2025-10-18 12:00 ص
إدارة الموقع
2025-10-18 12:00 ص
كتابات

منهج القرآن في التحذير من خطر الشائعات

ورقة معرفية رقم (3) لحلقة نقاش أو ندوة

المشكلة: خطر الشائعات، نحن في زمنٍ تتسارع فيه الأخبار، وتختلط فيه الحقيقة بالوهم، وتكتسح الشائعات المجتمعات وتتخذ سلاحًا خطيرًا يهدد الأسر والمجتمعات، والتقنية كملت ما بقي، وفي هذه الورقة سنناقش خطر الشائعات، مفهومها، أسبابها، ووسائل مواجهتها، لنكون مجتمعًا واعيًا، يحفظ لسانه ويصون أمنه ومجتمعه.

الورقة ستناقش النقاط التالية:

  1. تحذير القرآن من خطر الإشاعات.
  2. مفهوم الشائعات وأنواعها.
  3. أسباب الشائعات ووسائل الحد منها.
  4. ستة أسئلة للنقاش والحوار

ملاحظة: مطلوب مدير لإدارة النقاش ومقرر.

فهرس المحتويات

هدف الورقة العام:

إدراك المسلم فردًا أو جماعةً أو حزبًا أو دولةً خطر الشائعات، في تفكيك الأسر، والمجتمعات وزعزعة الأمن والاستقرار، وإشاعة سوء الظن وتفشي الغيبة والنميمة، وبث العداوات.

المحور الأول: تحذير القرآن من خطر الإشاعات:

الواجب الشرعي والعقلي والواقعي على كل مسلم ومسلمة هو فهم خطر الشائعات، ومحاربتها، ومنع انتشارها؛ لأن الشائعات قد تبدو بسيطة، ولكنها كالفيروسات المرضية تنتشر بسرعة، وقد تسبب خوفًا وذعرًا عامًا، أو تشويهًا للسمعة، أو إحداث فتنة بين الناس وفي المجتمع.

ولخطورتها حذّر القرآن منها، وأمرنا بالتحقّق من الأخبار أولًا بأول، وجاءت توجيهاته على النحو الآتي:

  1. الأمر بالتحقّق من الأخبار أولًا بأول، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].
  2. الانتباه للشائعات وقت الأزمات، قال الله تعالى: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: 15]، فهذه الآية في حادثة الإفك، ولكنها عامة؛ حيث تداول الناس شائعة دون بيّنة، فأنكر الله عليهم ذلك.
  3. نشر الإشاعات من صفات المنافقين، وورد التحذير من نشر كل خبر، خصوصًا ما يتعلّق بالأمن العام، قبل الرجوع إلى جهة الاختصاص، وأهل العلم والخبرة. قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلْأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُوا۟ بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُو۟لِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]، وجاء في الحديث عن رسول الله ﷺ: «كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكل ما سمع» [رواه مسلم]، أي من علامات الكذب أن ينقل الإنسان كل ما يسمعه دون تحقّق، وقال رسول الله ﷺ: «لا يدخل الجنة نمّام» [رواه البخاري ومسلم]، والنميمة تشمل نقل الكلام للإفساد، والشائعة صورة من صور ذلك.

خلاصة خطر الشائعات:

الشائعات قد:

  • تهدم بيوتًا.
  • تُفكّك مجتمعات.
  • تسقط هيبة الحق والمؤسسات والدول.
  • تُزهق أرواحًا أحيانًا.
  • تسبّب الذعر أو الظلم أو تدمير السمعة.
  • تُشيع الفتن بين الناس وتُفكك الأسر.
  • تُزعزع الأمن والاستقرار.
  • تُشيع سوء الظن وتُفشي الغيبة والنميمة.
  • تبث الكراهية والعداوات.

المحور الثاني: مفهوم الشائعات وأنواعها:

1- مفهوم الشائعات:

شيوع أي خبر وإذاعته وانتشاره، فهو خبر أو معلومة غير موثوقة تنتشر بين الناس بسرعة، دون التحقق من مصدرها أو صدقها، فالشائعات هي:

أخبار أو معلومات غير مؤكدة أو كاذبة، تنتقل بين الناس دون تحقق أو دليل، وتُروَّج بقصد أو بدون قصد، وتؤدي إلى إثارة البلبلة والخوف والتشويش في المجتمع، والشائعة تبدأ غالبًا بمعلومة ناقصة أو مشوشة أو مجهولة المصدر، ثم تُضاف إليها روايات وتحليلات وتفسيرات من الناس، فتكبر ككرة الثلج، وتنتقل شفهيًا، أو عبر وسائل الإعلام، أو وسائل التواصل الاجتماعي. وغالبًا ما تنتشر الشائعات في أوقات الأزمات والحروب والأحداث الغامضة، حيث يضعف التحقق وتزداد الحاجة للمعلومة.

2- أنواع الشائعات:

الشائعات تكثر وقت الحروب والأزمات واليوم تنتشر بكثرة، وخاصة مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي في متناول الجميع، صغارًا وكبارًا، وتتنوع بحسب الأحداث المتنوعة والمختلفة شائعات سياسية، واجتماعية، واقتصادية، وشائعات شخصية تمس الأعراض والنسيج المجتمعي للأسف.

فعلى سبيل المثال لنشر الشائعات:

• في المجال الصحي:

تنتشر شائعات كثيرة عن علاجات للأمراض، بعضها مع، وبعضها ضد، دون أي أساس علمي.

مثال: إشاعة تقول: “تناول الثوم يعالج كل الفيروسات المسببة للأمراض”، رغم أن الجهات الصحية نفت ذلك، وطلبت التحقق طبيًا من أي علاج قبل تداوله.

• في المجال الاجتماعي:

عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الاجتماعات المفتوحة بين الرجال أو النساء، تنتشر عبارات مثل: “سمعتم ما حدث؟”، “هات من خبابير…”، وغير ذلك.

مثال: إشاعة تقول: “مدرسة معينة أُغلقت بسبب مرض معدٍ خطير”، بينما الحقيقة قد تكون مجرد إصلاحات أو إجازة مؤقتة.

• في المجال الاقتصادي:

تنتشر شائعات حول التجار أو الشركات تؤدي إلى أزمات حقيقية.

مثال: إشاعة تقول: “البنك الفلاني على وشك الإفلاس”، مما قد يدفع الناس إلى سحب أموالهم بشكل جماعي، ويحدث أزمة مالية فعلية دون مبرر.

• في المجال السياسي:

وخاصة عبر فيسبوك، واتساب، وتويتر، وغير ذلك، تنتشر إشاعات عن مشاريع وهمية، أو اتفاقات، أو فساد، أو سرقة أموال عامة، وكل ذلك غالبًا بلا دليل أو تحقيق قضائي رسمي.

المحور الثالث: أسباب الشائعات ووسائل الحد منها:

أولاً: أبرز أربعة أسباب للشائعات:

إن هذه الأسباب الأربعة تمثل بيئة خصبة لانتشار الشائعات، وقد حذرنا الإسلام منها صراحة، وحثنا على التثبت والوعي والانشغال بالنافع، فعلينا أن نكون جنود وعي، لا أدوات تضليل.

1- السبب الأول: الجهل بأحكام الإسلام

إن الذي يجهل ضوابط الإسلام في الكلام والنقل والتثبّت، قد ينقل الشائعة دون إدراك لحرمتها. ولهذا أشاد الله بالمتعلمين، لأن العلم يمنع الزلل ويُبيّن الحلال والحرام، فقال: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلْأَلْبَٰبِ﴾ [الزمر: 9].

وقال رسول الله ﷺ: «من يُردِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدين» [رواه البخاري ومسلم]، فمن لم يُفقَّه في الدين، سيقع في أخطاء، منها نشر الشائعات دون وعي.

2- السبب الثاني: ضعف الوعي

ضعف الوعي يجعل الإنسان يصدّق كل ما يسمع وينشره بلا تمحيص. ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ ۚ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُو۟لَٰٓئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُٔولًۭا﴾ [الإسراء: 36]، أي لا تتبع أو تنقل كلامًا بلا علم أو وعي، لأنك مسؤول عما تقول وتنقل.

وقال رسول الله ﷺ: «كفى بالمرء كذبًا أن يُحدّث بكل ما سمع» [رواه مسلم]، أي أن ضعف الوعي يُوقع في الكذب والشائعة، بسبب نشر كل ما يُسمع دون تمييز.

