الله، وكف النفس عن المنكرات، وحمل النفس على معالى الأمور، والارتقاء بها إلى الكمال البشري، والصبر هو أساس الأخلاق الآتية (الحلم، وكظم الغيض، والعفو والشجاعة…)

ثانيا/ أهداف دراسة موضوع الصبر:

  • تعزيز صفة الصبر في قلوب الدعاة
  • التأسي بأهل الصبر والعزائم وأصحاب الثبات
  • ترسيخ مفهوم الصبر لدى الداعية
  • بيان اهمية الصبر في الدعوة الى الله
  • التاكيد على الصبر والمصابرة في المجالات الآتية : الصلاة، الدعوة، الامتناع عن المنهيّات

ثالثا/ أهمية الصبر في شخصية المسلم ويتمثل بالآتي:

  • الصبر نور يستنير به الداعية في حوالك الأزمات، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( …. الصلاة نور والصبر ضياء ….. ) رواه مسلم
  • الصبر إيمان يربط العبد بخالقه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له )رواه البخاري وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (الصبر نصف الإيمان )
  • إن الصبر يبعد المؤمن من الهلوع الجزوع، قال تعالى ( إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا  )المعارج 19-22
  • وقد ذكر الصبر في القرآن في ( 102) موضعا
  • الله تعالى وصف أنبيائه بالصبر وأمرهم بالإتصاف به قال تعالى ( إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ) ص 44 وقال تعالى (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) الأحقاف 35
  • الصبر من مقومات شخصية الداعية الأساسية قال تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) السجدة 24
  • الصبر على التكاليف مهما بلغت والمسؤولية مهما عظمت قال تعالى ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) آل عمران 147
  • الصبر وسيلة للإرتقاء بالنفس نحو الكمال البشري

رابعا/ فضل الصبر والصابرين ويتلخص في الآتي

  • فهو صفة من صفات الله (الصبور )، قال الرسول صلى الله علية وسلم ( ما أحـدٌ أصبر على أذى سمعه من الله؛ يدَّعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم ) رواه البخاري
  • الثناء على أهله، قال تعالى (إن المسلمين والمسلمات ….. والصابرين والصابرات …. ) الأحزاب 35 وقال تعالى (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) البقرة 177
  • هو سبب لمحبة الله وكسب معيته، قال تعالى (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) آل عمران وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال 46
  • أجر الصبر بغير حساب، قال تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر 10
  • هو شرط لتحقيق النصر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( واعلم أن النصر مع الصبر ) رواه أحمد
  • أهل الصبر هم أهل العزائم قال تعالى ( وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ)الشورى 43
  • هو سبب للحظ العظيم عند الله، قال تعالى (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت 35
  • الذين ينتفعون بالعظات هم الصابرون، قال تعالى (فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ )سباء 19
  • هو سبب للفوز بالجنة، قال تعالى ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) الرعد 33-34
  • هو سبب لنيل الإمامة، قال تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) السجدة 24
  • اقترانه بمقامات الإسلام والإيمان واليقين والتقوى والشكر والتوكل والعمل الصالح والرحمة الآيات آل عمران 125 إبراهيم 5 العنكبوت 58-59 الانفال 49
  • هو سبب لحماية المؤمنين من كيد الأعداء، قال تعالى (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) آل عمران 130
  • هو معيار لتصفية الصفوف وتمحيص النفوس قال تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) محمد 31

خامسا/ مجالات الصبر

  1. الصبر على الطاعات، وله جانبان..
    •  الجانب الأول: صبر على إكمالها
    • الجانب الثاني: صبر على الاستمرار عليها قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( أحب الاعمال إلى الله أدومها وإن قل )
  2. الصبر على المعاصي، وله ثلاث مراحل..
    • المرحلة الأولى: مرحلة المقاومة عندما تعرض عليه المعاصي يقاومها بالإمتناع عنها
    • المرحلة الثانية: مرحلة الإستعصاء فإذا استمر الشخص على مقاومة من يعرض عليه المعاصي ينتقل إلى مرحلة الإستعصاء وفي هذه المرحلة يصل إلى أن ييئس من يعرض عليه المعاصي
    • المرحلة الثالثة: مرحلة الإستقواء وفي هذه المرحلة يتخلص من دفع المعاصي عن نفسه وينتقل إلى مرحلة نشر الفضائل ودحر الرذائل في المجتمع فيكون الصراع بينه وبين من ينشر الرذائل ويدحر الفضائل في واقع المجتمع فاذا بلغ الداعية إلى الله هذا المستوى فليتحصن من الوقوع بالرذائل بالإلتزام بالأحكام الشرعية قال تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) النور 63 وقال تعالى ( واتل عليهم نباء الذي أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ….. ) الاعراف 175-176
  3. الصبر على المصائب، والصبر في هذا المجال يقصد به مواجهة المصائب والأحداث بصبر وثبات ورباطة جأش والإتزان وعدم التهور والجزع قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) البقرة 155-157 وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا الصَبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى) و الأمثلة كثيرة
  4. الصبر على مواصلة العمل في سبيل الله، فإن الإنسان إذا عمل في سبيل الله فترة ثم توقف فإن الله يؤنبه ويستنكر منه ذلك قال تعالى (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) النجم 33-37 ولكن إذا استمر المجاهد في سبيل الله بجاهده حتى يلقى الله على ذلك فسيبعث يوم القيامة وهو مجاهد في سبيله قال تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)نوح 1
  5. الصبر على تحقيق ما يطمح إليه الإنسان علميا وتربويا ومهاريا، قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) الكهف 60

سادسا/ آثار الصبر على شخصية المسلم وهي على النحو التالي

  • الرفق في الإنسان والحيوان النبات والجماد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (من يحرم الرفق يحرم الخير كله ) رواه مسلم
  • الحلم في التعامل مع الغير قال تعالى ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)
  • الدأب والمثابرة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (أحب الاعمال إلى الله أدومها وإن قل) رواه البخاري

سادسا/ صور من الصابرين

  • صبر إبراهيم واسماعيل عليهما لسلام
  • صبر أيوب عليه السلام
  • صبر يوسف عليه السلام
  • مواقف من الواقع

سابعا/ مسائل متفرقة

هل شكوى الإنسان إلى الناس ما يجد من الالم والمصيبة تنافي الصبر؟

إذا شكى إلى الناس وهو راضي بقدر الله فلا يعتبر جزعا، ولكن إذا كان مع الشكوى جزع فإنه يتنافى مع الصبر قالت عائشة رضي الله عنها (واثكلياه ) والله لأنك تحب موتي ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (بل انا ورأساه) رواه البخاري

ماذا يقول المصاب عند المصيبة؟

قال تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) البقرة 156

ثامنا/ كيف نطبق الصبر في واقع حياتنا

  1. المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا، قال تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ) البلد 4
  2. التأسي بأهل المصائب، قال تعالى ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) الشورى 30
  3. معرفة الانسان نفسه، قال تعالى ( وَما بِكم مِن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإلَيْهِ تجأرون)النحل 53 قصة أم سليم مع زوجها أبى طلحة عبرة
  4. اليقين بحسن الجزاء عند الله، قال تعالى (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر 10
  5. اليقين بالفرج، قال تعالى (حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) 110
  6. الاستعانة بالله، قال تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال 46
  7. الإقتداء بأهل الصبر والعزائم، قال تعالى (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)هود 120
  8. الإيمان بقضاء الله وقدره، قال تعالى (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) الحديد 22-23
  9. الدعاء، قال تعالى (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) البقرة
  10. الحذر من الآفات العائقة عن الصبر مثل الإستعجال والغضب واليأس، قال تعالى (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ) الأحقاف 35، وقال تعالى (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) القلم 48، وقال تعالى (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ال عمران 140
  11. عدم الإكثار من الشكوى
  12. الإكثار من قول إنا لله وإنا اليه راجعون
  13. محاسبة النفس من التقصير
  14. القراءة في كتب السيرة للاطلاع على حياة أسلافنا

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى