2025-06-09 6:48 م
إدارة الموقع
2025-06-09 6:48 م
قالوا عن الرحيل

الرجل الصالح

كتبها/ عبدالعزيز أحمد الصناحفي

بهذه الهتافات كان يبدأ يومه لإيقاظ جيرانه لصلاة الفجر، وعلى صوته الندي يصحو حيّنا الذي كان  محظوظاً بوجود ذاك الرجل الصالح في الحي، هذا ما  كتبه م. عبدالعزيز أحمد الصناحفي عن الأستاذ/ محمد علي إسماعيل:

الرجل الصالح

يا ربيع: الصلاة خير من النوم..

يا عاصم: الصلاة خير من النوم..

يا فلان: الصلاة خير من النوم..

ثم يتوجه إلى المسجد ليصلي الفجر في جماعة ويكمل بعدها أذكاره وورده القرآني في المسجد أو في بيته في جماعة أو منفرداً، ثم يذهب باكراً إلى مقر عمله ماشياً على قدميه إلى ملتقى الباصات ويركب الباص مع عامة الناس وحين يصيبه التعب أو يطول مشواره يستعمل سيارته.

يقضي عمله في منتهى الدقة والتفاني إلى أن يحين موعد صلاة الظهر تجده بالصف الأول يومياً في المسجد القريب من مقر عمله كما هو دأبه في الصلوات الخمس.

وفي ذهابه وإيابه يتفقد كل أهله وجيرانه وأصدقاءه ويسلم على كل من يلتقي به ويسأله عن حاله وحال أهله، وحال ذلك المريض الذي عاده قبل أيام، وحال ذلك الغائب إن كان قد عاد، وحال ذلك اليتيم كيف أصبح وماذا يحتاج، ويسأل عن كل ما يسأله الأب عن أبناءه، وأينما وجد قصوراً أو احتياجاً في حال أي منهم فلا يسألك عن الحل ما هو؟

بل يبادر ويجيب هو بنفسه ويقول لك إذاً هذا يحتاج كذا وكذا وسنعمل له كذا وكذا بالوقت كذا واليوم كذا ثم يسلّم وينصرف كل هذا بما لا يتجاوز دقيقة واحدة من وقته.

إنه الأستاذ / محمد علي اسماعيل اليوسفي

إنه ذلك الأب المحب الحنون للبعيد قبل القريب فحين يعود إلى الحي أو يخرج من منزله إلى المسجد يستقبله أطفال الحي ويتركون لعبهم ولهوهم ويتوجهون إليه يرتمون في حضنه ويحتلقون عليه يقبلونه ويقبلهم ويداعبهم.

وهو ذلك المرجع والحل عندما يحتدم الخلاف ويصعب الأمر بين الصغار والكبار والقادة والبسطاء والتجار والعمال الكل يحتكم إلى الأستاذ محمد علي إسماعيل ويرتضي بحكمه ويسمع لنصحه.

وهو الآمر بالعروف عند غياب المعروف والناهي عن المنكر وقت ظهوره.

وله السبق والريادة في العمل المؤسسي والتنموي إذ أنه المؤسس الأول والعقل المدبر لأكبر المؤسسات التنموية التي تعمل في تعز وهي جمعية بناء ثم من بعدها مؤسسة أفق التعليمية.

وهو الكاتب والمؤلف والأديب في الجوانب الدينية والثقافية والعلمية في وجه الخصوص كرسالة المؤسسة التعليمية وترسيخ الثقافة العلمية الصحيحة حيث كان رحمة الله عليه يولي التعليم اهتماماً كبيراً لإدراكه أن التعليم هو سر نهوض الشعوب حيث بدأ الفقيد حياته المهنية معلماً في المدرسة واختتمها معلماً في الحياة وقدوة حسنة لكل من عرفه.

اتّسم وعُرف رحمة الله عليه بصدقه في كل الأمور، وإخلاصه لقضايا بلاده وأمته، وتواضعه المتناهي، ودقته في المواعيد التي لا مثيل لها قطعياً فلا يتأخر عن موعدٍ قَطَعَه ولو لدقيقة واحدة مع كل الناس، فحين يكون لي موعدٌ مع الاستاذ محمد علي اسماعيل اضبط منبه جوالي على الموعد والجوال الآخر كذلك وأوصي أهلي بأن يوقظوني بالموعد وقبل أن استيقظ ألتقي به في منامي من شدة تفكيري وحرصي على أن لا اتأخر عن موعده.

عاش رحمة الله عليه عالماً وشيخاً ومعلماً ومرشداً وأباً، فإذا اجتمع علماء الدين تجده واحداً منهم، واذا التقى القادة والوجهاء تجده بينهم، واذا ذكر الحكماء والزهاد يذكر اسم الأستاذ محمد علي اسماعيل على رأسهم ويشار إليه بالبنان، وإذا احتاج الضعفاء واليتامى والمساكين تجده حاضراً إلى جانبهم.

فقدنا وفقدت تعز والوطن هامة شامخة وشخصية لن يكررها التاريخ أبداً فعزائنا لأنفسنا ولأولاده وكل أهله ومحبيه والوطن أجمع، وطيب الله ثراك كما طيب ذكراك وأنار قبرك كما أنار وجهك حياً وميتاً يا حبيبنا ومعلمنا.

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى