2025-06-19 6:03 ص
إدارة الموقع
2025-06-19 6:03 ص
تفسير سورة الأنعام

تفسير سورة الأنعام .. الدرس الثامن

سنواصل معكم في هذه المقالة دروس وتفسير سورة الأنعام وذلك من الآية الـ 37 وحتى الآية الـ 39 وسنوضح لكم أيضا أهداف الدرس، وأسباب النزول، والكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه وغيرها.

هدف الدرس الثامن سورة الأنعام

إبراز قدرة الله على كل شيء ورحمته بمخلوقاته وحث الإنسان إلى اللجوء إلى الله في جميع شؤونه، فالله وحده قادر على تغيير الأحوال من حال إلى حال.

التفسير والبيان

  • (38) (إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم) طرائف مختلفة أمثالكم في الخلق والموت والحاجة إلينا في الرزق والتدبير في جميع أمورها والدلالة على كمال القدرة وبديع الصنعة في تسخيرها وتصريفها بقدرتنا، (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) ما تركنا في القرآن شيئاً مما يحتاج إليه الناس في أمر الدنيا والآخرة إما مفصلاً وإما مجملاً أو شيئاً يحتاج إليه المكلفون من أصول الدين وأحكامه وحكمه وضروب الهدى التي جاءت بها الرسل وقيل الكتاب: اللوح المحفوظ، وفرطنا من التفريط وهو التقصير ويقال فرّط في الأمر تفريطاً قصّر فيه وضيعه وقدم العجز فيه والجملة معترضة لتقرير مضمون ما قبلها.
  • (39) (فِي الظُّلُمَاتِ) ظلمات الجهل والعناد والفكر،( مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ) من يُرد سبحانه خلق الضلال فيه يخلقه فيه حسب اختياره الناشئ عن استعداده بحيث لو خلي ونفسه لاختاره.
  • (40) ( أَرَأَيْتُكُم) أخبروني عن حالتكم العجيبة؟ والهمزة للإستفهام، وأي بمعنى علم وتتعدى إلى مفعولين، والتاء ضمير الفاعل وما بعده حرف خطاب يدل على إختلاف المخاطب أُوتي به للتأكيد، والمفعول الأول محذوف تقديره أغير الله تدعونه لكشفه؟ والمعنى أرأيتكم عبادتكم الأصنام هل تنفعكم؟ أو هل تكشف عنكم ضركم؟ أخبروني عن ذلك إن كنتم صادقين في أن أصنامكم آلهة وأن عبادتكم لها نافعة، وفي استعمال أرأيت بمعنى أخبرني تجوّز: إطلاق الرؤية وإرادة الإخبار، لأن الرؤية سبب له، وجعل الإستفهام بمعنى الأمر بجامع الطلب في كل منهما.

الكلمات التي وردت في القرآن لأكثر من وجه

(رأى) وردت على (5) أوجه:

  1. الوجه الأول: وردت بمعنى يعلم قال تعالى ({قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ…) وقال تعالى (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ…) وقال تعالى (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ…) وقال تعالى (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا…) وقال تعالى (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا) وقال تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا…).
  2. الوجه الثاني: وردت بمعنى المشاهدة والمعاينة قال تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) وقال تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ…) وقال تعالى (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ...) وقال تعالى (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ…).
  3. الوجه الثالث: وردت بمعنى تنظر قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ…) وقال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ…) وقال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ…).
  4. الوجه الرابع: وردت بمعنى الإخبار قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ…)
  5. الوجه الخامس: وردت بمعنى الإعتبار قال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل…) وقال تعالى (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى…).

وقفات مع آيات الدرس الثامن سورة الأنعام

  • الوقفة الأولى: (وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ…) لقد كانوا يطلبون آية خارقة كالخوارق المادية التي صاحبت الرسالات السابقة ولا يقنعون بآيات القرآن الباقية التي تخاطب الإدراك البشري الراشد وتعلن عهد الرشد الإنساني وتحترم هذا الرشد فتخاطبه هذا الخطاب الراقي والتي لا تنتهي بإنتهاء الجيل الذي يرى الخارقة المادية بل تظل باقية تواجه الإدراك البشري بإعجازها إلى يوم القيامة.
  • الوقفة الثانية: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ…) إن الناس ليسوا وحدهم في هذا الكون حتى يكون وجودهم مصادفة وحتى تكون حياتهم سدى، إن حولهم أحياء أخرى كلها ذات أمر منتظم يوحي بالقصد والتدبير والحكمة ويوحي كذلك بوحدة الخالق ووحدة التدبير الذي يأخذ به خلقه كله.
  • الوقفة الثالثة: (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ…) وهو اعادة لتقرير الحقيقة التي مضت في هذه الجولة عن استجابة الذين يسمعون وموت الذين لا يستجيبون ولكن في صورة أخرى ومشهد آخر إن الذين كذبوا بآيات الله المبثوثة في الكون وآياته المسجلة في القرآن الكريم إنما كذبوا لأن أجهزة الإستقبال فيهم معطلة إنهم صم لا يسمعون بكم لا يتكلمون، غارقون في الظلمات لا يبصرون.
  • الوقفة الرابعة (قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ…) ثم يأخذ بأيديهم ليوقفهم على مصارع الغابرين من أسلافهم وفي الطريق يريهم كيف تجري سنة الله وكيف يعمل قدر الله ويكشف لأبصارهم وبصائرهم عن استدراج الله لهم بعد تكذيبهم برسله وكيف قدم لهم الإبتلاء تلو الإبتلاء بالبأساء والضراء ثم الإبتلاء بالرخاء والنعماء وأتاح لهم الفرص لينتبهوا من الغفلة ولكن لم ينتبهوا فيقعون بالعذاب ولا يجدون من ينقضهم منه فيتساءل القرآن معهم (أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِين) ثم يبادر فيقرر الجواب الصادق المطابق لما في فطرتهم بالفعل ولو لم تنطق به ألسنتهم (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُون).

الأحكام المستنبطة من الآيات

  1. الحكم الأول: ترشد الآيات إلى ضرورة البحث والدرس في طبائع الحيوان والإستفادة منها فإن جميع ما في الأرض مخلوق لمصلحتنا ومنفعتنا.
  2. الحكم الثاني: الإعتقاد بأن البهائم تحشر كما يحشر الناس يوم القيامة وتجازى كما يجازى الناس قال الرسول (ص) (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاه الجلحاء من القرنا (رواه وسلم)
  3. الحكم الثالث: الإيمان بأن الضلالة والهداية إلى الإسلام بمشيئة الله على وفق علمه ومشيئته.
  4. الحكم الرابع: إن القرآن قد أحاط بجميع أصول الأحكام وأصول العلوم من العلم في الكتاب أو بما أرشد اليه الكتاب.

اقرأ أيضا: تفسير سورة الأنعام .. الدرس التاسع

Author

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى