
لخص الإمام ابن القيم –رحمه الله- الفرق بين الخشية والخوف في “مدارج السالكين”، فقال: الخوف اضطراب القلب، وحركته من تذكر المخوّف..، وقيل: الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره، والخشية أخصّ من الخوف؛ فإن الخشية للعلماء بالله، قال الله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء (فاطر:28)، فهي خوف مقرون بمعرفة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أتقاكم لله، وأشدكم له خشية، فالخوف حركة، والخشية انجماع، وانقباض، وسكون. انتهى بتصرف يسير.
أولاً/ معنى الخشية والخوف والرهبة والوجل
- الخوف: هو اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف قال تعالى ﴿یَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ وَیَفۡعَلُونَ مَا یُؤۡمَرُونَ ۩﴾ [النحل ٥٠]
- الخشية: هي خوف مقرون بمعرفة الله قال تعالى {…. إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُا۟ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر ٢٨]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية) متفق عليه.
- الرهبة: هي إمعان في الهروب من المكروه وهي ضد الرغبة والتي هي سفر القلب في طلب المرغوب فيه قال تعالى {… وَیَدۡعُونَنَا رَغَبࣰا وَرَهَبࣰاۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَـٰشِعِینَ﴾ [الأنبياء ٩٠]).
- الوجل: هو رجفان القلب وانصداعه لذكى من يخاف سلطانه وعقوبته أو لرؤيته قال تعالى ﴿وَٱلَّذِینَ یُؤۡتُونَ مَاۤ ءَاتَوا۟ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَ ٰجِعُونَ﴾ [المؤمنون ٦٠].
- الهيبة: هي خوف مقرون بالتعظيم والإجلال وأكثر ما يكون مع المحبة والمعرفة.
- الإشفاق: هو الخوف مع التوقع الشديد قال تعالى ﴿قَالُوۤا۟ إِنَّا كُنَّا قَبۡلُ فِیۤ أَهۡلِنَا مُشۡفِقِینَ﴾ [الطور ٢٦].
- الإجلال: هو تعظيم مقرون بالحب
فالخوف لعامة المؤمنين، والخشية للعلماء والعارفين، والهيبة للمحبين، والإجلال للمقربين
قال بعض العلماء: الإنسان كالطائر: المحبة رأسه فإذا قطع الرأس مات والخوف والرجاء جناحه فإذا قطعت الأجنحة بقي عرضة للاصطياد
ثانياً/ مقدار الخوف المحمود:
هو ما حال بين صاحبه ومحارم الله عز وجل.
ثالثاً/ إن خشية الله ملازمة لكل مخلوق حتى الجماد
قال تعالى ﴿لَوۡ أَنزَلۡنَا هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلࣲ لَّرَأَیۡتَهُۥ خَـٰشِعࣰا مُّتَصَدِّعࣰا مِّنۡ خَشۡیَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر ٢١] وقال تعالى ﴿…. وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا یَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡیَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ﴾ [البقرة ٧٤] ولا يجوز الخشية من غير الله قال تعالى ﴿…. فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِی وَلِأُتِمَّ نِعۡمَتِی عَلَیۡكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ﴾ [البقرة ١٥٠].
رابعاً/ أساليب غرس الخشية في النفس الإنسانية:
- القول اللين المقنع قال تعالى ﴿فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلࣰا لَّیِّنࣰا لَّعَلَّهُۥ یَتَذَكَّرُ أَوۡ یَخۡشَىٰ﴾ [طه ٤٤].
- الهداية بآيات الله قال تعالى ﴿وَأَهۡدِیَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ﴾ [النازعات ١٩].
خامساً آثارها على الفرد والمجتمع:
- على الفرد: التأثر بآيات الله قال تعالى ﴿إِلَّا تَذۡكِرَةࣰ لِّمَن یَخۡشَىٰ﴾ [طه ٣].
- أن يكون ممن يستحقون الشفاعة قال تعالى ﴿…. وَلَا یَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ وَهُم مِّنۡ خَشۡیَتِهِۦ مُشۡفِقُونَ﴾ [الأنبياء ٢٨].
- هي سبب لدخول الجنة والتمتع بنعيمها قال تعالى ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِیظࣲ﴾ [٣٢] ﴿مَّنۡ خَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِ وَجَاۤءَ بِقَلۡبࣲ مُّنِیبٍ﴾ [٣٣ ق].
- سبب لمغفرة الله قال تعالى ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَیۡبِ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرࣱ كَبِیرࣱ﴾ [الملك ١٢]
- على المجتمع قال تعالى ﴿وَٱلَّذِینَ یَصِلُونَ مَاۤ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن یُوصَلَ وَیَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَیَخَافُونَ سُوۤءَ ٱلۡحِسَابِ﴾ [الرعد ٢١]