2025-10-08 3:25 ص
إدارة الموقع
2025-10-08 3:25 ص
نبضات المحبين

في يوم المعلم .. إلى من علّمنا كيف نرى النور

الأستاذ الجليل .. مربي الجيل "محمد علي إسماعيل" رحمه الله:

في يوم المعلم .. أتذكر المدرسة والسبورة والطباشير .. أتذكّر ذلك النور الذي كان يسبقنا إلى الفصل، ويرشدنا في طابور الصباح، ويوجهنا في المسجد، معلم نادر من نوعه، لا أبالغ إذا وصفته بأنه كان وحيد دهره، وفريد عصره، لأن كل حركاته وسكناته تحمل سمَة العارفين، وهمة المصلحين .. وخير وصف يليق بمقامه الجليل هو وصف الشيخ/ عبد الملك الشيباني رحمه الله الذي قال عنه: “مات السلف الصالح وتركوا لنا محمد علي إسماعيل”.

في يوم المعلم

معلمي القدير .. كنتَ لا تعلّمنا الدرس فحسب، بل تعلّمنا كيف يكون المتعلم درْسا في الحياة .. كنا نظن أنك تشرح لطلابك نصا في اللغة، أو قاعدة في العلوم، ولم نكن نعلم أنك تزرع فيهم قيمَ الصدق والعدل والكرامة.

كنتَ تنظر إلينا بعين المعلم، وتحبنا بقلب الأب، وتؤمن بطلابك كما يؤمنُ الزُرّاع ببذورهم وهم يوارونها التراب، ومتيقنين أنها في الغد ستثمر وتعطي.

رحلتَ يا معلمي القدير .. لكن ظلك ما زال يمشي معنا في الدروب المختلفة، ما زالت كلماتك تتردد في ذواكرنا: “افعل الصواب ولو وحدك، فالصواب طريق الأنبياء والصالحين وإن خلا من الرفاق.” كنتَ تقولها وكأنك تودعها في أعماقنا وصية العمر، حتى صارت بوصلة الضمير فينا حين تتشابه الطرق، وتضيع الاتجاهات.

أيها المعلم العظيم .. يا من كنت ترى في كل تلميذ مشروع حياة، لا رقما في كشف الحضور، ولا مقعدا في الصف .. لقد علمتنا أن التعليم ليس مهنة نمارسها، بل رسالة نحيا بها .. علمتنا أن الكلمة التي تُقال بنية صادقة، تبقى في روح الطالب أطول من كل المناهج .. علمتنا أن العلم بلا إنسانية ضجيجٌ أجوف، وأن التربية قبل التعليم هي جذر الرسالة وأساسها وثمارها.

معلمنا العظيم رحلت عن دنيانا بجسدك؛ لكن أثَرُك لم يمت .. وكلماتك ما زالت تنمو في طلابك، وكل نجاح لنا هو صفحة جديدة في كتاب فضلك، وكل كلمة طيبة نقولها هي صدى من لغتك، وكل عقل أنرناه هو قبسٌ من مصباح علمك.

رحمك الله بقدر ما منحتنا من نور، وبقدر ما تركت خلفكَ من أثر، وبقدر ما جعلت من طلابك امتدادا لرسالتك الخالدة.

والسلام لروحك الطاهرة.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى