تفسير سورة الأحزاب
الدرس التاسع عشر (سورة الأحزاب)
من الآية (63 - 68) وعد الله بقيام الساعة وبيان عقوبة الله للكفار والمنافقين

في درسنا التاسع عشر لسورة الأحزاب والتي كانت من (63-68) وعد الله بقيام الساعة وبيان عقوبة الله للكفار والمنافقين، وسوف نوضح لكم أهداف هذه الآيات البينات وتفسيرها وما ترشد إليها:
أولاً/ أهداف الدرس
- بيان أن علم الساعة من الغيب المطلق.
- تهديد الله تعالى للكافرين والمنافقين بالعقوبة الموجعة.
ثانياً التفسير والبيان:
- (68) (رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ…) عذابين يضاعف كل واحد منهما الآخر عذاباً على ضلالهم في انفسهم وعذاباً على إضلالهم للناس.
ثالثاً/ الكلمات التي وردت في القرآن الكريم لأكثر من وجه
(ولي) وردت على (8) أوجه:
- الوجه الأول: وردت بمعنى النصير قال تعالى (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لاَّ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا).
- الوجه الثاني: وردت بمعنى الولد قال تعالى (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا).
- الوجه الثالث: وردت بمعنى المعين قال تعالى (وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا).
- الوجه الرابع: وردت بمعنى القريب قال تعالى (يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلاَ هُمْ يُنصَرُون).
- الوجه الخامس: وردت بمعنى الرب قال تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا…).
- الوجه السادس: وردت بمعنى الورثة قال تعالى (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ…).
- الوجه السابع: وردت بمعنى الولاء قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ).
- الوجه الثامن: وردت بمعنى المعتق قال تعالى (فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ).
رابعاً/ وقفات مع الآيات
- الوقفة الأولى: في الآية (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ…) قد كانوا يفتأتون يسألون النبي (ص) عن الساعة التي حدثهم عنها طويلاً وخوفهم بها طويلاً ووصف القرآن مشاهدها حتى كأن قارئه يكاد يراها يسألونه عن موعدها ويستعجلون هذا الموعد ويحمل هذا الإستعجال معنى الشك فيها أو التكذيب بها أو السخرية منها بحسب النفوس السائلة وقربها من الإيمان أو بعدها منه والساعة غيب قد اختص الله به سبحانه ولم يشأ أن يطلع عليه أحداً من خلقه جميعاً بما فيهم الرسل والملائكة المقربون (حديث جبريل).
- الوقفة الثانية: في الآية (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا) إن الله تعالى طرد الكافرين من رحمته وهيأ لهم ناراً مسعرة متوقدة فهي معدة جاهزة حاضرة وهم باقين فيها عهد طويلاً لا يعلم مداه إلا الله ولا نهاية له إلا في علم الله حيث يشاء الله وهم مجردون من كل عون محرومون من كل نصير فلا أمل في الخلاص من هذا السعير بمعونة من ولي ولا نصير.
- الوقفة الثالثة: في الآية (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ…) والنار تغشاهم من كل جهة فالتعبير على هذا النحو يراد به تصوير الحركة وتجسيمها والحرص على أن تصل النار إلى كل صفحة من صفحات وجوههم زيادة في النكال ويتمنون أمنية طائعة لا موضع لها ولا استجابة فقد فات الأوان إنما هي الحسرة على ما كان.
- الوقفة الرابعة: في الآية (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ) ثم تنطلق من نفوسهم النقمة على ساداتهم وكبرائهم الذين أضلوهم وبالإنابة إلى الله وحده حيث لا تنفع الإنابة هذه هي الساعة ففيم السؤال عنها إن العمل لها هو المخلص الوحيد من هذا المصير المشؤوم فيها.
خامساً/ ما ترشد إليه الآيات
- لما توعد الله المؤذين لرسول الله (ص) بالعذاب سألوا عن الساعة استبعاداً وتكذيباً موهمين أنها لا تكون فأجابهم الله بأن علمها عند الله وليس في إخفائها عن رسول الله (ص) ما يبطل نبوته فليس من شرط النبي أن يعلم الغيب بغير تعليم من الله تعالى.
- إن وقت حصول الساعة (القيامة) في زمن قريب وقد اخفى وقتها ليكون الناس مستعدين لها وهذا إشارة إلى التخويف.
- إن الله عاقب الكافرين بالطرد والإبعاد من رحمته وباعداد نار جهنم المستعرة الشديدة الإيقاد وهم فيها خالدون ولا يوجد لهم شفيع.
- يتمنى الكافرون في أثناء العذاب في نار جهنم أن لو كانوا أطاعوا الله وأطاعوا الرسول بالإيمان والأعمال الصالحة وأخلصوا له.
- إنهم يقولون أيضاً على سبيل الأسف والإعتذار غير المفيد إنا أطعنا القادة والأمراء والأشراف وعلماء السوء بدل طاعة الله تعالى ورسوله فبدلنا الخير بالشر وأضلونا عن السبيل الصحيح وهو توحيد الله تعالى.
- لا يجدون بداً من المطالبة على سبيل التشفي والإنتقام بمضاعفة العذاب على أولئك المضلين عذاب الكفر وعذاب الإضلال أي عذبهم مثلي ما تعذبنا فإنهم ضلوا وأضلوا.