3- السبب الثالث: الفراغ والبطالة

الفراغ يجعل الناس يبحثون عن أي شيء لملء وقتهم، ومن ذلك ترويج الأخبار الكاذبة. ولهذا قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ • وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَب﴾ [الشرح: 7–8]، أي اشغل وقتك بالنافع، لا بالباطل واللغو.

وقال رسول الله ﷺ: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» [رواه البخاري]، يبيّن أن الفراغ قد يُضيّع فيما لا ينفع، بل فيما يضر.

4- السبب الرابع: وسائل التواصل غير المنضبطة

الانفلات الإعلامي، والجهل بكيفية استخدام وسائل التواصل، أدى لانتشار الشائعات كالنار في الهشيم، وينطبق على هذا قول الله سبحانه: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُۥ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَٰهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِۦ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُۥ هَيِّنًۭا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: 15].

وهذا ينطبق تمامًا على ترويج الشائعات عبر الرسائل والمنشورات دون تحقق، حيث تنتشر في الوسائل الرقمية بسرعة وبدون رقابة.

ثانيًا: وسائل تجنب الشائعات:

• الوسيلة الأولى: التثبّت والتبيّن من الخبر

لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوٓا أَن تُصِيبُوا۟ قَوْمًۭۢا بِجَهَـٰلَةٍۢ فَتُصْبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].

فالمسلم يطبّق على أي خبر أسئلة التبيّن: لماذا؟ من؟ مع من؟ من المتضرر؟ من المستفيد؟ متى؟ أين؟ كيف؟

• الوسيلة الثانية: التحلّي بالوعي الإعلامي

وذلك بعدم التفاعل مع الأخبار مجهولة المصدر، إلا بعد التبيّن ومعرفة المصدر، والمتابعة الدائمة للقنوات الرسمية والمصادر الموثوقة.

• الوسيلة الثالثة: حفظ اللسان ومراقبة الله

لقول الله تعالى: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18].

وقال رسول الله ﷺ: «كفى بالمرء كذبًا أن يُحدّث بكل ما سمع» [رواه مسلم].

• الوسيلة الرابعة: التربية على أخلاق الإسلام

وخاصة على الأخلاق الأساسية مثل: الصدق، والأمانة، والعدل، والحياء، لأنها الحصانة الأخلاقية للفرد والمجتمع من الوقوع في ترويج الشائعات.

أسئلة للنقاش حول الشائعات

السؤال الأول:
ما الفرق بين الشائعة والبلاغ الصحيح؟

السؤال الثاني:
كيف تساهم وسائل التواصل في نشر الشائعات؟

السؤال الثالث:
ما موقفك إن جاءك خبر غير موثوق؟

السؤال الرابع:
كيف نحمي أبناءنا ومجتمعنا من الشائعات؟

السؤال الخامس:
ما دور العلماء والإعلاميين في مواجهة الشائعات؟

السؤال السادس:
كيف نُحوّل الشائعة إلى فرصة توعية؟

اقرأ أيضا: منهجُ القرآنِ وجوبُ التفكير المآلات

ختامًا يقوم المدير بإلقاء الخاتمة:

أيها الإخوة، لنتذكّر:
أنَّ حكمَ الشائعاتِ ونشرَها بغيرِ تبيُّنٍ وتحقُّقٍ محرمٌ شرعًا، ويُعدُّ من كبائر الذنوب، وهو من أبواب الكذب والغيبة والإفساد في الأرض، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَـٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19].

ولنتذكّر:
أنَّ واجبَنا الشرعي والعقلي والوطني أن نكون مجتمعًا واعيًا، لا تُحرّكه العاطفة، بل يقوده التحقُّق والأخلاق الإسلامية، فمواجهة الشائعات فريضةٌ مجتمعية، ومسؤولية فردية وجماعية أمام الله، وأمانة لحفظ أمن الأفراد، والأسر، والمجتمعات، والأمة ووحدتها.

وينبغي علينا ألا نتحدث إلا بما نتحقق منه، فإن كان كذبًا، فهو من الكبائر، فـالشائعة سهمٌ مسموم في قلب الجماعة المسلمة.

💬 ناقش، تفاعل، وكن جزءاً من التغيير.

ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من امرنا رشدا🤲

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى