
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم .. وبعد: مواقف وذكريات كثيرة كانت كفيلة ليزرع أستاذي / محمد علي إسماعيل الأثر الأكبر في حياتي لتميزه بعدة صفات لم أجدها في غيره من المربين، لذلك كتبت هذه النقاط والتي كانت لها وقع كبير في حياتي..
مواقف وذكريات مع أستاذي/ محمد علي إسماعيل
أقدم هذه الصفات مدعمة بمواقف عملية من حياة الأستاذ خلال مجالستي له وهي كالتالي:
1- الاحتراق للدعوة حتى البكاء:
كان معه موعد لزيارتي مع الشباب في إحدى المناطق، وعند وصوله إلى المكان لم يحضر كل الشباب!! فأخبرته بهذا الأمر فإذا بي أشاهده وهو يبكي ويقول “لعلي أكون السبب”. هذا التألم دفعني للاجتهاد أكثر بعملي جزاه الله خير.
2- التفاؤل وقت الهزيمة:
في إحدى جولات الإنتخابات النيابية كرّسنا كل جهودنا لإنجاح مرشحنا، لكن النتيجة جاءت لصالح المرشح الآخر، فكانت صدمة لنا جميعاً!! إلا الأستاذ محمد علي إسماعيل، حيث دعا لاجتماع عاجل ثم هدأ من روعنا ووجهنا لعدم اليأس لأننا أخذنا بالأسباب، ولن يحاسبنا الله على النتيجة، وطلب منا مواصلة العمل فأزال الإحباط الذي كان فينا.
3- الشجاعة في مواقف الخوف:
ما حدث في قريتنا وتحديداً في منزل الأستاذ عبدالله منصور حيث وصل شخص يعاني من حالة نفسية، وبيده مسدس!!
فقام بتهديد الحاضرين مما أصاب الجميع بالفزع، وعندما علمنا بالخبر توجهنا لذلك المكان ووجدنا الأستاذ محمد قد أمسك بيد ذلك المجنون لوحده، حينها نزعنا المسدس من يده والرصاصة كانت جاهزة للإطلاق في جوف المسدس!! فكان هذا الموقف مثار إعجاب بالأستاذ.
4- القدرة على الإقناع والتأثير:
عندما عجزنا جميعاً في الأسرة على إقناع أخي بأن يواظب على الصلاة التجأنا للأستاذ محمد وطلبنا منه أن ينصحه.
بكلمة واحدة أثر عليه، حيث قال له باللهجة الشعبية (هذه الصورة الجميلة ما بيش سخى تروح النار) أي وجهك الجميل لا ينبغي أن يكون من أصحاب النار، فإذا بأخي يتأثر ويلتزم بالصلاة بعد هذه الكلمة.
الموقف الآخر في القدرة على التأثير عند حضوره إلى مكان فيه وجاهات وشخصيات من المنطقة، حدث ذلك بعد عودته من العلاج ولم يتعافى بعد، وعندما قدّمه أحد المتحدثين شكر الاستاذ على الحضور رغم مرضه، فكان رد الأستاذ ” والله لو مت في الطريق وأنا مسافر إليكم لكان ذلك مشرفاً لي ” فآثرت هذه الكلمة على الحاضرين ودخل إلى قلوبهم، ثم قام بتذكير الوجاهات بمواقفهم المشرفة في المنطقة، وهذا غيض من فيض.
5- موقف يدلل على حفظ الله له:
أخبرني أحد الاشخاص بأنه كان مُكلفاً بتفجير سيارة الأستاذ محمد التي يركب عليها، وبعد أن وضع المتفجرات تحت السيارة وأصبحت جاهزة للتفجير عند تشغيل السيارة قام بتوصيل سلك يبعد عن السيارة بحيث يتمكن من الهروب بعد التفجير!!
يقول هذا الشخص: تبادر إلى ذهني تساؤل لماذا أنا كُلفت بهذا الأمر؟ فتراجعت وأبطلت مفعول المتفجرات قبل التحرك بلحظات!! إنه حفظ الله للأستاذ حفظه الله من كل مكروه.
