الدعوة إلى الله .. مضامين وأحكام

التكليف الإلهي
يمكنك تحقيق الدعوة عبر التكليف الإلهي والذي يتكون من شقين هما:
- الشق الأول: الالتزام بأحكام الإسلام في النفس والأسرة.
- الشق الثاني: العمل على تحقيقها في واقع الحياة وهذا هو الدعوة إلى الله.
أولا: معنى الدعوة
هي القيام بالبلاغ المبين بإيصال الهدف والإقناع به، والاستمالة إلى تطبيقه وتعليم الناس أحكام دينهم وكيفية أدائها وحملهم على تطبيقها والاستمرار عليها .
ثانيا: أهميتها
تتمثل بالآتي:
- هي الركن الركين في بناء صرح الإسلام وهي الأمل الكبير في عودة روح الإسلام إلى الحياة من جديد.
- أنها وظيفة الرسل و وظيفة هذه الأمة.
- هي من أهم مقومات التمكين للأمة .
- هي التي تحفظ توازن الحياة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فقالوا : لو أن خرقنا في نصيبا خرقا ولم نؤذي من فوقنا فان تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وان أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً )،رواه البخاري.
- وقد ذكرة في القرآن في ( 205)
ثالثا: حكم الدعوة إلى الله ( واجب )
- قال تعالى : {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (آلعمران 104) وقال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل:125]
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بلغوا عني ولو آية … )رواه البخاري.
وجوب الدعوة إلى الله على كل مسلم قادر عليها، وتعليل ذلك في الوجهين الآتيين :
- الأول: أن الله أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً، قال تعالى : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }الأعراف158، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم باقية إلى يوم القيامة.
- الثاني: إن بقاء الشرك والانحراف يؤثر عاجلاً أو أجلاً على معاني الإسلام القائمة في أي جانب من جوانب الحياة ونشر الفساد في المجالات الآتية: ( الفساد الأخلاقي، والفساد القضائي، والفساد المالي والاقتصادي، والفساد الإداري والفساد الاجتماعي والفساد التعليمي)، قال تعالى : {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. 25
رابعا: الدعوة إلى الله رسالة الأمة الإسلامية
- قال تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } . فاطر32
- وقال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } فصلت33.
أوهام القاعدين عن الدعوة :
- فمن الناس من يفسر الآية تفسيراً سلبياً وهو الاهتمام بالنفس فقط، في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}105 المائدة، ولكن الحقيقة أن هذه الآية تركز على تكوين الشخصية والذات المسلمة , وآيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تركز عل النطاق الاجتماعي فهي توجب التناصح والتعاون على الخير واقرار الفضيلة ومقاومة الشر ومحاربة الرذيلة .
- من يعتذر بأن الدعوة إلى الله إذا قام بها البعض سقط الإثم على الآخرين.
- من يقول بان الشر قد انتشر في الأرض ولا فائدة من الدعوة، فال تعالى : (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} 164 الأعراف .
- من يعتذر بأن الدعوة واجبة على العلماء فقط، وهو ليس من العلماء، والحقيقة أن الوجوب شامل لجميع أفراد الأمة، قال تعالى : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110, وكل افراد الأمة الإسلامية يدخلون في الخيرية , ومن يريد أن يخرج نفسه من الخيرية فقد أخرجها من الأمة الإسلامية .
و قال تعالى : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71 , وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبالسانه فإن لم يستطع فبقلبة وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ,ومن لم يقوم بذلك يتعرض للعنة الله , قال تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون}[المائدة:78-79]
- ومن يتعلل بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ{65} الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال 65، 66, فهذا التخفيف لا يلغي أصل التكليف وإنما يخففه ويبقى التكليف قائم .
خامسا: أقسامها
تنقسم الدعوة إلى ثلاثة اقسام :
القسم الأول : الدعوة القولية: سواء كانت دعوة عامة أو دعوة فردية.
- أساليب ووسائل الدعوة القولية العامة : الخطب – المحاضرات – المواعظ – الكتب – المقالات في (الصحف والمجلات و وسائل التواصل الاجتماعي و الفضائيات ) .
- أساليب ووسائل الدعوة القولية الفردية : الحوار والنصيحة المباشرة – وغير المباشرة عبر وسائل التواصل و الرسائل التلفونية النصية.
القسم الثاني: الدعوة العملية:
- أساليب الدعوة العملية : تثبيت المعروف وتغيير المنكر – تقديم الخدمات – المشاركة في الأفراح والأتراح – الرعاية – الحماية – بناء العلاقات ..
القسم الثالث: الدعوة القولية والعملية :
- أساليبها ووسائلها : المسيرات – المظاهرات – الوقفات الاحتجاجية … .
سادسا: مراحلها
- المرحلة الأولى البلاغ : وهو 1- توصيل الأفكار. 2 – الإقناع بها. 3- الاستمالة للعمل به
- المرحلة الثانية : التعليم : وهو تعليم من بلغوا أحكام التكاليف الإسلامية وكيفية أدائها .
- المرحلة الثالثة : التربية : وهي حمل من بلغوا وعلموا أن يطبقوا أحكام الإسلام في حياتهم ويلتزموها ويستمروا عليها .
سابعا: من أسباب ضعف الدعوة
- ضعف الشعور الذاتي بالمسئولية أمام الله.
- ضعف الشعور بأهمية هذا الجانب.
- ضعف الشعور بالتحدي والمخاطر.
- ضعف الشعور باحتياج الداعي إلى الذكرى.
- عدم ترتيب الأولويات.
- التعلق كثيراً بالحياة الدنيا أكثر من التعلق بالآخرة قال تعالى :{ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى }[الأعلى16 ، 17]