الكلمة الطيبة… صدقة لا تنفد

إن الإسلام لم يكن يومًا شعائر تُؤدى في المساجد فقط، بل هو أسلوب حياة، يتجلى في كل حركة وسكنة، في الكلمة، والنظرة، والسلوك. ومِن أعظم ما في هذا الدين: أن أبسط التصرفات اليومية، حين تصدر عن نية صادقة واقتداء بالنبي ﷺ، تتحوّل إلى عبادة يؤجر عليها العبد.
الكلمة الطيبة من سنن النبي
في زمن باتت فيه الكلمات تخرج باردة، مجرّدة من الروح، أو محمّلة باللوم والانتقاد، تغدو “الكلمة الطيبة” شجرةً مثمرة في صحراء العلاقات. إنها ليست مجرد سلوك اجتماعي راقٍ، بل سُنّة نبوية مهجورة، تُعيد الدفء إلى القلوب، وتبثّ النور في النفوس قال رسول الله ﷺ: (والكلمة الطيبة صدقة) رواه البخاري ومسلم.
تأمّل هذا التعبير النبوي العجيب: “صدقة” إنها ليست مجاملة عابرة، بل عمل صالح يُكتب في ميزان حسناتك، تُجري به نهرًا من الخير، دون أن تنفق مالًا أو تبذل جهدًا. إن الكلمة الطيبة، حين تخرج من قلبٍ نقي، تلمس قلبًا آخر، وقد تغيّر حياة إنسان في لحظة لم تتوقعها.
أثر الكلمة … قد يفوق المال
قد تقول لموظفٍ بسيط: “أحسنت، جزاك الله خيرًا”، فيعود إلى بيته سعيدًا وقد امتلأ قلبه رضا.
تقول لزميلك المهموم: “لا تحزن، فرَج الله قريب”، فتُنعش قلبًا أثقله التعب.
تقول لأحدهم: “أسأل الله أن يفتح لك أبواب التوفيق”، فتكون سببًا في ثقة تتجدد، وهمّة ترتفع.
إنها لغة القلوب الصادقة، لا تحتاج فصاحة، بل نية صالحة.
حين هجرت الألسن طيب الكلمة … عمّت القسوة
كثيرون اليوم لا يقولون خيرًا، وإن قالوه، قالوه بتكلّف أو استخفاف ونسينا أن النبي ﷺ قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت) متفق عليه. فما بين صمتٍ بارد، وكلامٍ جارح، تبقى الكلمة الطيبة مفقودة… رغم أنها أقرب ما تكون، وأيسر ما يُقال.
🌱 كن من يُحييها
اجعل الكلمة الطيبة عادةً في بيتك: لأهلك، أطفالك، والديك، واجعلها في طريقك، لمن تعرف ومن لا تعرف.
قل “بارك الله فيك”، “سعدت برؤيتك”، “أسأل الله أن يشرح صدرك”، “وفقك الله”، “ستر الله عليك”، فكل كلمة طيبة هي بذرة، وقد لا ترى أثرها، لكنّ الله يراه، ويجزي عليه.
💡 تذكير عميق:
❝ الكلمة الطيبة… لا تكلّف شيئًا، لكنها تصنع فرقًا لا يُقاس ❞