6- فرض احترامه حتى على الخصوم:
يخبرني أحد الخصوم أنه لا يحترم أحداً سوى الأستاذ محمد علي، ودلل على ذلك أنه كان كلما اقترحوا إيذائه يقف معارضاً ومدافعاً عن الأستاذ فيؤيده البعض .
7- كان يقرن كلامه بالعمل:
عندما كنا نجهز النيس للخزان بمسجد النجيد في قريته كان يحمل معنا النيس ويشجعنا حتى تعب الجميع وهو مستمر، فقال لي أحد الافراد الموجودين: الله لطف بنا بأن جعل الأستاذ صغير الجسم، ولو كان كبير لتعبنا بعده.. قال ذلك لأنه وجد من الأستاذ قوة في العزم والإرادة.. بارك الله فيه.
8- حريص على وقته:
قمنا معه برحلة ترفيهية إلى صنعاء مع بعض الزملاء، فوضع برنامجا على طول الطريق فقال لي أحد الحاضرين: هذه ليست رحلة هذا اعتكاف لزحمة البرنامج وعدم التوقف.
9- مرجعية لكل الناس حتى المجانين:
لكثرة المهارات التي يجيدها، كل الناس يرجعون إليه ويحل مشاكلهم، وذات يوم جاء أحد المجانين إلى الأستاذ يطلب منه أن ينصح أخيه المجنون أيضاً بعدم الترشح في الانتخابات، فسأله الأستاذ لماذا؟ فأجاب: إذا نجح أخي سيجعلني حارساً بعده وأنا لا أريد ذلك .
10- مع كثرة أعماله وأصدقائه
إلا أننا نجده مهتماً بنا ولنا مكانة في قلبه، وتلاحظ هذا من خلال لقائك به واهتمامه بحل مشاكلك ومساعدته في عملك جزاه الله خيرا .
11- تميز بحسن القول وحسن العمل
كان يوجد اختصاص له ولإخوته في الأرض دون عمه، قام الأستاذ بإقناع إخوانه وأرجع لعمه بهذا الموضع، وعندما علم عمه بهذا الأمر بكى متعجباً من هذا الخلق الذي يفتقده الكثير من الناس.
12- كان يحقق عدة أهداف بعمل واحد:
عندما كان مدير مدرسة السلام وأثناء الدوام المدرسي وجدته يعلم الأخ عبده عبدالله
مادة “النحو والصرف” ، ولكن الأخ عبده عبدالله لم يفهم هذه المادة، فقال: “يا أستاذ درسني نحو الغلال.. أما البعلال اتركه”
13– حديثه قصير وأكثر تأثير.. لماذا؟
كنا نشعر بأن كلامه ينبع من قلب صادق أحياناً يصل الى حد البكاء، وهذا سر التأثير على الآخرين، وحاله يعبر عن مقاله.
14- تحويل الأفكار الى عمل
هكذا عرفناه حتى أن أحد الاخوة نصحني قائلاً ” لا تقدم فكرة إلى الأستاذ محمد لأنه سيطلب تحويلها الى عمل.
15- يتنقل كثيراً في الميدان
كان عمه إذا اختلف معه يترك الصلاة في مسجد القرية (النجيد) لأن الأستاذ يخطب فيه، ويذهب إلى قرية مجاورة اسمها ( قحفة السادة) !!
وذات مرة ذهب الأستاذ إلى تلك القرية ( قحفة السادة ) يخطب فيها بطلب من قيم المسجد فوجد عمه هناك، فاضطر عمه في الأسبوع الثالث للذهاب إلى مسجد آخر في منطقة تسمى( حرف الهيجه) وكانت المصادفة أن الأستاذ ذهب يخطب هناك فوجد عمه أمامه ، فقال الاستاذ: عندما شاهدت عمي كدت أن أضحك وأنا في المنبر .
16- حسن التعامل ولكن ليس على حساب النظام والعمل:
في يوم من الأيام كان يمشي مع ابنه إلى مدرسة السلام وعندما وصل المدرسة وجد طلاب متأخرين عن الطابور ومن بينهم ابنه وطلب إنزال العقوبة عليهم واولهم ابنه.
17- يهتم بالتربية قولا وعملا:
في يوم من الأيام اعتذر أحد المدرسين عن الحضور فطلب مني الذهاب اليه، فأعذر وأخبرني بأنه منشغل بسقي الأشجار، وعندما أبلغت الأستاذ بذلك قال: اذهب واسقي بدلا عنه، فقلت له : اطلب منه يجعل واحد من أهله يسقي بدلا عنه، فقال : اذهب ولا تتملص.
18- لديه روح التجديد والارتقاء:
أحياناً يطرح موضوعا يبدو لنا من الوهلة الأولى أنه مكرر، لكننا لا نَمِل منه بسبب التجديد الفكري والروحي والنفسي لديه بشكل دائم، وذلك كان يدفعنا للتجديد.
19- يجيد عدة مهارات
قاضي ومعلم ومربي وسياسي وإداري وخطيب ومحاضر، قال فيه أحد الناس: ” بني ماتوا ولم يبقى منهم إلا محمد علي” .
20- كثير التحرك لتحقيق هدفه:
حتى قال لي أحد الأخوة: يبدو أن الأستاذ مكتوب على ساقية ” قل سيروا في الأرض ” قال ذلك بعدما شاهد من كثر تحرك الأستاذ وعدم التوقف، نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته
عدد من المواقف مضحكة
- في يوم من الأيام توضأ الأستاذ لصلاة العشاء جوار بيته وذهب للمسجد ناسياً المصباح اليدوي عند البيت ، وبعد الصلاة سأل أخاه عبد الغني عن المصباح فقال له اخاه: رأيته عند البيت فقال له الأستاذ: لله درك لماذا لم تأخذه !! فقال أخاه: وانت لله درك كيف خرجت بالظلام ونسيت المصباح!! فضحك الأستاذ لهذا الموقف.
- كان ابن عم الأستاذ بائعاً للجبن وهي صنعة مشهورة في عموم محافظة تعز، وفي يوم من أيام الجمعة والأستاذ يخطب دعا بدعاء الرسول ” اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ” وابن عمه كان موجوداً، فقام منفعلاً عقب صلاة الجمعة يظن أن الأستاذ قصد الجبن الذي يبيعه!! فقمنا بالتوضيح له بأن المقصود عدم الشجاعة ، عندما أخبرنا الأستاذ بذلك الموقف ضحك.
- عندما كان الأستاذ مديراً لمدرسة السلام وأثناء طابور الصباح شاهد أحد المزارعين الطلاب وهم يؤدون التمارين الصباحية المعتادة، فأعجبه المشهد وذهب الى الأستاذ يهمس في أذنه بلهجة شعبية” انا فداء لك خلي الطلاب يحفروا لي سبة الجاه ، عدف ترابها مثل الطحينية ” أي دعنا نستغل قوة وحيوية هؤلاء الطلاب ليساعدوني في حفر أرض زراعية لأن ترابها أتعبني” فضحك الأستاذ لهذا الطلب .
- عندما كان الأستاذ يدرس في السعودية في مكة المكرمة كان يقوم بزيارة المغتربين اليمنيين من ابناء منطقته في الرياض، وقبل وصول الأستاذ قال أحد المغتربين لزميله : سوف يصل الأستاذ وسيطلب منا أن نصلي!! انتبه تصدقه وتصلي.. إلف الصلاة مثل إلف السيجارة إذا الفتها لن تقطعها” أي أنك ستتعود على الصلاة ولن تستطيع تركها لاحقاً.
- كنا في رحلة جبلية مع الأستاذ محمد علي , وعند النزول من الجبل واجهنا أحد كبار السن فرحب بنا وسألنا : هل تريدون عسل ؟ وقصد بسؤاله الأستاذ محمد علي ، فقلنا :نعم ، فاخرج قارورة وصب كل ما فيها من عسل، وفي الاخير اخذ القارورة وهي فارغة فقال ” قانا مجنون قمت اليوم شاعقل” أي لو بقيت مجنون مثل كل يوم ، لكني عاملتهم بعقل ورحبت بهم وكانت النتيجة ذهاب العسل ” فضحك الجميع .
وختاماً.. يعلم الله أنها كانت من أجمل أيام العمر تلك التي قضيناها مع الاستاذ / محمد علي اسماعيل، نسأل الله أن يجمعنا به في مستقر جنته إنه سميع مجيب.