2025-06-22 10:23 ص
إدارة الموقع
2025-06-22 10:23 ص
تفسير سورة الأنفال

الدرس الثالث (سورة الأنفال)

من الآية (17-25) النهي عن الفرار من الزحف والأمر بطاعة الله ورسوله

في الآيات الـ 17 إلى 25 من سورة الأنفال تحدثت عن نهي الله من الزحف في الجهاد والأمر بطاعة الله ورسوله، وفي السطور التالية سنوضح لكم أكثر عن أهداف هذه الآيات والتفسير والبيان

أولاً/ أهداف الدرس

  1. إبراز حقيقة النصر أنه من عند الله.
  2. التنديد بالمتمردين عن طاعة الله ورسوله.

ثانياً/ التفسير والبيان

  1. (17) (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ) فلم تقتلوهم بحولكم وقوتكم مع كثرة عددهم وقلة عددكم ولكن الله هو الذي أضفركم بهم بحوله وقوته، (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) بالرعب يوم بدر في قلوب الأعداء إذ رميت في وجوههم بالحصباء، (وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى) بالرعب في قلوبهم فهزمهم ونصركم عليهم أو ما أوصلت الحصباء إلى أعينهم إذ رميتهم بها ولكن الله هو الذي أوصلها إليهم، (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ) اللام للتعليل متعلقة بمحذوف مؤخر وليحسن إليهم وينعم عليهم بالنصر والغنيمة فعل ما فعل لا شيء آخر والبلاء هنا محمول على الإحسان والنعمة ويطلق أيضاً على المحنة وأصله الإختبار وهو كما يكون بالنعمة لإظهار الشكر يكون بالمحنة لإظهار الصبر.
  2. (19) (إِن تَسْتَفْتِحُواْ) إن تطلبوا النصر لأعلى الجندين وأهدى الفئتين فقد جاءكم النصر حيث نصر الأعلى والأهدى قيل لهم هذا تهكماً بهم روي أنهم حين أرادوا الخروج إلى بدر تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا اللهم أنصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين فكان ذلك في نفس الأمر دعاء على أنفسهم لا على الرسول (ص) وأصحابه.
  3. (22) (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ) نزلت في نفرً من بني عبد الدار بن قصي كانوا يقولون: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد فقتلوا جميعاً يوم بدر ولم يسلم منهم إلا رجلان وإطلاق الدابة على الإنسان حقيقي لأنها تطلق على حيوان في الأرض مميز أو غير مميز.
  4. (24) (يُحْيِيكُمْ) يورثكم حياة أبدية في نعيم سرمدي (أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) يحول بين المرء وخواطر قلبه فيمنعه من حصول ما لم يرده منه فلا يقدر الإنسان أن يدرك من إيمان وكفر أو هي شيئاً إلا بمشيئة الله تعالى من الحول بين الشيء والشيء بمعنى الحجز والفصل بينهما وهو مجاز عن غاية قربه تعالى من العبد.
  5. (25) (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً) إحذروا إبتلاء من الله تعالى ومحنة تنزل بكم تعم المسيء وغيره والمراد التحذير من الذنوب التي هي أسباب الإبتلاء كإقرار المنكرات والرضا بها وإهمال المعروف والمداهنة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم قول الحق وتعطيل الحدود وإنتشار المعاصي قال الرسول (ص) (إذا ظهر السوء في الأرض انزل بأهل الأرض بأسه) قالت عائشة وفيهم أهل الطاعة لله؟ قال: (نعم ثم يصرون إلى رحمة الله) رواه الطبراني.

ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه

(سمع) وردت على وجهين

  • الوجه الأول: وردت بمعنى سمع القلب قال تعالى (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُون).
  • الوجه الثاني: وردت بمعنى سمع الأذنين قال تعالى (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).

رابعاً/ أسباب النزول لهذه الآيات في سورة الأنفال

  1. سبب نزول الآية (19) (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ…) روى الحاكم عن عبدالله بن ثعلبة بن صفير قال: كان المستفتح أبو جهل فإنه قال حين التقى القوم: أيناً كان أقطع للرحم وأتى بما لا يعرف فأحنه (أهلكه) الغداة وكان ذلك استفتاحاً فأنزل الله (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ) إلى قوله تعالى (وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِين).
  2. سبب نزول الآية (25) (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً…) تأولها الزبير بن العوام والحسن البصري والسدي وغيرهم لأنها يوم وقعة الجمل سنة ست وثلاثين قال الزبير: نزلت فينا وقرأناها زماناً وما أرانا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها وقال الحسن: نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير وهو يوم الجمل خاصة وقال السدي: نزلت في أهل بدر فاقتتلوا يوم الجمل، وروي أن الزبير كان يساير النبي (ص) يوماً إذ أقبل علي (ض) فضحك إليه الزبير فقال رسول الله (ص) كيف حبك لعلي؟ فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي إني أحبه كحبي لولدي أو أشد حباً قال: فكيف أنت إذا سرت إليه تقاتله؟ الكشاف وقال ابن عباس (ض) نزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله (ص) وقال أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر فيما بينهم فيعمهم الله بالعذاب)
    عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله (ص) (يكون بين ناس من أصحابي فتنة يغفرها الله لهم بصحبتهم إياي يستن بهم فيها ناس بعدهم يدخلهم الله بها النار) تفسير القرطبي.

خامساً/ وقفات مع الآيات من سورة الأنفال

  1. الوقفة الأولى: المؤمنون مكلفون باتخاذ الأسباب كاملة والقيام بالتكاليف التي كلفوا بها من الله سبحانه ثم يتوكلون على الله ويفوضون الأمر إليه أما تحقيق النتائج والأهداف فهو متروك قطعاً لله عز وجل (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ).
  2. الوقفة الثانية: كان الإخلاص في الجهاد وصدق اللقاء والثقة بالله سبب رضوان الله على أهل بدر واعطائهم البلاء الحسن.
  3. الوقفة الثالثة: إن كل قوى الكفار تتبدد أمام قدرة الله  وإرادته ونصره عباده المؤمنين فأوهن الله كيدهم وألقى الرعب في قلوبهم.
  4. الوقفة الرابعة: إن الله تعالى أملك لقلوب العباد منهم وهو المتصرف في جميع الأشياء.
  5. الوقفة الخامسة: الحث على لزوم الإستقامة خوفاً من عقاب الله تعالى.
  6. الوقفة السادسة: تذكر النعم الجليلة التي أنعم الله بها على المؤمنين والمبادرة إلى شكرها والنعم المذكورة في الآيات هي 1- النصر والتمكين 2- كسر شوكة العدو وايهان كيده.
  7. الوقفة السابعة: لم يكن شرك العرب متمثلاً في انكار الله ولا في عدم معرفتهم الحقيقة وإنما كان يتمثل أكثر ما يتمثل في عدم إخلاصهم العبودية له ولذلك يتلقى منهج حياتهم وشرائعهم من غيره وهو ما لم يكن متفقاً مع إقرارهم بألوهية الله ومعرفتهم الحقيقية.
  8. الوقفة الثامنة: إن رسول الله (ص) يدعوهم إلى ما يحييهم إلى الحياة بكل صورها ومعانيهم فهو يدعوهم إلى عقيدة تحيي القلوب والعقول ويدعوهم إلى شريعة من عند الله تعالى تحرر الإنسان وتكريمه ويدعوهم إلى منهاج للحياة ومنهاج للفكر ومنهاج للتصور، ويدعوهم إلى القوة والعزة والإستعلاء بعقيدتهم ومنهجهم والثقة بدينهم وبربهم ويدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله.
  9. الوقفة التاسعة: إن الفتنة التي أمر الله المؤمنين بأن يتقوها هي عقوبة التقصير بعدم مقاومة الظلم الذي يقع من الظلمة على أفراد الأمة سواء تمثل ذلك الظلم بانتزاع حق الله في التشريع أو سلب حقوق الأفراد المادية أو احتكار السلطة بيد فئة من الناس دون غيرهم أو تزوير إيرادة أفراد الشعب أو بتبديد ثروات الأمة أو بعدم قيام الحكام بواجبهم نحو الشعوب من إستتباب الأمن واستغلال الثروات لما يخدم أفراد المجتمع أو ينشر العدل أو القيام بالخدمات أو ينشر العلم وغير ذلك من الحقوق.

سادساً/ الأحكام المستنبطة من الآيات

  • وجوب إجابة دعوة الله والرسول وإطاعتهما
  • وجوب تجنب أسباب الفتنة والبلاء والعذاب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوحيد الكلمة ومقاومة الظلم والإستبداد بشتى الوسائل السليمة والممكنة
  • وجوب شكر النعمة التي أنعم الله بها على العباد
  • تحريم عدم الإستجابة لله ورسوله عند وضوح الأمر بنصوص صحيحة صريحة.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى