2025-10-18 9:07 ص
إدارة الموقع
2025-10-18 9:07 ص
تربية وتزكية

الاستغفار نبضُ القلب وبلسم الروح

في صخب الحياة وصمتها، هناك صوت داخلي لا يغيب أبداً: أنه صوتُ الاستغفار، وليس فقط لطلب مغفرة من الله، بل هو حوار بين العبد وربه، اعتراف بعجز النفس، ورجاء بحنان الرحيم. هو روح التوبة، ونور الرجوع إلى الطريق، وبلسم القلب حين يكسوه الذنب والندم.

الاستغفار في كتاب الله: وعدٌ ورحْمَة

مثل القرآن الكريم مشهدًا حيًّا لنور الاستغفار، ففي قول الحق تعالى:«وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا» (النساء:110)، وهنا نجد وعدًا بالغفران والرحمة لمن اعترف بخطئه .

وفي آية نوح: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ… يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ»، رسالة رحمة ووفرة في الدنيا، وكذلك، يلوح الاستغفار كجسر نعيم في الآخرة: «أُو۟لَـٰٓئِكَ جَزَٰۤؤُهُم مَّغۡفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّٰتٌ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۢهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا» .

 سنة من سنن المصطفى ﷺ

لقد كان نبينا محمد عليه السلام لا يخلو يومه من الاستغفار، إذ ورد أنه قد استغفر الله أكثر من 70 مرة في اليوم، وقد يصل إلى مائة مرة .

وبرسول الله أيضًا الخير كله، كما في قوله: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا …»، فأبواب الفرج والرزق تُفتح لمن استمر في الاستغفار .

أثره على قلب المؤمن وروحه

راحة النفس والسكينة: الاستغفار دواءً نافعًا، يزيح كآبة القلب ويُنعش الروح .

قربًا من الرحمن: بالتكرار والصدق، يكون الاستغفار طريقًا للانزواء الروحي والتعلق بالله .

طاقة إيمانية متجددة: إنه يُطهّر القلب ويعميق الإيمان والاتصال بالخالق .

ولابن تيمية وصفه بلغة مؤثرة: “الاستغفار يرفع العبد من المقام الأدنى إلى الأعلى، ويزيد بصيرته في عبوديته”، فهو دوماً حاجة الإنسان في أقواله وأفعاله .

 منهج يومي للاستغفار

الإسلام لا يقتصر على وقت دون آخر، بل جعل الاستغفار عبادة دائمة ومشروعاً في مناسبات متنوعة كالآتي:

  1. بعد الصلاة .
  2. في ختام المجلس: «… سبحانك اللهم وبحمدك… أستغفرك وأتوب إليك» .
  3. خلال وقوف عرفة، وختمًا في سننٍ خاصة بمناسبات أخرى .

الاستغفار ليس مجرد ألفاظ ترددها الشفاه، بل هو حالة قلبية تتجدد باستمرار، فيها يقين أن الرحمة لا تنتهي، وأن أبواب الرجاء لا تُغلق. به تشعر أن عقولنا تتناغم مع حكمة الخالق، وأن أرواحنا تستظل بنوره. الاستغفار هو الوتر الخفي الذي يحيي من داخلك عشق العودة إلى الله، فيطفو قلبك على نهر من النقاء، وتعيد الحياة إلى ذاتك المطمئنة.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى