2025-06-22 1:19 م
إدارة الموقع
2025-06-22 1:19 م
تفسير سورة الأنفال

الدرس الخامس (سورة الأنفال)

من الآية (34-40) المغفرة للكفار إذا أسلموا وتعذيبهم إذا لم يسلموا 

الدرس الخامس من دروس تفسير سورة الأنفال والذي يتناول الآيات من (34 إلى 40) وجاء فيها بيان المغفرة للكفار إذا أسلموا وتعذيبهم إذا لم يسلموا وينصاعوا لأمر الله

أولاً/ أهداف الدرس 

تهدف الآيات الأتية في سورة الأنفال إلى:- 

  1.  إبراز سخافة عبادة المشركين للأصنام.
  2. التنديد بالإنفاق للصد عن سبيل الله.
  3. بيان تمحيص النفوس وتصفية الصفوف.

ثانياً/ التفسير والبيان لسورة الأنفال

  1. (34) (وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللّهُ) وأي شيء يمنع من تعذيبهم بعد خروجك وخروج المستضعفين من بين اظهرهم: أي لا مانع منه بعد ذلك خصوصاً بعد مقتضاه وقد أوقع الله بهم بأسه يوم بدر فقتل صناديدهم وأسر أسراهم فأذلوا.
  2. (35)(مُكَاء) صفيراً يقال مكا الطيور يمكو مكوا ومكاء اذا صفر وهو في الأصل اسم طائر ابيض يوجد في الحجاز له صفير.( وَتَصْدِيَةً) تصفيقاً. وكانوا يطوفون بالبيت عراه يصفرون ويصفقون، وكانوا اذا سمعوا الرسول (ص) يصلي ويتلو القرآن صفروا وصفقوا ليخلطوا عليه قراءته ويشغلوا عنه من يسمعه.
  3. (36) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ) نزلت في المطيبين يوم بدر وكانوا اثنى عشر رجلاً من قريش منهم أبو جهل يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزر، (ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) أي ندامه وأسفاً لفواتهم من غير ثمره والتأسف على الفائت.
  4. (37) ( فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) يجمعه ويضم بعضه الى بعض يقال: ركم الشيء يركمه إذا جمعه والقى بعضه الى بعض. وارتكم الشيء وتراكم اجتمع ومنه (سَحَابٌ مَّرْكُوم).
  5. (38) (سُنَّةُ الأَوَّلِين) عادة الله في المكذبين بين رسله.
  6. (39) (لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) لا يوجد منهم مشرك أو لا يفتتن مؤمن عن دينه. والحسرة أعلى درجات الندم والغم على ما فات يقال: حسر يحسر حسراً، وحسره فهو حسير أي اشتدت ندامته على أمر فاته، وأصله من الحسر بمعنى الكشف أو الإعياء كأنه أنحسرت قواه من فرط الغم أو أدركه الإعياء عن تدارك ما فرط منه، ويُري الله المشركين أعمالهم السيئة يوم القيامة في الصحائف ويتيقنون الجزاء عليهم فيتحسرون ويندمون.

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه

(فتن) وردت على عشرة أوجه

  • الوجه الأول: وردت بمعنى الشرك قال تعالى (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) [البقرة:191] وقال تعالى (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ) (الأنفال:40).
  • الوجه الثاني: وردت بمعنى الكفر قال تعالى (لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ) (التوبة:48) وقال تعالى (أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ) (التوبة:49) وقال تعالى (وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ) (الحديد:14).
  • الوجه الثالث: وردت بمعنى العذاب قال تعالى (فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) (العنكبوت:10) وقال تعالى (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ) (النحل:110).
  • الوجه الرابع: وردت بمعنى الإبتلاء قال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُون) (العنكبوت:2) وقال تعالى (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (العنكبوت:3) وقال تعالى (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا) (طه:40) وقال تعالى (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) (الدخان:17).
  • الوجه الخامس: وردت بمعنى الإحراق بالنار قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) (البروج:10) وقال تعالى (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) (الذاريات:14).
  • الوجه السادس: وردت بمعنى القتل قال تعالى (إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ) (النساء:101) وقال تعالى (عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ) (يونس:83).
  • الوجه السابع: وردت بمعنى الصد قال تعالى (وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) (المائدة:49) وقال تعالى (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) (الإسراء:73).
  • الوجه الثامن: وردت بمعنى الضلال قال تعالى (مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِين) (الصافات:162) وقال تعالى (وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا) (المائدة:41).
  • الوجه التاسع: وردت بمعنى المعذرة قال تعالى (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِين) (الأنعام:23).
  • الوجه العاشر: وردت بمعنى الجنون قال تعالى (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُون بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُون) (القلم 5-6).

رابعاً/ أسباب النزول

  1. أسباب نزول الآية (35) قوله تعالى (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ…) أخرج الواحدي عن ابن عمر قال: كانوا يطوفون بالبيت ويصفقون ويصفرون فنزلت هذه الآية. وأخرج ابن جرير عن سعيد قال: كانت قريش يعارضون النبي (ص) في الطواف يستهزئون به ويصفرون ويصفقون فنزلت الآية.
  2. أسباب نزول الآية (36) قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ…) قال ابن إسحاق: حدثني الزهري ومحمد ابن يحيى بن حبان وعاصم بن عمير بن قتاده والحصين بن عبدالرحمن قالوا: لما اصيبت قريش يوم بدر ورجعوا الى مكة مشى عبدالله بن ابي ربيعة وعكرمة بن ابي جهل وصفوان بن اميه في رجال من قريش والذين أصيب آباؤهم وابناؤهم فكلموا أبا سفيان ومن كان له في ذلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش ان محمداً قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهنا المال على حربه فلعلنا أن ندرك منه ثأراً ففعلوا. كما ذكر عن ابن عباس (ض) أنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ) الى قوله تعالى (يُحْشَرُون)، وأخرج ابن أبي حاتم قال: نذر أبي سفيان أن ينفق على المشركين أربعين أوقية من ذهب. واخرج ابن جرير وسعيد بن جبير قال: نزلت في ابي سفيان استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش ليقاتل بهم رسول الله (ص).

خامساً/ محتوى الدرس يحتوي على ما يلي

  1. أولاً يعرض مواقف المشركين من الرسول (ص)
    • الموقف الأول: تآمرهم على الرسول (ص) إما بالحبس أو القتل أو الطرد من موطنه مكة.
    • الموقف الثاني: اعراضهم عما جاء به الرسول (ص) من الآيات البينات ويزعمون انهم قادرون على الاتيان بمثلها لو يشاءون.
    • الموقف الثالث: معاندتهم للحق وطلب انزال العذاب عليهم من الله ان كان ما جاء به الرسول (ص) هو الحق بدلاً من ان يفيئون اليه ويهتدون به.
    • الموقف الرابع: انفاقهم الأموال للصد عن سبيل الله.
  2. ثانياً يعرض موقف الرسول (ص) من المشركين بعد أمر الله له بتخييره لهم بين امرين
    •  أن ينتهوا عن الكفر والعناد وحرب الله ورسوله فيغفر لهم ما سبق في جاهليتهم من هذه المنكرات والمعاصي.
    • أو يعودوا لما هم عليه في مقاومة الحق فيصيبهم ما أصاب الأولين من امثالهم من العذاب.
  3. ثالثاً أمر الله للمسلمين بقتال المشركين حتى لا يكون لهم قوة يفتنون بها المسلمين وحتى يكون الدين كله لله فإن اعلنوا الاستسلام قبل منهم النبي (ص) هذا.
  4. – رابعاً يتضمن صورة من صور عبادتهم عند البيت وهي الصفير والصفاق ويعتقدون بأنها صلاة وهي بعيدة كل البعد على الصلاة المفروضة في دين الله.

سادساً/ وقفات تربوية في سورة الأنفال

  • الوقفة الأولى: إن الذين يصدون عن سبيل الله ويعصونه سبحانه لا يستحقون الولاية على المقدسات ولا يستحقون الولاية على عباد الله بل يستحقون العذاب من الله بالدنيا والآخرة.
  • الوقفة الثانية: إن المال نعمة من نعم الله ينعم به على عباده، لينفقوه في طاعته وبما ينفعهم بالدنيا والآخرة، فإذا انفقوه في الصد عن سبيل الله وفي معصيته فسيكون وبالاً عليهم يوم القيامة.
  • الوقفة الثالثة: إن المواقف والأحداث تكشف حقيقة النفوس البشرية فيُرى الطيب بمواقفه وسلوكه ويرُى الخبيث بمواقفه وسلوكه.
  • الوقفة الرابعة: إن التوبة الصادقة تمحوا ما قبلها من الذنوب الكبيرة والصغيرة حتى الكفر وعلى اصح الأقوال أنه لا يقضي التائب ما فاتته من العبادات اثناء فترة المعاصي. هذا فيما يتعلق بحق الله واما حقوق العباد لا تسقط الا بإرجاعها على أصحابها أو يسامحونها.

سابعاً/ الأحكام المستنبطة من الآيات

الحكم الأول: قال تعالى (إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) فيه دليل على أن الإسلام يجب ما قبله.

الحكم الثاني: الإعتقاد بعقوبة الله للكافرين إذا ماتوا على كفرهم.

 

أقرأ أيضاً الدرس الأول (سورة الأنفال)

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى