الاجتماعي والاقتصاديمسارات اجتماعية واقتصادية
حُسْن الظَّن

حُسْن الظَّن علامة على كمال الإيمان في قلب المتحلِّي به، فلا يظنُّ بالمؤمنين خيرًا إلا من كان منهم، ففيه إغلاق باب الفتنة والشَّر على الشَّيطان الرَّجيم؛ فإنَّ من أبوابه حسن الظَّن بالمسلمين والذي يعتبر طريق من طرق زيادة الألفة والمحبَّة بين أفراد المجتمع المسلم، وحماية له من التَّفكُّك والتَّشرذم.
أولاً: مفهوم الظَّن
الظَّن لديه عدة معـــــاني وهي كما يلي : –
- العلم واليقين، قال تعالى {إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُون}[البقرة:230] وقال تعالى (( إني ظننت أني ملاق حسابيه … )) الحاقة .
- الشك، قال تعالى {إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِين}[الجاثية:32]
- ظن حسب، قال تعالى (( إنه ظن ألن يحور بلا ان ربه كان به بصيرا …..)) الانشقاق وقال تعالى (وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُون}[فصلت:22]
- الظن السيئ، قال تعالى ((وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}[الأحزاب:10] ((وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا}[الفتح:12]
- الظن بمعنى البخل، قال تعالى {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِين}[التكوير:24]
وقد ورد الظن بمعنى العلم واليقين ، في (24) أية في القران الكريم ، وورد الظن في المعاني الاخرى في (81) أية .
ثانياً: حسن الظَّن بالله
ويتمثل بما يأتي:
- قال تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِين}[البقرة:45]
- وقال تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون}[البقرة:4]
- وقال تعالى في الحديث القدسي: (( أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ)) مسند أحمد بن حنبل
- وقال الرسول عليه الصلاة والسلام ((لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)) رواه مسلم وأبي داوود .
كيف أحسن الظن بالله؟
- أحسن الظن بالله بأن يمنحني رضاه فيدخلني الجنة ويبعدني عن النار قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
- أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّة}[البينة: {جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّه}[البينة:8]
- بأن يتقبل عملي إذا أخلصت له فيه وأتقنته وعملته وفق منهاجه .
- أن يوفقني لكل خير ويسعدني بالدنيا والآخرة .
- ان يعينني على تحقيق اهدافي التي ترضيه.
الآثار الإيجابية لحسن الظن بالله
- فتح أبواب الأمل والتفاؤل
- يدفع إلى الجد والعمل
- يقوي العلاقة بالله وعدم التعلق بغيره
- يحقق السعادة في الدنيا والآخرة
آثار سوء الظن بالله
- يسبب اليأس والقنوط من رحمة الله، قال تعالي إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون}[يوسف:87].
- التشاؤم، قال تعالى {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيم}[يس:18].
- التعلق بغير الله سبحانه قال تعالى {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ}[الأحزاب:67].
- الانحراف الفكري يتبعه الانحراف السلوكي، الأمثلة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى او اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة) رواه أبو داؤود
ثالثاً : حسن الظن بالمؤمنين والمؤمنات
- قال تعالى، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات:12]
- عن عبد الله بن عمر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: (( ما أطيبك وأطيب ريحك وما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيرا )) رواه ابن ماجه .
- وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافروا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا)) رواه البخاري ومسلم .
- وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لازمات لأمتي الطيرة والحسد وسوء الظن ، فقال رجل : وما يذهبهن يا رسول الله ممن هن فيه، قال صلى الله عليه وسلم: (( إذا حسدت فاستغفر الله، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فامض)) رواه الطبراني .
كيف أحسن الظن بالمؤمنين والمؤمنات؟
- أثق بهم وبإيمانهم وأخلاقهم واستقامتهم.
- أثق بأماناتهم ولا يمنع التثبت من ذلك.
- أثق بصلاحهم وعبادتهم، قال تعالى {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[التوبة:79].
- أثق بقدراتهم على بناء الحياة بعد اعدادهم لذلك.
- أثق بأخوتهم وصداقتهم .
وهذه الثقة لا تتناقض مع الالتزام في تعاملاتنا بالأحكام الشرعية، قال تعالي : {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}[النور:63]
ثمار حسن الظن بالمؤمنين والمؤمنات
- سلامة الصدر من الحقد.
- توجد الثقة والترابط المتبادل في وسط الصف المسلم.
- يتعاونون على البر والتقوى ولا يتعاونون على الإثم والعدوان.
- يسعد الإنسان بالدنيا والآخرة.
- ينتشر الحب والمودة في أوساط المؤمنين والمؤمنات.
الآثار السلبية لوجود سوء الظن
- الشك المتبادل بين المؤمنين والمؤمنات .
- فقدان الثقة بينهم
- التشاؤم كل واحد يتشاءم من الأخر .
- وجود الكراهية والتباغض والتحاسد .
- التفكك وعدم الترابط.