تأمين حرية الدين

في سبيل تأمين حرية الدين، اعتمد الإسلام على أساليب الإقناع لهداية الناس بأنواعهم المختلفة وترك للإنسان حرية الاختيار قال تعالى{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين}[المائدة:15] ال عمران ١٩٠-١٩١ الحج ٤٦ الإسراء ١٧٩ الأعراف
تأمين حرية الدين
- فبعد عرض أحكام الإسلام على الناس ترك لهم حرية الاختيار قال تعالى {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِين}[يونس:99]
- ومن الأساليب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة قال تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين}[النحل:125]
- وكما وجب على الأمة الإسلامية إيصال الهدى إلى الناس أيضا اوجب عليها حماية حرية الاعتقاد قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِير}[الأنفال:39]
- وفتنة المؤمنين سواءا بالقتل او التعذيب او بالتشكيك في دينهم وقد رسخ الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده هذا المبدأ ومنعوا كل من ينتهك حرية التدين ولو بالقوة قال تعالى{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}[النساء:75]
- رسخ الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون مبدأ التدرج مع المشركين من خلال الحوار والمفاوضات على النحو التالي : قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( اذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأين هم اجابوك إليها فأقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى الإسلام فإن هم اجاوبك فأقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين واعلمهم انهم إذا فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن اجابوك واختروا دارهم فاعلمهم انهم يكونوا كاعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم من الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فأستعن بالله تعالى وقاتلهم واذا حاصرت أهل حصن فأرادوك ان تنزلهم على حكم الله تعالى فلا تنزلهم فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم ولكن انزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم ما شئتم ….) اخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه واحمد واخرجه الالباني في صحيح ابن ماجه
منع الإكراه في الدين
إن النص الإسلامي بين الارتباط الوثيق بين الإكراه في الدين وعدم الاخلاص في التدين قال تعالى{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[البقرة:265] فجعل القرآن الإكراه في الدين فتنه توجب على المسلمين القتال ضدها حتى يرتفع الحرج عن ضمائر البشر فيعبدون ربهم دون قهر او إجبار قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِير}[الأنفال:39]
عن جابر رضي الله عنه ان اعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فجاء الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال اقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي من المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما المدينة كالكير تنفى خبثها وينصع طيبها ) صحيح البخاري
لم يعاقبه الرسول صلى الله عليه وسلم بإي عقوبة رغم ارتداده عن الإسلام
- فحرية التدين ليست فريضة أخلاقية فقط بل هي قانون وجودي
- لم يرد قط عن النبي أنه قتل شخصا بتهمة الردة رغم ورود أخبار عن أفراد من المسلمين الأولين في العصر النبوي ارتدوا ولم يقتلوا
الأمثلة
الأعرابي الذي ذكرت قصته قال البيهقي ( وقد آمن بعض الناس ثم ارتدوا ثم أظهر الإيمان فلم يقتله الرسول ومنهم من لم يرجع إلى الإسلام ابدا بل ازداد كفرا على كفره أما حديث ( من بدل دينه فاقتلوه ) صحيح البخاري
فيعتبر الحديث من العام المخصوص ومخصصه ما ورد في احاديث أخرى قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) صحيح مسلم فنحصر العقوبة في من جمع بين الردة الاعتقادية والموقف السياسي والعسكري الممزق للمجتمع ) هذه المسالة فيها خلاف