تفسير سورة محمد
سورة محمد (الدرس الثاني)

سنتابع معكم في هذه السطور الدرس الثاني لـ سورة محمد من الآية (7-12) والتي بينت كيفية النظر في آثار الأمم السابقة والتأمل في أحوال المؤمنين والكافرين
أولاً/ أهداف الدرس الثاني سورة محمد:
- بيان إباحة القتل الشديد في اثناء المعركة لان ذلك من طبيعة الحرب.
- إبراز تحقيق النصر والغلبة ودحر العدو وإنزال الهزيمة الساحقة لجيشة.
ثانياً/ التفسير والبيان:
- (8) (فَتَعْسًا لَّهُمْ) فهلاكا لهم.
- (9) (فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم) أبطلها لكراهيتهم القرآن الكريم.
- (10) (دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) أهلك ما يختص بهم من النفس والأهل والمال.
- (11) (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) ناصرهم على أعدائهم.
- (12) (وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُم) مسكن لهم ومأوى وجمعه مئاوي.
ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه:
(نصر) وردت على (4) أوجه
- الوجه الأول: وردت بمعنى العون والتأييد قال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ).
- الوجه الثاني: وردت بمعنى المنع قال تعالى (وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُون).
- الوجه الثالث: وردت بمعنى الظفر قال تعالى (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ).
- الوجه الرابع: وردت بمعنى الإنتقام قال تعالى (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيل).
رابعاً/ أسباب النزول:
سبب نزول الآية (11) (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا…) قال قتادة نزلت يوم أحد والنبي (ص) في الشعب أذ صاح المشركون يوم بيوم لنا العزى ولا عزى لكم فقال النبي (ص) قولوا الله مولانا ولا مولا لكم.
خامساً/ وقفات مع آيات الدرس الثاني سورة محمد:
- الوقفة الأولى: إن نصرة المؤمنين لله تعالى يتمثل بالآتي:
- نصرة الله في نفوسنا أن تتجرد له ولا تشرك به شيئا وأن يكون الله أحب إلينا من ذاتنا وكل ما نهوى وأن نحكّمه في رغباتنا وحركاتنا وسكناتنا وسرنا وعلانيتنا ونشاطنا.
- نصرة شريعته بأن نجاهد لتحقيقها في واقع الحياة وأن نحكّمها في كل شئون الحياة.
- أن جهادنا واستشهادنا في سبيل الله وحده.
- أن يكون هدفنا من الجهاد هو اعلاء كلمة الله وأن تهيمن شريعته في ضمائر الناس وأخلاقهم وسلوكهم وفي أوضاعهم وتشريعاتهم ونظامهم على السواء.
- الوقفة الثانية: أن تثبيت الأقدام بعد النصر هو تثبيت على النصر وتكاليفه من عدم الغرور وعدم التراخي لأن كثير من الناس قد يثبت في المحن ويسقط في الرخاء.
- الوقفة الثالثة: إن قضاء الله على الكافرين بالتعاسة والخيبة والخذلان وإضلال الأعمال بسبب كرههم لما أنزل الله في كتابه الذي جاء بشريعة ومنهاج قويم لإدارة شئون الحياة إدارة تحقق للإنسان السعادة في الدنيا والآخرة.
- الوقفة الرابعة: إن القرآن الكريم يلفت أنظار الناس إلى ما وقع للأمم السابقة من دمار وهلاك بسبب تمردهم على خالقهم وعدم التزامهم لمنهاجه لإشعارهم بأن ما وقع لمن سبق سيقع لمن لحق ولا أحد يستطيع حمايتهم من عقوبة الله إذا ساروا على نفس المنوال وبالمقابل فإن الله يتولى أمر المؤمنين ويرعاهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة.
- الوقفة الخامسة: إن المؤمنين بالله ورسوله المتبعين لمنهاج الله والسائرين عليه يتمتعون بمتع الحياة الدينا ويجعلونها معينات لهم على أداء دورهم وفي الجنة يتمتعون بها على سبيل الراحة والنعيم قال تعالى (…قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
سادساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات:
- الحكم الأول: وجوب الإعتقاد بأن نصر الله مشروط بنصرة دينه وتطبيق شرعه والتزام أوامره واجتناب نواهيه قال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ).
- الحكم الثاني: وجوب الإيمان بأن جزاء الكافرين عسير ومظلم وشاق فالخيبة والخزي والهزيمة في الدنيا وابطال أعمالهم في الآخرة قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُم).
- الحكم الثالث: وجوب اليقين بأن الله هدد الكافرين بأن مصيرهم إن استمروا على كفرهم وصدهم عن سبيل الله كمصير من قبلهم ممن أهلكهم الله قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ…).
- الحكم الرابع: أن نعلم إن جزاء الفريقين مختلف فالله يدخل المؤمنين جنات تجري من تحتها الأنهار وأما الكافرون فأنهم يتمتعون في الدنيا كالأنعام يشبعون بطونهم وفروجهم، ونار جهنم في الآخرة منزل لهم ومقامهم ومسكنهم الذي لا يفارقونه.